أقلام فكرية

ما بين هيغل وماركس: إشكاليات التاريخ ويقين المستقبل (1)

ميثم الجنابيالفكرة الهيغلية عن التاريخ

تقديم عام: إن هذه السلسلة من المقالات التي احاول من خلالها تتبع وتحليل ونقد الفكرة الهيغلية والماركسية عن التاريخ من جهة، والكشف والتدليل على ما فيهما من قوة منطقية وأبعاد عقلانية وإنسانية تغلغلت في صلب اغلب فلسفات التاريخ والثقافة والحضارة الأوربية المعاصرة، من جهة اخرى. ومن خلال ذلك البرهنة على ما في فلسفة التاريخ السياسية، أي تلك التي تشكل الفكرة السياسية طاقتها وقوتها الكامنة، من قيمة نظرية وعملية بالنسبة لمراحل الانتقال التاريخي بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص. فالتأمل النقدي الفلسفي العميق يكشف عن إن جميع التحولات التاريخية الكبرى في حياة الأمم الحية وعلى النطاق العالمي (المجرد) كانت على الدوم منوّرة بفلسفة للتاريخ، بوصفها فلسفة المستقبل. وقد اتخذت هذه الفلسفة صيغ ومستويات وأشكال متنوعة (شعرية وجدانية ودينية لاهوتية وسياسية مباشرة وفلسفية تأملية وعملية). وكل منها كان يعكس تجارب الأمم النظرية والعملية. فحقيقة فلسفة التاريخ لا علاقة لها بالماضي، بل هي فلسفية مستقبلية. وهي الفكرة التي اسعى لتأسيسها وغرسها في الوعي الفلسفي والسياسي العربي المعاصر. وبدونها يصعب تأسيس رؤية سياسية عملية علمية ومستقبلية. وهو امر جلي من خلال ملاحظة الانحطاط والدوران الفارغ للفكرة السياسية العربية وواقعها الفعلي. بمعنى بقاء السياسة بأيادي الجهلة وأنصاف المتعلمين والمغامرين وسقطة الممجتمع. ومن ثم بقاء المجتمع والدولة والنظام السياسي يدور في حلقة مفرغة لا آفاق لها سوى التأزم والانحطاط.  وذلك لأن النخب الاجتماعية والسياسية فارغة ومفرغة تماما من أية رؤية للتاريخ (أي للواقع والمستقبل) ومهماته الواقعية والمستقبلية. من هنا هيمنة الأيديولوجية المسطحة وذهنية الشعارات والجهل المطبق بوقائع وحقائق التاريخ. وقد دفعت للطباعة احد كتبي بهذا الصدد تحت عنوان (بوابة التاريخ الأبدي). وهو بدوره صيغة موسعة لأحد مفاصل كتابي التأسيسي (فلسفة البدائل المستقبلية).

***

ملاحظة إضافية: لا اشير هنا لصفحات كتاب هيغل (فلسفة التاريخ)، وذلك لأنني استعمل نسختي الشخصية التي ترجمتها عن الألمانية قبل عقود من الزمن، ومقارنتها بالترجمة الروسية والانجليزية والعربية. وينطبق هذا على الكثير من المؤلفات الفلسفية التي كنت وما ازال استعملها في محاضراتي وكتبي.

***

إن عظمة وقوة الفلسفة الهيغلية تقوم في كونها فكرة لدراسة الفكرة. من هنا جوهرية التاريخ والفكرة التاريخية والمسار التاريخي للفكرة نفسها في مجرى تحولها من عالم الطبيعة إلى ما وراء الطبيعة، شأن كل الأفكار والفلسفات الكبرى. وهذا بدوره ليس إلا بحث وتحليل ونقد الوجود ورؤية آفاقه. لهذا نظر هيغل إلى دراسة التاريخ على انه عمل يعادل معنى دراسة تاريخ العالم نفسه. واعتبر ذلك مضمون ما اسماه بالتاريخ الفلسفي للعالم. من هنا وضعه مهمة فحص المناهج الرئيسية في البحث التاريخي والموقف من التاريخ. واعتبر إن أهم تلك المناهج هي كل مما أسماه بمنهج التاريخ الأولي (المبسط)، ومنهج التاريخ النظري (الانعكاسي). أما منهج التاريخ الفلسفي فهو نفي لكل ما سبقه لأنه يؤسس أولا وقبل كل شيء لدراسة التاريخ من خلال الفكر أو الفكرة. 

والمقصود بمنهج التاريخ الأولي (المبسط) بالنسبة لهيغل هو المنهج الذي كان جل اهتمامه موجها صوب وصف الأحوال والأعمال والأحداث، وكذلك أحوال المجتمع الماثلة أمام أعين المؤرخ كما هو الحال عند هيرودوتس(484-424 ق. م.) وثوكيديدس (465-400 ق. م.). وأعتبر الصفة الجوهرية المميزة لهذا النوع من المنهج هو التعامل مع الواقع والأحداث كما يتعامل الشاعر مع مادته. فالمؤرخون يسجلون ما يرونه ويسمعون به. بمعنى إنهم يحتكمون إلى الرؤية الشخصية والرواية والحكاية تماما كما يستخدم الشاعر تراث اللغة ومخزونها اللغوي والتعبيري. الأمر الذي جعل من هذا النمط في التدوين التاريخي قابلا أيضا للحشو بمختلف الأساطير والخرافات. من هنا حكمه على أن هذا النوع من التاريخ هو نتاج "للأمم التي لم يستيقظ وعيها تماما". إضافة لذلك، إن "روح المؤرخ هي نفسها روح الأحداث". انه يجمع ويقدم مادة الأحداث بدون وعي نظري. وينطبق هذا على منهج "التاريخ الأولي" (الأوربي) اللاحق ما قبل العصر الحديث. ففي مرحلة العصور الوسطى الأوربية، كان التأريخ خاضعا للرهبان، الذين تمتلئ كتاباتهم التاريخية بالسذاجة والانفصال عن الحياة الواقعية، كما يقول هيغل. أما في العصر الحديث فإن الصورة قد تغيرت بشكل كبير بسبب توسع وتنوع المصادر والآراء والمواقف والمناهج. وفيه يظهر ما يدعوه هيغل بالتاريخ النظري (الانعكاسي). وهو التاريخ الذي يتجاوز حدود عصره. ويحتوي على نماذج أربعة وهي كل مما يدعوه هيغل بالتاريخ الكلي، والتاريخ النفعي (العملي)، والتاريخ النقدي، والتاريخ الجزئي.

فهدف الباحث أو المؤرخ حسب منهج التاريخ الكلي يقوم في التوصل إلى رؤية الكلّ في التاريخ الخاص أو الجزئي لشعب ما أو بلد ما أو العالم ككل. والعمل الرئيسي للمؤرخ يقوم في معالجة المادة التاريخية، حيث يقبل المؤرخ صوب مادته التاريخية بروحه الخاص أو الشخصي. وهو روح يتميز عن روح المضمون الذي يعالجه. والاعتبار المهم في مثل هذا النوع من التاريخ يرتبط بالميادين التي يُرْجع إليها المؤلف بواعث ونتائج الأعمال والأحداث التي يصفها. ويقترب هذا النوع من البحث التاريخي من "التاريخ الأولي" (أو الأصلي)، حينما يقتصر غرض المؤرخ على عرض الأخبار التاريخية لبلد من البلدان كاملة كما هو الحال بالنسبة لمؤلفات تيتوس ليفوس (59 ق.م-17 م) وأمثاله.

أما التاريخ النفعي (العملي) فهو الذي يدرس الماضي، أي عالم بعيد عنا بمعايير الزمن، لكنه يظهر أمام الذهنية الفاحصة كما لو أنه مكافأة على اجتهادها. وهو الصنف الذي يجعل من الفكرة تتغلغل في الأحداث مهما تنوعت واختلفت عبر ارجاعها إلى مضمونها الذاتي العميق، بمعنى إخراج الحادثة من مقولة الماضي عبر جعلها حاضرة بالقوة. وبغض النظر عن الطابع المجرد للتأملات النظرية العملية إلا أنها من حيث الفعل والواقع تخص الحاضر من خلال اشعاع الحياة الحية الحاضرة في حوليات الماضي الميت. وبالتالي، فإن قدرة هذه التأملات النظرية على أن تكون مثيرة وحيوية وإحيائية، تتوقف على ما يدعوه هيغل بروح المؤلف. من هنا مطالبته الحكام وأهل السياسية للاعتبار من التاريخ وتجاربه، بمعنى أخذ العبرة من تجارب الأسلاف. لكن المشكلة تقوم في أن التاريخ نفسه يكشف عن أن الشعوب والحكومات لم تتعلم من التاريخ وعليه، ولم تتعظ من تجاربه، وبالتالي لم تستفد منه المبادئ الكبرى للعمل. ومع ذلك فإن المشكلة الأعمق هنا تقوم في أن المبادئ العامة لا تقدم عونا في مجرى الضغط الهائل للأحداث الكبرى. وبالتالي لا معنى ولا فائدة من الرجوع إلى الماضي والبحث فيه عن أحداث مماثلة لما يجري الآن. من هنا سطحية المحاولات العديدة إبان الثورة الفرنسية بالرجوع إلى أمثلة من اليونان والرومان. فالاختلاف بينهما هائل انطلاقا من أن لكل مرحلة تاريخية عبقريتها الخاصة، كما يقول هيغل. 

في حين يتطابق التاريخ النقدي بالنسبة لهيغل مع الأسلوب الذي لا يستعرض التاريخ كما هو، بل يهتم بنقد الروايات التاريخية ودراستها بمعايير الحقيقة والمعقول. من هنا يمكن أن نطلق على هذا النمط اسم تاريخ التأريخ. والخلل أو النقص الكبير فيه يقوم في احتمال وضع أو إحلال التصورات الشخصية محل المعطيات التاريخية الفعلية.

بينما يمكن دعوة التاريخ الجزئي بالتاريخ المتخصص، بوصفه الأسلوب الذي يحتل مرتبة ما قبل التاريخ الفلسفي للعالم، كما نراه في نماذج تاريخ الفن وتاريخ القانون وتاريخ الدين وما شابه ذلك. وقد أثنى هيغل على هذا النوع من التاريخ. ومع إن هيغل يثمن هذا النوع من الرؤية التاريخية أو المنهج التاريخي، إلا أن الجوهري بالنسبة له هي المسألة المتعلقة عما إذا كان يجري الكشف عن حقيقة وواقعية ترابط الكلّ، أم انه يجري ربطه أو إرجاعه إلى علاقات خارجية فقط. وفي الحالة الأخيرة تبدو جميع هذه المظاهر المهمة كالفن والقانون والدين مجرد عوارض قومية طارئة بالنسبة للشعوب. ويتوصل هيغل بهذا الصدد إلى استنتاج يقول، بأنه في حال وصول "التاريخ النظري" إلى اعتناق وجهات نظر عامة تؤدي في حال طابعها السليم إلى الكف عن أن تكون مجرد خيط خارجي لخياطة وحدتها أو مجرد سلسلة سطحية، بل يتحول إلى الروح الباطن الذي يوجه الحوادث والأفعال التي تثير هموم التقويم التاريخي لأية أمة من الأمم. وهذا بدوره ليس إلا الانطلاق من ان الفكرة في حقيقتها هي التي تقود الشعوب والعالم مثلها مثل عطارد مرشد الروح. وهي فكرة تعبّر في آراء هيغل عن تساوي الروح مع الإرادة العقلية، ومن ثم فإن التاريخ بشكل عام وعلى حقيقته الباطنة هو تيار عقلاني. فالروح أو الإرادة العقلية لهذا الإرشاد بالنسبة لهيغل، كانت وما تزال موجهِّة الأحداث في العالم. وقد حدد هذا بدوره ما اسماه هيغل بالتعرف على هذا الروح في وظيفته الإرشادية بوصفه غاية التأمل الفلسفي للتاريخ.

إن مهمة الفهم الفلسفي للتاريخ تعادل معنى البحث فيه عن قيمة إرشاده السليم للرؤية والفعل تجاه الماضي والحاضر والمستقبل. ولا تعني قيمة الإرشاد بالنسبة لهيغل في ميدان التاريخ سوى ما يتطابق مع معنى العقل الذاتي أو التلقائي الكامن والفاعل في التاريخ. بمعنى إن الرؤية الفلسفية الباحثة عن أثر وفاعلية العقل في الماضي والحاضر لا تعقلن كل ما جرى فيه بل تعقلن الرؤية المستقبلية، باعتبار إن كل ما جرى هو نموذج ومستوى من مستويات تفتح العقل أو الفكرة في التاريخ. ومع إن هيغل يتكلم أحيانا عما يدعوه "بالعناية الإلهية" أو إرشادها الذائب في الوجود التاريخي للبشر، إلا أن مضمونها يتطابق من حث الجوهر مع ما دعاه هيغل نفسه "بالتدبير العقلي المطلق للعالم". تماما كما إن قوله "ليس الإنسان غاية بحد ذاته إلا بفضل ما هو إلهي فيه" لا تعني سوى فكرة العقل فيه، أي ليس الإلهي سوى العقلي. وبالتالي لا معنى للإلهي هنا سوى ما يمكنه إثارة الالتباس والتفلسف النعسان!

وقد حدد هذا المدخل العام أسلوب فلسفة التاريخ عند هيغل ومضمونها في الوقت نفسه. إذ لا يعني مضمون فلسفة التاريخ عنده سوى دراسة تاريخ الفكرة (المطلقة) في التاريخ نفسه، أي دراسة التاريخ من خلال الفكر. فإذا كان من صفات علم التاريخ هو تبعيته للأحداث والوقائع مع ما يترتب عليه من أن تكون هذه الأحداث والوقائع أساسه ومرشده في الرؤية والتفسير، فإن الفلسفة تنتمي بطبيعتها إلى عالم الفكر الذي ينتج نفسه بنفسه دون الإشارة إلى الواقع الفعلي وأحداثه. الأمر الذي حدد بدوره ظهور المشكلة المتعلقة بإمكانية أن يعالج الفكر النظري، حالما يقترب من التاريخ، الأمور بطريقة متحيزة عوضا أن يترك الأحداث والوقائع كما جرت. بمعنى انه قد يجعلها مطابقة لفكرة أولية، أي تفسير الأحداث والوقائع انطلاقا من فكرة مسبّقة (قَبْلِية). وحدد هذا بدوره الفرق بين علم التاريخ والفلسفة في الموقف من التاريخ، وهو أن الأول يسعى لجمع الوثائق وتدوين الأحداث الفعلية، بينما الفلسفة تبحث عن جوهر التاريخ. وبالتالي، فإن الفكرة الوحيدة التي تدخلها الفلسفة في تأملها للتاريخ تقوم في أن العقل هو الذي يتحكم بالعالم ويسيطر عليه. مما يجعل من تاريخ العالم يبدو أمامنا ويتخذ صيغة المسار العقلي. وإذا كانت هذه الفكرة مجرد فرضية في مجال التاريخ، فإنها ليست كذلك في عالم الفلسفة. فالتاريخ الكلي بنظر هيغل هو "العالم الروحي" الذي يتجلى فيه العقل بوصفه جوهرا وقوة غير متناهية. إذ فيها ومن خلالها يتم البرهنة النظرية على أن العقل هو جوهر وقوة غير متناهية بقدر واحد. والمقصود بطابعه غير المتناهي هو كمونه وراء كل مظاهر وظاهر الحياة الطبيعية والروحية. فالعقل بالنسبة لهيغل هو جوهر الكون وطاقته غير المتناهية في الوقت نفسه، وأنه أوسع من كونه مجردا، بمعنى أنه قادر على صنع القيم المثلى. والمقصود بكون العقل جوهر الكون، هو أن الواقع الحقيقي واستمراره يستمدان وجودهما منه وفيه وبه. فهو الطاقة غير المتناهية للكون ما دام مستمرا في صنع كل شيء. فهو ليس مجرد مثل أعلى ونية مجردة. كما أنه ليس وراء العالم وخارجه ومنفصلا عنه لا يعلم به احد بقدر ما أنه المرِّكب غير المتناهي للأشياء، كما انه ماهيتها وحقيقتها التامة. وهو في الوقت نفسه مادته الخاصة التي يتعامل معها في نشاطه الايجابي. بعبارة أخرى، إن العقل قائم بحد ذاته، وانه صانع ذاته بذاته، كما انه يستند إلى قواه الخاصة، بوصفها قوة وطاقة وجوهر غير متناه.

إن العقل بهذا المعنى "يفّجر" نفسه، لأنه في آن واحد أساس نفسه ومحدد غايته الذاتية، كما انه قوة تحقيقها. انه ينفي ذاته عبر ذوبانه في التاريخ. من هنا يصبح التاريخ عقلانيا، لأن العقل هو محركه. من هنا قول هيغل عن إن العقل يزوّد نفسه بغذائه الخاص. وهو وحده أساس وجوده وغايته النهائية. انه القوة المنشطة التي تحقق هذه الغاية وتطورها في الوقت نفسه في ظواهر العالم الطبيعي والروحي على السواء، أي في التاريخ الكلي.

ان هذه الفكرة بالنسبة لهيغل ليست فرضية، بل مقدمة منطقية، سعى للبرهنة عليها من خلال رؤيتها في التاريخ الكلي. وكتب بهذا الصدد يقول، بأنه لابد لنا من اليقين القائل، بأن العقل موجود فعلا في التاريخ، وإن عالم العقل والإرادة الواعية ليس نهبا للصدفة، بل يتجلى على حقيقته في ضوء الفكرة الواعية بذاتها. ذلك يعني، أن التاريخ بالنسبة لهيغل هو مسار عقلي خالص. ووضع ذلك في عبارة تقول، بأننا حالما نقول "أن التاريخ الذي ندرسه يشكل المجرى العقلي الضروري لهذا العالم، فإن استنتاجنا هذا يجري استخلاصه من تاريخ العالم نفسه بوصفه مسارا عقليا".

إننا نعثر في آراء هيغل هذه على فكرة "القانون العام" أو المجرد أو سنّة الوجود العقلي في العالم، ومن ثم وحدة التاريخ الكلي. انه ينظر إليه على انه ضروري بحيث يقترب من الفكرة الغائية رغم انه لا يمثلها ولا يتمثلها على الأقل من الناحية الذاتية، لكنه يجد في مسار التاريخ، بوصفه مسارا عقليا، "طبيعة واحدة" جلية في ظواهر العالم. ومع ذلك لا تحتوي آراءه بصدد التاريخ على ما يمكنه ان يكون رؤية قَبْلِية (مسبَّقة). بل على العكس من ذلك نعثر فيها على ما يمكن دعوته بالرؤية التجريبية تجاه التاريخ. من هنا دعوته إلى التجريب أو "السير بطريقة تاريخية". وهو موقف موجه اساسا ضد الاتهام التقليدي للمؤرخين تجاه الفكرة الفلسفية عن التاريخ. من هنا دعوته أيضا لما اسماه بتبني الأمانة لكل ما هو تاريخي، رغم اشارته إلى الغموض المحتمل في هذه الكلمة. وأعتبر ذلك أمر لابد منه، فهي الحالة التي لا يمكن حتى للمؤرخ المحايد التخلي عن المقولات في التعامل مع مواد التاريخ، وذلك لأنه ينظر إلى مادته التاريخية بواسطة هذه المقولات. (يتبع...).

***

ا. د. ميثم الجنابي – مفكر وباحث

 

في المثقف اليوم