أقلام ثقافية

إبن العبري الطبيب المؤرخ!!

صادق السامرائيأبو فرج غريغوريوس هارون بن توما الملطي الملقب بإبن العبري (1226-1286) ميلادية، طبيب ومؤرخ وفيلسوف لاهوتي موسوعي، ولد بملطية بولاية ديار بكر وهرب مع أبيه (وكان طبيبا) إلى إنطاكية عندما توجه التتر إلى الولاية، وفي أنطاكية تعلم العربية والطب وطاف بين مدن المنطقة وفيها تعلم السريالية والفارسية، وإنقطع للعبادة والكتابة ولم يتزوج.

توفى في مراغة ودفن في دير مار متي بالموصل.

لم ينقطع عن التأليف طوال حياته، فوضع أكثر من (30) كتابا أكثرها بالسريانية، وقليل منها بالعربية، وكتب في التأريخ والطب والفلسفة والدين والأدب، وعمل في الترجمة من العربية إلى السريانية.

من مؤلفاته:

مختصر تأريخ الدول، منافع أعضاء الجسد، منتخب جامع المفردات في الأدوية المفردة، شرح فصول أبقراط، تحرير مسائل حنين بن إسحاق. وغيرها.

ما يميزه أنه برز في زمن الإضطرابات الشديدة التي عصفت بالمنطقة، وتمكن من التأليف والتفاعل مع أبناء ملته والوصول إلى درجة متقدمة في المراتب اللاهوتية، وعكف على الكتابة بحيادية وإنصاف دون كلل أو ملل، وبذلك تحدى الصعوبات وإجتاز المخاطر والعقبات، وأسس لمشروعه الثقافي التنويري لأبناء الأمة أجمعين.

وبرغم ما يقال عن أصل تسميته ومساراته في التدين، فأنه قامة معرفية ذات تأثيرات إنسانية حضارية في أبناء الأمة دون تمييز، وبهذا عبر عن إنتمائه الصادق لأمته التي أمدته بمعين الروح الإبداعية الأصيلة.

ويقدم لنا مثلا على أن مكونات الأمة المتنوعة تكنز روحها، وتمثل إرادتها المتحدية للصولات الهمجية، التي تريد النيل من جوهرها ومحق معالمها وعناصر هويتها الخالدة السمحاء.

كما أنه أثبت بسلوكه الإنساني قيم ومعاني الأخلاق النبيلة السامية لأبناء الأمة، التي تتأكد في ربوعها برغم الشدائد والويلات التي تعصف بها.

فتحية لهذا الرمز المعرفي، الذي أوقد أنوار الروح والعقل والنفس الطيبة في روافد الأجيال.

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم