أقلام ثقافية

نهاد الحديثي: الشاعرة اللبنانية وفاء أخضر: أبنه البيئة التي تغني للحب والحياة والحرية

3131 وفاء اخضرظهرت وفاء أخضر كشاعرة متميزة عن شاعرات جيلها في الوقت الذي بدأ ينزوي الشعر، وتقل ذائقة الناس الادبية، وتكثر الهفوات والثغرات في الكثير من النصوص الشعرية والادبية وفاء شاعرة واديبه، تغنت بالحب والشوق الى الحرية والانعتاق، وكغيرها من شاعرات العرب، تأثرت وفاء ببيئتها في منطقة أنصار النبطية بلبنان

وفاء اخضر شاعرة الحب الاستثنائية، لخصت فلسفتها الشعرية بعبارة واحدة، انا امراة استثنائية، لأنني أنا ما انا عليه وأبتسم

لغة وفاء أخضر الشعرية لغة بسيطة، شفافة، رقيقة وقاسية معا، لغة خاصة بها، وفاء متمكنة من ادواتها، حتى وهي تستخدم فساتينها وكتبها ادوات شعرية في قصائدها، تجذب من يقرأها، تنتقي عباراتها بدقة، تراتيلها الدينية تظهر بين كلمات شعرها، ومفردتها تدور حول الحب والحرية، الى درجة ان الكرة الارضية بالنسبة اليها لايجب ان تدور حول نفسها، بل حول الحرية والأنعناق

لم تنسى وفاء انها ابنة البيئة، فتشارك الكثير من النساء سفرة في كازينو، أو ندوات شعرية، او حتى مظاهرات ضد السلطة الحاكمة وضد الظلم وقهر الشعوب واذلالها

تقول وفاء، احلم بلبنان بدون لصوص، وعندما خرجت في مظاهرات مع نساء مثلي، شعرت بأنني استعدت هويتي، وشعرت بأنسانيتي وأنوثتي، اود لو اصرخ بأعلى صوتي بذلك

نكره مفردتها احيانا، ولكن عندما نعيد قرائتها مرة اخرى نكتشف حبنا لها، هذا التنوع والتلون في شعرها، يعكس ثراء ماتمتلكه من ادوات، وخيال واسع، ومقدرة وتمكن في اللغة، وبساطة وسلاسة في الاسلوب، تجربتها في الحياة وشخصيتها المتمردة كأنثى، جعل من أسلوبها الشعري، كحصان بري جامح، لكنه حصان اصيل وليس هجين، هي نقيض جميل، يشبه فاكهة السندي العراقية، تشم عطرها عن بعد، شكلها ولونها شيء ومذاقها وطعمها شيء آخر مختلف تماما، ما أن تقرأ قصيدة لها حتى يتخيل اليك انك تشاهد مئة صورة، بل مئة لوحه، كل لوحة رسمت بريشة فنان مختلف عن الآخر، وفي زمن يختلف عن الاخر، ثرية الى درجة قدرتها على امتلاك الملايين من هذه الصور

وفاء كشاعرة لاتشبه بنات جيلها – يقولون انها لاتشبه الشاعرة اللبنانية فينوس خوري أو الجزائرية اسيا جبار، بل هي تشبه نفسها , هي ولا تقترب من شاعرات جيلها، لكنها تحاكي احيانا شاعرات جيل اخر، فهي تشبه مي زيادة في عبارتها الشهيرة، حياتي المثالية جعلتني اجهل دسائس البشر

أشهدُ اني عكسَ الريح أشهدُ بالمحبة في زمن الكراهية

كما أن اسلوب وفاء يمثل صرخة في وجة الكثير من الأنات والعذابات عند النساء، والجرأة التي تمتلكها لاتشبه بنات جيلها لكنها قد تكون بشمل او بآخر تأثرت ايضا بالشاعرة الايرانية المتمردة فروغ فرخزادة، التي جسدت تجربة حياتها في الشعر بطريقتها

كلكم رحلتم وبقيت أنا هنا وحيدة، تكاد تقتلني الوحدة

وفاء حاكت هذا النوع من الألم في قصائدها

وفاء لايمكننا ان نختزل تجربتها، ولكن ان اردنا ان نضع تعبيرا بكلمتين عنها فسيكون .. أنثى متحررة .تقول عن نفسها /أكتب منذ أوّل الوعي؛ لكني لم أنشر إلّا منذ ٤ سنوات. كانت مجموعتي الأولى أشبه بصرخة: لست بخير أبدا، وهوذا عنوانها، صدرت عن دار النهضة.2017 ومع دار الفارابي: في فمي بريق.2018 وعن دار دلمون: أنا ألقي عليك الشّهوة.2021 وقريبا تصدر مجموعتي الرابعة: كافرة ولا أعتذر؛ وكذلك روايتي الأولى، لو يصح أن نسميها رواية: أنا أخطئ كثيرا

مجازة في علم النفس العيادي وفي آداب اللغة الفرنسية. ودرست في كلية التربية: تعليم الفلسفة . حاليا تعمل كمرشد تربوي في مادة الفلسفة. وتدرّس كذلك المادة عينها في الصفوف الثانوية

الكتاب بالنسبة ليها نورا وطريقا ولذة ومأوى؛ توصف نفسها /إذ كنت أحيا في منطقة محاصرة بالحروب والقهر والموت؛ كنت أكتب لأؤكد لنفسي قبل العالم أنّي حيّة، وأنّ معاناتي ذات معنى ذات قيمة. كنت أؤرخ حزني، حتى أرسلت رسالة وأنا في التاسعة عشرة من عمري أشكو عبرها القهر الذي كاد أن يهزمني إلى مجلة مشهورة، وكان الردّ أنّ ما أرسلته إلينا هو شعر وليس مشكلة! كنت اعشق نزار ودرويش، وفي صفوف الدراسة مسّتني شاعرية ابن الرومي وأبي نواس.. أعجبت بالمتنبي حينها لكنّي لم أحبّ تلونه. الأدب الفرنسي أسرني: بدءا من راسين ومرورا بفيكتور هيغو وبودلير وروسو وفولتير وغيرهم حتى ألبير كامي وسارتر. يقولون انك لاتشبهين شاعرات جيلك , كيف تفسرين ذلك ؟ أعتقد أن المبدع الحقيقي بالضرورة يحمل ذاته الإلهية الفريدة في أعماله وإلّا ما جدوى وما معنى وما قيمة ما يكتب,

ما الذي يحرك قريحتك الشعرية؟

ربّما إصراري على العشق والحب والفرح والإيمان حتّى اليقين بالحياة، وبوعي الإنسان الذي هو هبة من خالق هذه الحياة، هبة علينا أن نرعاها ونكرّسها ونحتفي بها. *عندما تقع النكبات والهزائم في المجتمعات العربية يثور الشعراء ولا يجدون سبيلاً للتعبير عنها سوى بالسخرية فكيف عبرت عن الأزمة اللبنانية هذا السؤال ... جعلني أصمت وأحاول عبثا تجاوز الإحساس بالغصّة. أنا مقهورة بعمق على أوطاننا العربية بدءا من العراق اليمن، سوريا، مصر... أمّا لبنان الذي هو عصفور الشرق.. فأنا حزينة بشأنه حتى الصراخ المكتوم أحيانا وحتى القصيدة أحيانا أخرى... أحاول البحث عن حل، وأجده في منظومة قيم جديدة علينا ترسيخها تقوم على الحرية والعدل والصدق والحب

تكتبين للحب – وللعشق – وللوطن كصرخة في زمن الضياع والكراهية- حدثينا عن ذلك؟

الوجود بكليته يغدو ثقيلا وعبثيا إن لم نصدّق أنّه ثمار عشق الله لنا. والحياة بتفاصيلها عبء أثقل إن لم ننجُ منها بالتخييل والفن والعشق. الوطن أوّل الألفة ومأوى الأهل ورفقاء الدرب والروح. وأزعم رغم اللصوص الذين سرقوا منّا وطننا، والذين يعملون ليل نهار على قتل روحنا الوطنية عبر زعمهم أنّ لبنان ليس وطنا وأنه حفنة من تجّار الطوائف والأحزاب تتنازع وتتفق فقط على المحاصصة؛ رغم هذا ورغما عنهم، لبنان وطن وحقيقي في نفوسنا وفي أحلامنا وأحلام مبدعينا وأقله في أغانينا---

ما عاد الرجل مشروعاً شعرياً يلهم الأنثى،ما رأيكِ؟

في مسيرة الحياة، لا بدّ من صديق رفيق درب وطريق. وأعتقد أن الرجل بالنسبة للمرأة هو الرفيق الأروع والألذ والأغنى. الفن حوار مع ذات يسكنها آخر؛ آخر أم، آخر أب، آخر إبن، وآخرإنسان، وآخر زوج وحبيب

 

حوار / نهاد الحديثي

 

 

في المثقف اليوم