أقلام ثقافية

نهاد الحديثي: نحو استراتيجية وطنية للثقافة

يقول الكاتب الاردني المعروف ابراهيم بدران في كتابه نحو استراتيجية وطنية للثقافة، يجب وضع خطوط عريضة لمشروع وطني للنهوض بالقطاع الثقافي بمختلف قوالبه الإبداعية، ودعا لضرورة التجسير بين ثقافة النخبة وثقافة المجتمع التي لا تزال ضعيفة عند الدول النامية ومنها الدول العربيه، مضيفا / لكي نؤسس ثقافة مستقبلية بانية، في ضوء الانفجار المعرفي المعاصر، واكتساح ثقافة الغرب ومقوماتها، ‏في إطار العولمة، لابد من إخضاع ما نتلقاه من معارف إلى عمليات نقدية صارمة ومتكررة، ولابد من ان نطوِّر مداركنا يوماً‏ بعد يوم، وعلى المثقف أن يساهم في تقوية صرح ثقافته، بالمبادرة والإنتاج، وأن ينتقد بوضوح وصراحة، ويرفض ظاهرة الاستصنام البشري، من غير عقدة نقص ولا تهيُّب، إلا ما تفرضه الأخلاق وأدبيات الحوار، من معاملة طيبة واحترام متبادل. ثم الانفتاح على الثقافات والأفكار الإنسانية، ففيها من الحكمة الكثير ‏

خلق الله تعالى الإنسان واستخلفه في الأرض، وزوده بوحي وعقل، وحمله المسؤولية، والقرأن الكريم والسنة النبوية مليئان بآيات وأحاديث تتحدث عن المسؤولية الفردية للإنسان. وعرف الفكر الإسلامي في إحدى مراحله نقاشاً صاخباً حول الحرية والمسؤولية، من هنا نريد ثقافة مستقلة ومتحررة، من رواسب الماضي وعقد الحاضر ومخاوف المستقبل، ثقافة يتبوَّأ فيها العقل مكانته اللائقة به، وبهذا نؤسس لمدخل أساسي لبناء صرح ثقافي متين قادر على الصمود أمام الرياح الهوجاء التي تضرب في اتجاهنا كل يوم! ولن يفيدنا الارتداد إلىالوراء، والتحصُّن داخل أنساق ثقافية تاريخية ومحنطة، ولا الارتماء في فضاءات روحانية لا قرار لها ولا مقاييس، تلغي العقل لحساب الأذواق والأحاسيس، في إطار تحالف ثقافي تاريخي بين التقليد والمؤسسة السياسية المستبدة

لقد بات من الضروري الإسهام بوعي ومسؤولية في صياغة الإستراتيجية الثقافية للمجتمع والدولة في العراق وتحديد طبيعة "السياسية الثقافية" التي يمكن أن نعتمدها في تشخيص الأولويات في العمل الميداني لخلق حراك ثقافي شامل يشمل كل مفاصل المجتمع، ونحن نعلم بان القيادات السياسية والاجتماعية داخل الدولة عجزت حتى الان عن بلورة مفهوم واضح للسياسة الإستراتيجية الثقافية لعراق مابعد الاحتلال، وبقيت السياسة الإستراتيجية الثقافية غائبة حتى اليوم ربما بسبب الانشغال بالملفات الاكثر سخونة عن أذهان المسؤولين، وبات من الضروري إعادة النظر في التشريعات الثقافية والقوانين الخاصة بالمؤسسات الثقافية الرسمية مثل وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية الشعبية المنتمية الى منظمات المجتمع المدني مثل الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق،نقابة الصحفيين، اتحاد المسرحيين، اتحاد السينمائيين، واتحاد الفنانين التشكيليين، اتحاد الأدباء الشعبيين، واتحاد الإذاعيين وغير ذلك من المؤسسات الثقافية العراقية التي تنهض بجوانب اساسية من الحياة الثقافية ووضع آليات واضحة لدعمها معنوياً ومادياً من خلال توفير مقرات ومراكز ثقافية لها وتخصيص ميزانيات سنوية لها من المال العام بتنظيم سلسلة مدروسة من الانشطة الثقافية الكبيرة على وفق اجندة ثقافية وطنية للفعاليات الثقافية تضمن تجنب التداخل بين هذه الفعاليات من جهة وتحقيق تواصل هذه الفعاليات طيلة العام .ونرى من الضروري اطلاق مشروع تأسيس (مجلس وطني للثقافة) او مجلس اعلى للآداب والفنون والثقافة اسوة بما هو معمول به حلياً في عدد من البلدان العربية

وتبرز الحاجة اليوم لرعاية المبدعين والمثقفين العراقيين من ادباء وفنانين وإعلاميين من خلال اطلاق مشروع جوائز الدولة التقديرية وقانون رعاية الرواد وقانون حماية حقوق الملكية الفكرية وغيرها من التشريعات والقوانين الضرورية لتنظيم الحياة الثقافية في العراق الجديد، وان تكون المكافأت التشجيعية مستقرة سنويا، ونرى ان الممثليات الدبلوماسية العراقية في الخارج تستطيع ان توفر فرصاً افضل لتواصل المثقفين العراقيين مع العالم الخارجي من خلال الحصول على فرص للدعم وتنظيم أسابيع ومهرجانات ثقافية في مختلف أنحاء العالم

ايها السادة ----- نحن لا نحلم ولا نطلب المستحيل

 

نهاد الحديثي

 

 

في المثقف اليوم