أقلام ثقافية

صادق السامرائي: أحمد بن الطيب السرخسي المقتول!!

صادق السامرائيأبو العباس أحمد بن محمد بن مروان السرخسي (246 - 286) هجرية، ولد في مدينة (سرخس)، وهو من تلامذة الكندي، وعرف بالظرف والمجون والذكاء وحلاوة الشعر، ويهوى الأدب والشعر.

كان معلما للمعتضد (279 - 289) هجرية، ثم نادمه وولاه الحسبة، وكان يفضي له بأسراره ويستشيره في أمور كثيرة، وكان الغالب عليه علمه لا عقله، وقد أفضى المعتضد إليه بسر فأفشاه فكان سببا لقتله.

برز في النثر والبلاغة، وإجادته للتأليف، وهو رياضي، ومنظر موسيقي، وعالم ومستشار وجعرافي وفيلسوف، ولديه أكثر من أربعين مؤلفا.

مؤلفاته:

ومنها: " العشق، الشطرنج، الطبيخ، القيان، البهق والنمش والكلف، الخضابات المسودة للشعر، الحسبة الصغيرة، اللهو والملاهي، نزهة الفكر الساهي في الغناء والمغتين، المجالسة والمنادمة، المدخل إلى الموسيقى، وصايا فيثاغورس، الموسيقى الكبير، أدب الملوك، زاد المسافر وخدمة الملوك، ألفاظ سقراط، كتاب في البول، المدخل إلى صناعة النجوم، السياسة الصغير، المسالك والممالك، كتاب في النفس، كتاب في العقل"، وغيرها الكثير.

هذا شاب ألمعي نابغة في المعرفة والعلوم، يعلم الخليفة ثم يكون نديمه ومستشاره، هذا ما لا يتوافق وطبائع النفس البشرية وقوانين السلوك، فنهايته حتما ستكون مأساوية، فهل وجدتم صاحب كرسي يقبل أن يكون معلمه عندما كان حدثا مرافقا له وعلى رأسه ونديمه، إن في هذا خلل سلوكي فادح.

ويبدو أن السرخسي كان منشغلا بأمور أذهبت عقله وأفقدته البديهية، فكان من الأفضل له أن يبتعد عن الخليفة الذي كان يعلمه ويؤدبه في صباه، ويضع حدودا بينهما، لكنه تمادى في طيشه وسلوكه الذي لا تحمد عقباه، فكانت نهايته على يد المعتضد.

وأيا كانت التفسيرات والروايات والقصص المختلقات، فأن النهاية واحدة، ومعادلة التفاعل السلوكي بينهما لا بد لها أن تفضي إلى هذه النتيجة النكبوية الشنعاء.

المعتضد كان دمويا شرسا، قتل معلمه، ومات بعده بثلاث سنوات، وما أصاب السرخسي أصاب معظم العقول التي تقربت من الكراسي، وتوهمت بأنها في مأمن من شرورها، ومكائدها وتقلبات أمزجتها، والتأريخ يحفل بالعديد من الضحايا العلماء.

والناجون من سطوة الكراسي هم الذين إعتنقوا العلم وما تقربوا منها.

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم