أقلام ثقافية

صادق السامرائي: اللغة مرآة النفس!!

صادق السامرائيالكلام يخبرنا عما فينا، وبغيره لا نرى ما يعتلج في الأعماق البشرية، وإن تمكنا من الإستدلال على شيئ منها باللغة البدنية وقسمات الوجه وما توحي به العيون، لكن الكلام وأداته اللغة، يبقى المعبر الأوضح عما فينا، ولهذا قيل ومنذ زمن بعيد: " تكلم حتى أراك".

والتعبير باللغة قولا وكتابة يكشف الحالة التي يعاني منها الإنسان، وبالكلمات يتحقق البوح الأصدق عن مشاعره وعواطفه وبث شكواه والإفصاح عن أفكاره.

فتجد الإقترابات في العلوم النفسية تعتمد على الكلام، للتخلص من المعاناة الباثولوجية الفاعلة في دنيا الإنسان.

ومع تقدم العلوم والمعارف، تطورت المداخلات الكلامية وصار لها أساليب، وتقنيات ذات تأثيرات فاعلة في المداواة.

والكلام طيب وخبيث، والطيب يداوي ويشافي، والخبيث يتسبب بأمراض وعلل، وعاهات سلوكية تدمر الواقع الذي تبرز فيه.

ومن الواضح أن التعرف على الشخص يحتاج لتفاعل كلامي معه، وبغياب هذا التواصل يبقى مجهولا ومبهما.

فالصمت كالمتراس أو الدرع، وهناك بشر يتحجبون بالصمت، ويرفعون شعار أن رقبتي أطول من رقبة ألف بعير.

واللغة المكتوبة تكشف عما يجيش في أعماق كاتبها، وهي المرآة الحقيقية التي ترينا صورته، ومجموع ما يُكتب في الصحف والمواقع، يعكس الحقيقة الفاعلة في المجتمع والمؤثرة في مسيرته.

ويمكن فهم المجتمع بما تخطه أقلامه، لأنها تبث بالكلمات ما يجيش في وعيها الجمعي والفردي، ويمكن القول أنه ينضح من إناءٍ واحدٍ، ولهذا تتشابه الكتابات وإن إختلفت بمفرداتها وأساليبها، فكل منها يعكس جزءً من الصورة الكبيرة للمجتمع، وبمجموعها تشكل لغزا يمكن حله بوعيها جميعا.

فالمكتوب في المواقع المتعددة رغم تنوعه يمتلك قواسم مشتركة، ويترابط بآليات قد تبدو خفية لكنها تتضح بتفحص بسيط.

فالكتابة إنعكاس صادق لما يعتمل في دنيا الأفراد، والذي يمثل ما يدور في أروقة المجتمع، ودياجير اللاوعي الفاعل بالأحداث.

فهل سنرى أنفسنا وسنعرف مجتمعنا؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم