أقلام فكرية

ميشيل بولانى والعقلانية المضمرة (2)

محمود محمد علي"الممارسة عن طريق التعلم والتدريب"

نعود ونكمل حديثنا حول مفهوم العقلانية المضمرة عند ميشيل بولاني، وهنا يمكننا القول بأنه في ضوء ما سبق في المقال الأول يتضح لنا أن الكشف العلمي عند بولانى يقوم على المعرفة المضمرة القائمة على المهارة التي اكتسبناها بالممارسة عن طريق التعلم والتدريب ثم التلقائية التي تتمثل من خلال قوة الحدس، تلك القوة التى تمكن العاِلم من الإحساس بشكل مسبق بالمشكلة المطلوب حلها، وهذا الحل ينبثق فى لحظة ما في ذهن العاِلم . وفى هذا يذهب ريتشارد جيلويك Richard Gelwick فيقدم مثالاً من تاريخ العلم ليدلل على صحة مفهوم الكشف العلمي عند بولانى وهو اكتشاف ارشيميدس لقانون الأجسام الطافية والذي تولد من قصة التاج المخلوط بالفضة فيقول " طبقا لتاريخ العلم ارشميدس كان قد سأل ليعرف عما إذا كان تاج الملك مصنوع من الذهب أم أنه مخلوط من معادن أخرى غير الذهب . وبما أن التاج كان له شكل منتظم، فإنه من الصعب أن نقيس أو نقارن أجزاءه بأجزاء معادلة الذهب في أحد الأيام دخل ارشميدس الحمام فوجد أنه كلما غمر فيه جزء أكبر من جسده فاض الماء وتدفق من جوانب الحوض . وهنا صاح ارشميدس بصوت عالي " لقد وجدتها، " الوعي الأساسى لمشكلة وزن تاج الملك يتمثل في تلك الأيام التي شغلت المشكلة بال أرشميدس . وأما الوعي الثانوي فيتمثل حين دخل ارشميدس الحمام ووجد أن الماء يطفو كلما غمر ارشميدس جسده فيه . إن إكتشاف ارشميدس كان من خلال المعرفة المضمرة التي يلعب فيها الحدس دوراً كبيراً، إذ يتمثل في لمحة اشراقية تأتى من خلال الوعي الثانوي الذي يخدم توجهنا إلى تكامل الشكل المترابط . هذه الصورة يمكن أن تستخدم أيضا لتكون متجسدة تحت عنصر الذات والمتمثل في استخدام ارشميدس لتجربته الجسدية التي وجهته إلى اكتشافه الأكبر ".

وثمة عامل آخر مهم للمعرفة المضمرة يؤكد عليه بولانى، وهو أنها انتقالية Transitive ، بمعنى أننا ننتقل من مستوى واحد للواقع إلى مستوى أكثر تعقيدا ًمعنى، خاصة وأن العاَلم يواجهنا بمجموعة واسعة من المستويات المختلفة، وهى مستويات متشابكة من الواقع والعقلانية جميعها تتطلب منا بأن نلتزم بها كما نعرفها.

ويؤكد بولانى أن هذا الأساس الابستمولوجى للتدرج Stratification يقوم على أن العديد من رؤانا العقلانية تمثل بنيات Structures منظمة ندرك من خلال المبادئ الأساسية للعمل والوظيفة والغرض أو النظام . إن مكانة هذه المبادئ تعد مسألة اختيار ابستمولوجى للمستوى الذي ننظر إليه ولكن بشكل جوهري و يتمثل في عدم قابلية الاختزال الانطولوجى Ontological       Irreducibility لأجزاء القوانين المؤتلفة للمستوي الأدنى من تلك المبادئ المنظمة التي يمكن ملاحظتها.

وسواء كانت الأجزاء كما يرى بولانى محل الاعتبار ذرات أو أذرع أو تروس أو قطع من الكمبيوتر أو عضلات حيوانية، فإن سلوك كل منهما يتم وصفه بقوانين يمكن صياغتها بعمومية كافية، بحيث أنها تغطى أي ظرف يمكن أن يؤدى فيه الجزء وظيفته بدون فقدان تفرده.

ومن ناحية أخرى يرى بولانى أن وصف سلوك أي مجموعة أجزاء معطاه في ظروف معينة يحتاج معلومات ليس فقط عن هذه القوانين، ولكن عن التطبيق المجدد لها، أي أننا بحاجة إلى معلومات عن الظروف المبدئية والمحيطة وعن تحديد الأرقام والترتيبات والعناصر الأخرى التي يسميها بولانى " تحكم طرفى " Marginal Control . وهذا التحكم الطرفى هو الذي يحدد مجموعة من القطع الصغيرة للكمبيوتر أو البلورات السائلة التي تشكل ساعة أو آلة حاسبة أو جهاز تحكم أو الشيء الذي لا يفعل أي شئ مطلقاً .

إن النقطة الأساسية التي يريد بولانى أن يؤكد عليها هنا كما يقول هو أن مبادئ التنظيم العقلاني للشيء هى عبارة عن قوانين معينة للتحكم الطرفى التي يتم استبعادها منطقياً من القوانين العامة للأجزاء . إن أجزاء أي شئ تتكون غالباً من أجزاء أصغر، وهكذا فإن قوانينها العامة تصبح محكاً طرفياً بالنسبة للعناصر الأصغر، وهكذا فإن الكينونةEntity محل النقاش قد تصبح ذات وظيفة كجزء له كينونة أكثر حجماً ومنطقية وتعقيداً.

وهنا يشير بولانى إلى مبدأ الترتيب أو النظام أو العمل لأي كينونة معطاة بالحرف P والقوانين التي تحكم أيا من أجزائها بالحرفQ ، ثم يصف بولانى العلاقة بين الكل والأجزاء على النحو التالي : كل ما ينتمي إلى Q يعد ضرورياً ولكن ليس كافيا لكل ما ينتمي إلى P، والعقلانية التي تكون عن طريق الآلة أو الوظائف الآلية شبه الحيوانية لا تصبح بينه Evident بالعملية النظرية للاختزالية Reduction والتي تنحى مبادئ التحكم الطرفى جانباً باعتبارها ليست قوة توضيحية، ولكنها بالأحرى تصيغ قوانين التحكم الطرفى بغرض التصميم لأي اختراع إنساني أو الوظيفة الإجرائية للكائن الحي .

ويؤكد بولانى في نظرته المتدرجة أن العاَلم يتكون من تسلسل هرمي متداخل ضخم من الأشياء والأحداث والأفكار المنظمة، بما في ذلك وبشكل أكثر تحديداً التنوع الواسع من منتجات الثقافة، وفى قاع التسلسل الهرمي تقع الناحية الخاصة بأجزاء الفيزياء . والكيانات المعينة هنا تعد قليلة في النوع، إذ أنها توجد بأعداد كبيرة، بحيث أن العموميات واسعة التطبيق للصيغة البديهية تكون المادة الطبيعة . ولكن عندما نصعد إلى أعلى معدل التعقيد نجد أن العناصر تصبح أكثر وأكثر اتساقاً بأفراد أقل وأقل من أي نوع معطى، بحيث يصبح النوع العقلاني من العمومية في الفيزياء أقل وأقل فائدة، وتصبح محددات التعقيد المنظم هى وسيلة الفهم.

ولم يكتف بولانى بذلك، بل يؤكد على أن التنوع الواسع للكيانات والبنيات تجد لها انعكاساً في التنوع الواسع للعلوم، ونجد أن العلاقات المتداخلة للكيانات تتفق مع الطبيعة المتداخلة للعلوم ؛ وهناك نقطة يؤكد عليها بولانى في التسلسل الهرمي بكل ما ينتمي إلى Q وكل ما ينتمي إلى P، وهى أن أي جزء من الـ Pقد يتضمن درجة عالية أو منخفضة من الحتمية عن الأجزاء التي تنتمي إلى الـ Q ؛ وفى فقرة أخرى يؤكد بولانى على أن المستويات الأعلى لما هو بشرى تتضمن حرية وإبداعية أكثر مما تقدم محددات الآلات الحية لأجسامنا، ومن ناحية أخرى نجد أن الكمبيوتر لديه حتمية أبعد بكثير مما يمكن أن نراه في مستوى هايزنبرج Heiselberg Level الخاص بالإلكترونات شبه الموجيةWave-Like Electrons التي يتم استخدامها في الكمبيوتر.

وهنا يريد بولانى أن يصل إلى حقيقة هامة، يؤكد عليها في كتابه العلم والإيمان والمجتمع، وهى أنه ليس بإمكان رجل العلم أن يجد عن طريق التجربة أكثر من تفاعل ضئيل للمعلومات التي يستخدمها في البحث . لذا فإنه من الضروري أن يكون رجل العلم عضواً في برنامج البحث، وعلى المجتمع العلمي أن يقدم الاتصال المطلوب لمثل هذه المجموعات المنظمة، وأن يشكل نظاماً للنشر والاتصالات الأخرى من خلال تقديم المعلومات الموثوق بها .

ومن ناحية أخرى يرى بولانى أن هناك جانب شخصى أخر للمعرفة يتمثل فى أن الطبيعة المتداخلة للعلوم تقود إلى شبكة ضخمه للرأي العلمى الخاضع للحكم النقدي والذي يؤكد على المعايير التعديلية المستمرة لكل الأنظمة، ومن النادر اختبار نتيجة منشورة عن طريق التكرار، حيث أن المعيار الذي يجعل الباحث أو المحكمين الملائمين اعتبار شيئاً ما على أنه اكتشافاً حقيقياً تعد نفس المعيار عن طريق التحقق Verification؛ حيث أن المنشورات المقبولة تحمل بشكل عام دلالات التحقق الكافي . فكل نتيجة تملأ بمعنى معين فراغاً في نسيج العلم المتنامى واحدة من الأنماط الهامة للعقلانية هي منطقية الترابطات المكتشفة حديثاً بذلك النسيج جزءاً من الارتباط العام للأشياء .

وهنا نجد بولانى يؤكد على أن التجديد والاكتشاف في العلم عادة ما يستمر من خلال اختيار مشكلات جديدة، التي يمكن أن نحددها أو نشخصها على أنها فجوات للبحث، والتي تظهر على حافة هذا النسيج المتنامى بشكل مستمر للتفكير العلمي . إن المعرفة المضمرة في الحكم على المشكلة لكونها مشكلة جيدة تتضمن تكاملاً للنتائج المعروفة في الجزء القريب من النسيج مع المواد المتاحة والمهارات الخاصة للباحث، وكل ذلك يقع في بؤرة التركيز على ما هو معروف كما هو الحال عند محاولة النظر من خلال النظارات المعكوسة إذ تظهر معالم أكثر وتتجلى النتيجة الجديدة، ويتضح ذلك بشكل عقلانى، ولكن في الغالب يبدو مختلفاً عن التخمين المبدأى الغامض، وتعد عملية البحث والاكتشاف السمة العامة في الطريقة التي توجد بها العقلانية في العاَلم الواقعى، كما تعد برامج البحث ذات رؤى تتم مشاركتها من خلال مجموعات صغيرة من العلماء يلاحظون جوانب الواقع التي تلهمهم بتتابع ثابت من المشكلات الجيدة .

وثمة نقطة أخرى جديرة بالإشارة في نظرية المعرفة المضمرة والتي تعد شخصية بشكل عميق وهو ما يسميه بولانى " برنامج موثوق بهfiduciary programme . وهى مشكلة قبول المعتقدات الغير مثبته والتي تحاول العقلانية النقدية عند بوبر التخلص منها . وهنا نجد أن بولانى يصر على قبول تلك المعتقدات مؤكداً : " أننا لو اعتبرنا تلك الحجج التي تقول بأن شخصاً ما قد يستخدم في تقريره العلمي لما يعتقده من نتائج، وتلك الحجج التي تقول بأن السلطات العلمية تستجيب لحالة الفن في ميادينها الخاصة لوجدنا أنها تقوم على عدد من المعتقدات التي نستقيها من ثقافتنا عن طريق الإدراك الحسي، إلا أن أساس معتقداتنا المثبتة التي نعتقد أنها مثبته ليست مثبته في حد ذاتها، إنها أمور يمكن الشك فيها إدراكياً من خلال العقل، ومع ذلك فنحن لا نشك فيها واقعياً على أساس أنها تمثل عناصر نثق فيها ونلتزم بها " .

ويبرر بولانى ذلك فيقول: " على سبيل المثال نحن نعتقد أننا نعيش في عالم حقيقي يمكننا الاتصال به، ونعتقد أن قوانا العقلية كافية لخلق معنى لخبراتنا، وأنه من الصادق أن نستخدم مصطلحات معاييرنا المتبناه عن العقلانية . نحن نعتقد أن العلماء قادرون على تتبع دوافعهم فى تقصى الكشف، كما نعتقد أن انفعالاتنا المشتركة عن الجمال والتألق والترابط والصدق هي عبارة عن توجيهات جديرة بالثقة، كما نعتقد أيضا أن إطار العمل التفسيري المتجسد فى لغتنا هو إطار عمل حقيقي، وأن الغالبية العظمى لنتائج البحث العلمي تكون صادقة . وبالتالي فإننا نؤمن بأنه يمكننا أن ندرك المنطق الصحيح والتطبيقات الهندسية ووجود النظام ووجود العشوائية الإحصائية فى العالم الفيزيائي . وأود أن أضيف اقتناعي الخاص بأن العلماء فى إمكانهم تنظيم المستجدات التي تطرأ عليهم والتي تعد أحدث حقيقة وليست عرضه للتفسير العقلاني .

وهنا نتساءل إذا كانت كل تأكيدات الحقيقة عند بولانى معتمدة على المعتقدات غير المثبتة فكيف يتسنى للمعرفة أن توجد؟ هل نحن مضطرون إلى أن نرضى بمجرد الاعتقاد معتمدين فى ذلك على التفضيلات الخاصة للفرد؟ وهل من الممكن أن تكون هناك اتصالات حقيقة بالواقع والتي يتم تأكيدها وقبولها على أنها صادقه؟

يرى بولانى أن المعرفة تنسيقاً خاصاً لمعتقدات يمتلكها أفراد وتقع داخل عقولهم وأدمغتهم . ومن المؤكد أن هذه الوجهة من النظر تجد دعماً لها فى الحس المشترك. فإذا قلت " إنني أعرف تاريخ كتابتي لهذه الفقرة ولكنك لا تعرفها أنت "، فأنى أستند هنا على شئ يدخل جزءاً فى معتقداتي، ويغيب عن فكرك أو دماغك. وإذا ما سألتك " هل تعرف القانون الأول من قوانين الحركة عند نيوتن " فإن سؤالي ينصب على ما هو مألوف لديك أنت كشخص . ومن الواضح أن التأكيد الشخصي هو كل ما يتوفر لدينا، وحيث أن كل شخص لديه مخاطرة الوقوع فى الخطأ، فإن شكل القبول لا يمكن أن يكون إلا إلتزاماً . وفى الالتزام يعتمد الشخص على كل الدلائل المتاحة التي تقترح أن ما يتم إدراكه فى القطب العالمي هو الصدق إتصالاً بالواقع . وإذا افترضنا إمكانية وقوع الشخص فى الخطأ، فإننا نخلص إلى أن الوقت قد حان لنكف عن الشك ونقبل المعرفة ونعيش من خلالها مضيفين إلى المخزون الشخصي لمعرفة الشخص والتي يثق الفرد فيها بوجوده العقلي .

وعند إدراكه يبدو وجود مجموعة من المعتقدات غير المثبتة والتي يكمن خلف الالتزام ليهدد اقتناعات الشخص بالحقيقة . وهنا تكشف النسبوية الثقافية Cultural Relativism عن نفسها لتعلن هل الشخص قد وصل إلى المادة من ثقافته المختلفة، وإذا ما أراد الشخص أن يبدى رغبته فى أبعاد الشكوك التي قد ظهرت، فإن الشخص يحاول أن يدرك وجود نقطه وقوف يستطيع عندها أن يقارن إطار عملنا الغربي للاعتقاد بإطار عمل آسيوي أو أفريقي، وسيحاول الشخص فى هذه المقارنة أن يصدر أحكاماً عن مثل هذه الأمور كمسألة للعقلانية. وفى الحال يرجع الفرد للوراء للتقاليد الغربية التي لها مفهوم معّرف جيداً عن العقلانية ومعايير إدراك إنكارها، وفى الواقع ليس بمقدور الشخص أن يجد مكاناً يبدأ منه ليسمح له بالوصول إلى إطار مختلف للإشارة إليه، وذلك لأن البحث محكوم على نحو مضمر من خلال المعتقدات التي تجعل الشخص ينشد أساساً أكثر ثباتاً لمفهوم الصدق عند الشخص .

ويخلص بولانى إلى أنه لا يوجد أحد هنا إلا نحن بنو البشر القابلون للوقوع فى الخطأ، والذي نبذل أقصى ما عندنا لاكتشاف الواقع، واستكشاف العقلانية ونحن مقتنعين أنه على الرغم من مخاطر الوقوع فى الخطأ، فإننا نقوم بفعل جيد.

باختصار، إن مفهوم العقلانية المضمرة عند بولانى يقوم على الفكر التكاملي كوسيلة يمكن للأشخاص من خلالها إدراك العقلانية فى الطبيعة . إن مفهوم الكون غير القابل للرد عند بولانى يوحي بأنه توجد أنواع جديدة من العقلانية المعروفة فى العلوم المختلفة والموجودة بشكل لا حصر له الاكتشاف، وهناك قائمة طويلة من الأنماط الخاصة يحصيها بولانى تشمل : الأنساق الاستنباطية فى الرياضيات والأنساق المعنية بالكيانات الأساسية فى الفيزياء والأنساق الهندسية مثل الفيزياء البللورية والكيمياء العضوية والأنساق الوظيفية التركيبية فى الجيولوجيا ذات الصلة بالأنواع العديدة من المبادئ التنظيمية والتدريجية والتشغلية والعديد من الأنظمة المعقدة من التفكير والعلاقة والفعل فى العلوم الاجتماعية وبشكل عام تماماً ملء الفراغات فى الحافة المتنامية دائماً فى شبكة العلم . إن أمثلة العقلانية فى الطبيعة هي النوع الذي يرخى الانفعالات العقلية للعلماء والباحثين ويقوى إيمانهم بأن هناك إمداد متواصل لا يتوقف للعديد من الحالات التي يمكن إيجادها . وبالتالي فإن مفهوم بولانى لما هو شخصي يمثل عبوراً للفجوة بين ما هو ذاتي وما هو موضوعي يعد ممثلاً فى كل حالة من حالات الكشف العلمى على حد تعبير وليم سكوت .. وللحديث بقية..

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقل بجامعة أسيوط

 

في المثقف اليوم