أقلام ثقافية

محسن الأكرمين: ليلة عاشوراء

من العادات الدخيلة منذ الزمن القديم بمملكة الأرض السفلية، أن يشتغل الجن بمعية شياطين الإنس (أخوية الشر) الأوفياء ليلة عاشوراء عبر صيغة المداومة غير المنقطعة. حيث، تشتعل نار الأبخرة، وتُوحد رؤى الخرافة عليا بالطلب والعرض، ويبيت الجن والجنيات في تلقي المعلومات عبر شبكة (الويفي) الخفية، ومكالمات (الوات ساب) لفقهاء السحر الأسود، ومن شوافات المزارات وحفر حكم الجنيات (لالة عيشة).

وحتى أساليب الاشتغال اليوم، قد تغيرت عموديا، والعمل بات يماثل التطور الاستدراكي في التواصل التفاعلي/ الحضاري، فلم تعد لازمة (هَا قَلبِي ها تَخْمَامِي بِمَا يأتيني الله) ضرورية كما كانت في تصفيف تراتبية (الكارطة) بين (الصوطا) و(الكبال) و(الري)، بل باتت مصطلحات بجديتها تدخل عالم الشعوذة والسحر الأسود، وعلم تنجيم الشوافات الجدد.

 اليوم قد تسألك (الشوافة) الحديثة الممتلكة لكفايات علم (الكوتشينغ)، عن أوجه وسبل المعاملات والأداءات، وبفرص الاختيارات التنويعية، والكل بثمن محدد بالسبق ، مع إعلان الأثمنة (خوفا من لجان مراقبة الأسعار من قبل شمهروش السلطة الإدارية بالأرض السفلية) !!

 ليلة عاشوراء، لن تحصل على أية تخفيض مهما كان، بل الكلفة تزيد بالتضاعف، والليلة تكون فيها خدمات التوصيل سريعة ومتوفرة. قد يسألكِ الفقيه بعلم السحر الأسود و صناعة (التناوي) ولعب السماوي (بَرقْ ما تَقْشَعْ)،هل تريدين أن (اتْفُورْمَاتِيهْ (ا)) الرجل/ المرأة  أو الحبيب (ة)، وتحتفظ (بالفِيشْيِي) القديم أم لا؟  ولا باغية ديري ليه (ا) (روديماري/ إعادة التشغيل) من جديد (وتَطفيه (ا) في ماء الحداد) !!

من المضحكات المبكيات، حين توصي المرأة الشوافة أو فقيه السحر الأسود (يَحَيَدْ/ يزيل (للمرأة) أو (الحبيب (ة)) (الكارت مِيرْ/ La Carte Mère) !! و(يَوَلِيوْ) يخدموا  فقط مع (ِويفِي/ WIFI) الدار (مهما كانت سرعة الصبيب وووو...) !! ويبقى دائما خارج التغطية خارج البيت والفراش !!

الشعوذة شر كبير، وسوق سلعتها نافدة في مغرب (الخرافة والخزعبلات)، وحتى الشوافات وفقهاء السوء زادوا في كلفة الأتعاب و المصاريف نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أثرت على استيراد المواد الأولية!!

شعب ينجح بالجودة والجدوى في تطوير آليات التحكم في (ويفي) الجن والجنيات، والأرض السفلية ويحقق بها الرفاه في شعب (شمهروش). شعب يتحكم في الغيبيات والكليات والجزئيات ويطور سحر (لَبْلُوتُوتْ). طينة من شعب تعيش في غياهب الجهل والفقر والهشاشة، و تحيي الليالي الملاح بالذبائح التي تقام للجن والجنيات... شعب يبحث عن الجن الشرير وإلحاق الأذى بالغير بالتضبيع والتهييج عند الإنس الطيع... شعب يحتوي الجن والجنيات في الأسر والتملك والتحكم (فانوس علي بابا)، و قد لا يثق في الإنس الذي يشاركه الهواء والتراب والنار والقيم... نقول جميعا: (باركا) يكفي المغاربة من هذا الانغماس في الخرافة والشعوذة !!

***

محسن الأكرمين

في المثقف اليوم