تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام ثقافية

حسين علي محمود: اجنحة محطمة على نوافذ الأمل

صديقتنا سبيستون، كبر أصدقاؤك ولم نعد صغارا كما كنا في الماضي تحتضنينا بين برامجك، تسقينا من افكارك، تلملمين طفولتنا وترسمين احلامنا التي كنا نتجول بها بين عوالمك ومجراتك في اقاصي الفضاء، نحمل روح القناص المثابر وشجاعة فرقة العدالة وحماسة حسان الفتى الساذج بقلبه الطيب، نعيش براءة حب انجلينا وروميو، فروح مثابرة وتعاون عدنان مع عبسي نرتديهما مثل معطف في شتاء قارس

عشنا تلك الايام بكل قوانا وغرقنا في بحار السعادة متشبثين باحلامها الوردية، تنقلنا مع سندباد وعلي بابا والفريدو وروميو والجاسوسات وماوكلي وتسلقنا الاشجار مع طرزان، كم فرحنا عندما قتل طرزان سابور النمر الشرير وتخلصت من شره حيوانات الغابة، عشنا كل لحظات عدنان ولينا في البحر والبر ومشاكساته مع جنود القلعة في كل مرة، ساعدنا روميو والفريدو في تنظيف مداخن المنازل وارتدينا براءة عهد الأصدقاء ليلا ونهارا، تكاتفنا معهم في الصعوبات والرزايا، ساعدنا سندريلا في اعمال البيت والتنظيف وحزنا وبكينا لما كانت تلاقي من ظلم واجحاف من زوجة ابيها والفتاتين، فكم فرحنا عندما تزوجها الامير بمساعدة صديقتها الساحرة، كم من المرات غلبنا النعاس ومشاعرنا تبكي، تمزقها قسوة الآنسة منشن لسالي الثرية وهي تعاني وتبكي كل يوم على فقدان والدها، نُمسي ونُصبِح نردد اغنية القناص ونقول بشغف مقدمتها الراسخة في افئدتنا قبل السنتنا ..

قد لمعت عيناه .. بالعزم انتفضت يمناه .. في هدوء الليل وبتلهف نشاهد كونان كيف يحل الغاز الجرائم ويحطم شيفراتها بذكائه وكم تمنينا ان نأخذ جرعة المحقق الصغير لنعيش لحظاته وتكبر احجامنا لنزداد فطنة ودهاء، نسدد الكرة كما كان يفعل كابتن ماجد محاولين ان نحلق معها في الهواء يتملكانا الحماس والإثارة يربوان في داخلنا يوما بعد يوم .. آه أيام مهما بكينا لن تعود !!

نعم كبرنا لكن لا زالت دواخلنا تعيش في ذلك الزمن رغم قسوة الحياة وعثراتها.

فجأة أستيقضنا في أحد الأيام نرتدي زياً لا يناسبنا في واقع رمادي قاسي يطوقنا من كل صوب لم نر الأمل في آخر النفق كما كانت توعدنا سبيستون، فالحياة انهارت علينا بكل قسوتها، خنقت طفولتنا مزقت احلامنا، آمالنا تكسرت على طول الطريق، بينما الفريدو وروميو ضاعا في دهاليز الأيام بعد أن ماتت انجلينا التي احبها روميو ببراءة، وكذلك ران واعجابها بكونان الكبير طُويَّ حبهما في دفاتر النسيان، كم كنا سذج حينما علمنا أن عهد الأصدقاء محصوراً خلف شاشات التلفاز وأن أرض الوطن مكان حقير إذا ما حكمه طغاة ولصوص يرتدون بذلات فخمة وحمايات وقصور ورايات تسد أفق الشمس إذا ما طلعت ..

نعم كبرنا لكن ما زال داخلنا طفوليا رغم مرارة الحياة وخيبات الأيام، كبرنا وكبرت شاشات التلفزة لتواكب عصر التكنولوجيا الحديثة لكنها تحطمت وتعطرت برائحة البارود وصيحات البسطاء وامتلأت باعداد المفقودين والضحايا الابرياء

نعم، تنتهي الطفولة عندما تتوقف الأشياء عن ادهاشنا وتضيع ذكريات صبانا مثل مركب يتيه في عرض البحر ويبقى السؤال الذي يثقب قلوبنا كل مرة.

أين السلام والمستقبل اللذينِ وعدتنا بهما سبيستون؟!

***

حسين علي/ العراق

في المثقف اليوم