أقلام ثقافية

المواطن (كين) والمواطن (سين) ومواطن من تل ابيب

 

والمواطن (كين) يعتبر واحداً من روائع السينما العالمية حتى الان ويتصدر قائمة افضل مئة فيلم بالعالم والذي يتحدث عن شخصية احد الناشرين الكبار، ومثل هذه الشخصية موجودة عندنا في جميع مجالات حياتنا في الدولة والحكومة والاحزاب والمؤسسات الاخرى .

لا اريد ان اتحدث عن الشخصيات المشابهة للمواطن (كين) في مجتمعاتنا وانما المواطن الاخر اسمه (سين) .

المواطن ( سين ) مواطن في هذا المجتمع الذي ينتمي الى المجتمعات العربية هو المواطن المعذب والمسكين الذي لارأي له الا عندما يحتاجه الحاكم للاستفتاء، ولادور له الا عندما يخوض الحاكم قتالا عن منصبه او يهاجم دولة اخرى ولا اسم لهذا المواطن الا عندما يكون عدداً مضافاً الى اسماء المنتخبين دون ان ينتخب، والمواطن (سين) هو الجندي الأبدي للحفاظ على سلامة الحاكم وكرسيه وهو نفسه الذي يستخدمه رجال الانقلاب عندما يريدون الاطاحة بحاكم اخر . والمواطن(سين) أول من يطبق على رأسه القانون وأول من يطلق عليه الرصاص اذا دخل منطقة محظورة او اقترب من قصر رئاسي او ملكي او أميري . والمواطن (سين) هو أول من يدفع الضرائب حتى لو لم يملك في وطنه اي شيء وهو العاطل عن العمل حتى لو امتلك شهادة دكتوراه اذا لم يكن قادرا على دفع رشوة او لايملك واسطة وهو الذي يعيش الكفاف والفقر والحرمان لانه لايملك موهبة التزلف والنفاق السياسي والاجتماعي وهو المحروم من أبسط مقومات الحياة في بلده الذي يتقاسم ثرواته أركان السلطة والعوائل الحاكمة .

المواطن (سين) هو من لايجد لقمة العيش وهو يرى ان ملكه اوأميره يتبرع بالملايين لحدائق الحيوان في أقصى العالم وفي نفس الوقت ينظر الى كلاب العائلات المالكة ويرى دلالها وينظر الى اصطبلات خيولها وكيف يعتنون بهذه الخيول وهو يتحسر ألماً ويندب حظه العاثر الذي خلقه في مثل هذا البلد انساناً وليس كلبا او حصان .

المواطن (سين) هو الذي يشعر بانه يمتلك مؤهلات أكثر من هؤلاء الذين تسلموا المناصب العليا ويشعر بافضليته على الاخرين الذين وصلوا الى مناصب السلطة والقرار عن طريق الانقلابات العسكرية او الاستفتاءات المزورة او عن طريق الوراثة وقد يكون فعلا كذلك ولكن ذلك مشكلته وقدره وعليه ان يرضى بها وان لايفكر بتغيير هذا الواقع وان تورط يوماً وفكر فسوف لايفيده الندم .

المواطن (سين) في مجتمعاتنا شخص نكرة بالنسبة للحاكم او السلطة لايحق له ان يختار او يكتب او يقول مايشعر به او يبين رأيه في ورقة الانتخابات لان الورقة التي يرميها في صندوق الانتخابات سوف تدقق وسوف يعرف رجال السلطة هل ايد المواطن (سين) الحاكم ام لا ؟

المواطن (سين) حائر كيف يعيش وكيف يتصرف وهو يجد بان كل شيء مباح للحاكم ورجاله الجاه والسلطة والمال والمنصب والرواتب العالية والمخصصات وهو محروم منها بالاضافة الى ذلك يرى ويشاهد كيف يسرق هؤلاء وكيف يبنون القصور الفارهة ويبتاعون الشقق في الجزر الغالية وفي نفس الوقت يتضور هو واطفاله جوعاً في وطنه الكبير الذي لايملك فيه بيتاً ولا قطعة ارض .

المواطن (سين) لايستطيع الزواج لانه لايملك التكاليف المطلوبة بينما السادة المسؤولين يتزوجون على ارضه ومزرعته التي اغتصبوها من المواطن (سين) عشرات المرات .

المواطن (سين) ضائع ومسحوق وارادته مسلوبة لاحق له في الرأي والتعبير والحرية ولو كان السيد (اورسون ويلز) موجودا او المخرج الرائع (روسوليني) لانتجا واخرجا عشرات الافلام عن واقعنا البائس المتمثل بالحاكم المطلق الذي له كل شيء والمواطن (سين) الذي ليس له اي شيء . انها عبودية اكثر مما تعني كلمة العبودية ورقَ اكثر مما تعنيه هذه الكلمة . المواطن (سين) هو المواطن الذي تحول الى مجنون رسمي معترف به بعد ان تحول في دهاليز النظام من انسان سوي الى انسان يجوب الشوارع ويتحدث مع نفسه والقذارة تلون جلده والقمل ينخر جسده مسكنه الارصفة ونومه في القمامة وقد يكون هذا طبيباً او طالباً في الصف المنتهي من كلية الهندسة او امرأة اعدم زوجها واغتصبت بناتها في دائرة الأمن امام عينها او اخرى تم اقتيادها الى السجن هي وزوجها الذي مات تحت التعذيب ولانها لم تعترف اخذوا منها طفلها الرضيع وامام عينها ضربوا الطفل على الجدار وتهشم رأسه وفارق الحياة ومنذ تلك اللحظة تحولت الى مجنونة مع سبق الاصرار .

المواطن ( سين ) عندنا مسلوب الارادة، محطم من الداخل، يائس، خائف، فاقد للثقة .

لنعد الى المواطن (كين) مرة اخرى وهذه المرة فان المواطن (كين) ليس عنوانا لفيلم بل لشخصية او مواطن من تل ابيب اسمه المواطن كين او اختفى خلف هذا الاسم ونشر على النترنت هذه القصيدة والقارئ حر في تفسيره لهذه الكلمات وانا شخصياً ليس لدي التعليق  ن يقول المواطن كين مايلي:

انا مواطن من تل ابيب

كل ذنبي اني يهودي

ومن تل ابيب ومن اجل هذا الذنب

قذفوني بالألسن والحجارة

قالوا يامغتصب الارض والحضارة

يامحتل الاقصى

يامنبع القذارة

ليست هذه بارضك

او حدودك او مكانك

فانت هنا غريب وابن غريب

يايهودي تل ابيب

دموية تاجر البندقية

في عروق امثالك تجري

من مئات السنين

اذقتموها للسيد المسيح

وتفننتم في الوان التعذيب

فصعد الى السماء جريحا

وصرخت لا والف لا

ماهذا الاتهام ؟ وهذا البطلان في الكلام

ودافعت عن نفسي في استجداء

وما وجدت الا السخرية في دفاعي

وتكابد الاستهزاء

ولكن اعطوني فرصة اخرى

انصفوني حتى مرة

لاتحاسبوني على حماقات الاجداد الاولين

حاسبوني الان كمواطن من تل ابيب

لايريد الدمار والتخريب

ولا معارك ولا اعوام من الحرب

لا يريد الا السلام

الا الحب

حاسبوني كيهودي

صاحب رسالة سماوية

كالاسلام كالمسيحية

وتنظروا الي بهذا الازدراء الرهيب

ولا تعاملوني هكذا وكاني

مخلوق غريب

افكل ذنبي اني مواطن من تل ابيب ؟

ملاحظة : هذا رأي المواطن كين من تل ابيب فهل تشعر حكومة اسرائيل وتفكر بنفس الطريقة !

زاحم جهاد مطر

 .............................

ملاحظة : هذا رأي المواطن كين من تل ابيب فهل تشعر حكومة اسرائيل وتفكر بنفس الطريقة !

 

 

 

في المثقف اليوم