أقلام ثقافية

محمد سعد: الأسوار الخلفية فى قريتنا

من خلف غلاف قريتنا يراجعون علاقتك بالله، ويفتشون في حياتك الشخصية.. ويبحثون في أغراضك (هل لديَ سيارة هل لديَ حسابات بنكية ماذا يملك، ويبحثون عن عتاد لبناء جسر للعبور والبحث عن شخصيتك، يلبسون على بشرتهم وجوهاً شتى من الأقنعة، يبتسمون لك، فتكشر الأنياب.

من خلف الحروف تنبثق المعاني كاشفات وتمتد أياد تصافح قلبك.. نوع من النفاق الاجتماعي والبعض من ورود نثرتها خارج الغلاف يلتقطها الريح العذري، في ابتسامة المغوار.

من داخل سياج قريتك، وبعد أن حاولوا هدم الجدار يبتسمون لك وفي القلب هزيمة وفي العقل حقد دفين، عود على بدء لإقتحام الجدار من داخل قريتك تتلقف الوشوشات فتبتسم وتبارك العتاد المسروق وتمر حذوهم....ترقب عبورهم الهش والمعتاد للجسور من داخل قريتك تعيد غلق الأبواب، ومن علو تطل مبتسماً، علهم ينفذون من بعض فجوات السماء.

انها لحظة المنعطف الاخير، للآقنعة المزيفة التي تصنع شخصية يلتفتون حولها وعندما ينتهي دورها يبحثون عن اخر، تحديداً في زمن المنعطف الأخير في أن القديم يحتضر ولا يموت، والجديد لم يولد بعد وفي ظل هذا الفراغ تظهر أعراض مرضية من الأمراض السيكوباتية غاية في التنوع، قديم ينهار ولا يموت، وعن جديد أفضل لا يولد، لكن لحظة منعطفنا في أن القديم يحتضر والجديد ولد متفسخاً، أي بين متفسخين وخلال هذه المسافة تظهر تشوهات كثيرة غير متوقعة من مجموعات اختارت لنفسها أن تلعب ادوار داخل المجتمع المدني، يقنعون الناس انهم قدوة، وهم رعاع وسفلة كما قال عنهم (سقراط) وتصادم قواعد وأعراف وتقاليد غريبة في محيطك الجغرافي.

نحن في لحظة منعطف وانهيار قيم أخلاقية وظهور اخرى معاكسة في زمن قصير بلا تسلسل ونظام، لا القديم يموت ولا الجديد يولد، وفي مرحلة من هذا النوع تكثر التشوهات الآخلاقية وخاصية النرجسية الخفية وحسب تتميز النرجسية الخفية عند البالغين بالتمركز المفرط حول الذات، والشعور المبالغ فيه بالتفوق الذي يخفي مشاعر عميقة بالدونية التي تخفى تحت أقنعة مزيفة والنقص المستمر في التعاطف مع الآخرين" وفي مجتمع مغلق بلا مؤسسات علمية وتربية وبلا ثقاقة من الجهل المقدس، وجدوا هؤلاء ارض خصبة سوية تزدهر هذه النماذج الخطرة وقد تصل الى أعلى المناصب في داخل مجتمعها وللأسف يحملون أرفع الشهادات العلمية دون أن تكتشف لقدرتها التنكرية وتجارب حياة في صناعة شخصيات مزيفة ومشاعر مزيفة وخراب بيوت دون معرفة الداء الحقيقي ومع النرجسية وجنون العظمة والبحث عن هوية داخل مجتمع، ومع مجموعات تشكل نفسها بنفسها وتصبح وصية علي مجتمع قرية او مدينة وهي النرجسية الجماعية حيث كل جماعة تعتقد انها الأحق بالمسيرة والقيادة من القاعدة الي القمة فينصبون انفسهم علي مجتمع يسودة الجهل، بالإدعاء بالتفوق الفكري والعقائدي والسياسي لينتهي هذا التناقض الحاد والعدائي والفوضى يوماً الي كارثة، إن التحولات العاصفة في داخل المجتمع وخاصتاً الريفي، تأخذنا الى كارثة تطيح بالجميع لا مفر منها أبداً. عندما نولي جهلنا فينا وننتظر من الغبي مخرج...فالأخطر من الجهل هو إدعاء الجاهل بالمعرفة،، !!

يوميات مثقف في الريف

***

محمد سعد عبد اللطيف - كاتب وباحث مصري

 

في المثقف اليوم