أقلام حرة

نصيحة انتخابية: لا تضعوا كل البيض في سلة السباحين

 الازدهار والديمقراطية الحقيقية كانوا يتحدثون عن منجزاتهم العظيمة وكأنهم أصلحوا شؤون حياة كل عراقي ورفعوا شان الإنسان وحققوا الأمان والرفاه الاجتماعي للعراقيين...فدار حديث بيننا.. فطرحت عدة نقاط عن حقيقة الانجاز وهل نحن كعراقيين بعد مرور عدة أعوام على سقوط هبل بغداد راضون ومقتنعون بحقيقة ما جرى ويجري.. بالتأكيد فرحنا بزوال حكم الطاغية لكننا غير راضون عن حكم دكتاتوريات التشظي والمساومة دكتاتوريات الظلم والفساد والسرقة وبيع العراق بمزاد التشرذم والانهيار والتفصيخ العلني .. اكتشفنا أخطاء كثيرة في تصوراتنا.. كنا كعراقيين في الداخل نتأمل خيرا بالمناضلين السابقين الذين كانوا يعيشون مشردون في الخارج (مزدوجي الجنسية)... وكنا نحسن الظن بهم لدرجة كبيرة واعتقدنا أنهم سوف يصنعون المعجزات... كنا نراهم مثاليون كنا نعتقد بأنهم مصلحون ويحملون فكر الخلاص وفكر القدسية الوطنية والدينية كنا نظن أنهم زاهدون متقون الى درجة تنقذ بلدنا من كل ظلم وتحقق العدالة وترفع الضيم عنا . نسينا أنهم بشر يعيشون الخطأ والصواب ويفعلون  الخطأ والصواب ، نسينا أنهم بشر تغرهم الكراسي وتغرهم المناصب وحب الدنيا ، نسينا أنهم بشر والمال السحت والثروة ستقسي قلوبهم وستسقط عنهم وطنيتهم وستشوه صورة نضالهم . أصابتنا خيبة كبيرة لما حصل ويحصل في العراق ما بين إرهاب وقتل وتفجير وإرهاب وفساد حكومي متعدد الوجوه البشعة.... النفاق والتلون أصبح الحليف والنديم لمناضلي الأمس الحاكمين.

طرحت التساؤل التالي على النواب الحاضرين معنا في الجلسة  قلت لهم بعد السقوط لم نكن نسال أنفسنا لماذا ناضل المناضلون السابقون ضد الطاغية صدام... أما الآن فأننا نتسال ... لماذا ناضل المناضلون ضد الطاغية المقبور؟؟؟؟!!!!!!... والحقيقة هذا سؤال صعب وقد يكون محرجا ونحن كشعب لا نجد جواب شافي يريحنا!!!!  فأجاب احد النواب وقال ان المناضلين ناضلوا ضد النظام السابق ليغيروا واقع الحال الى واقع حال  أفضل... فقلت له وواقع الحال الآن ليس بأفضل  لا نضال المناضلين ولا صبر شعبنا المسكين هو من اسقط الطاغية . لذا نحن قد خدعنا بمن كنا نظنهم مناضلين ومنحناهم حقا لا يستحقوه في مسؤولية تولي السلطة. نحن الآن نعيش مرارة خيبتنا لسوء الاختيار لكن سلوتنا الوحيدة كانت  عدم جود خيارات ناضجة أمامنا لاختيار النزاهة والصلاح في الانتخابات البرلمانية الماضية : ؛؛ نكرر هنا لماذا ناضل المناضلون ضد صنم بغداد؟!!!! وهل نضالهم كان حقيقة أم وهم ...هل عشنا سنينا طويلة مخدوعون برموز نضال خائبة رموز من ورق رموز تستنسخ جينات الحكم السابق بدكتاتوريات وظلم بشع جديد؛؛ .

هنا قلت للجميع في الجلسة دعوني أقص عليكم حكاية حكاها لي والدي رحمه الله أيام زمان..الحكاية تقول: كان في زمن الدولة العثمانية والي على ولاية بعقوبة وهذا الوالي أرد أن يبني جسرا على نهر ديالى فقام بجمع الأموال بالقسوة والإجبار من الناس ومن أهالي المدينة لبناء الجسر وفعلا بنى الجسر على نهر ديالى .. وكان هناك رجلا في المدينة عمله يوجب عليه عبور نهر ديالى يوميا  لكنه كان لا يعبر النهر عن طريق الجسر...وإنما كان يأتي قرب الجسر ويخلع ملابسه ويضعها فوق رأسه ويعبر سباحة وعندما يصل للطرف الثاني من النهر يقوم بارتداء ملابسه مرة ثانية لينصرف الى عمله  ولم يعبر الجسر مشيا على الأقدام أبدا. بقى هذا الرجل 10 سنوات يعبر النهر سباحة قرب الجسر ولا يستخدم الجسر أبدا...فشاع أمره في المدينة وعرفوه الناس بأنه يرفض عبور الجسر سيرا على الاقدام.. فسمع به الوالي فقال لحراسه هاتوا لي هذا الرجل المعتوه الذي يعبر نهر ديالى سباحة يوميا قرب الجسر.. لكي أرى ما به ولماذا يفعل ذلك.. فعلا جاءوه بهذا الرجل ووقف أمام الوالي فقال له الوالي لماذا لا تعبر على الجسر مشيا على الأقدام بدلا من عبور النهر سباحة.... فقال لهم مولاي انك جمعت الأموال من الناس وأكيد تم اخذ بعض الأموال قهرا من الأيتام والأرامل وهذه الأموال تم استخدمها في بناء الجسر..أذن أموال بناء الجسر بعضها حرام ..لذا أنا استحرم العبور على هذا الجسر. فتعجب الوالي لكلامه ولنزاهته وقال له وأنت متحمل هذا 10 سنوات؟؟ !!  فقال له لا بل وأتحمله 1000سنة أيضا . فقال الوالي له والله انك لرجلا قمة بالنزاهة والأمانة والتدين وأنت ممكن ان تفيدني في أعمالي لانك رجل أمين .. فقام الوالي بتعيين هذا الرجل أمين للخزانة في الولاية ووضع من يراقبه..  بعد فترة تبين أن هذا الرجل نزيه ولا غبار على عمله فسحب الوالي الرقابة وجعله يعمل من غير رقابة.. بعد عامين من تعيين هذا الرجل بدأ الوالي يسمع بالكثير من المصائب في المالية يسمع ويسمع بالضرائب الكبيرة التي يصدرها أمين الخزنة ويفرضها على الناس.. فقال الوالي لحرسه ادعوا لي أمين الخزانة ليحضر لأرى ماذا فعل وكيف يدافع عن نفسه عما يقوم به من مصائب مالية (ضربات مالية كبيرة).. فعلا جاء الأمين الى الوالي وقال له نعم يا مولاي فقال له احكي لي عن المصائب المالية هذه!! وهذه!! وهذه!! وهذه؟!!  كيف قمت بفرض هذه الضرائب الكبيرة على الناس ؟   احكي لي لأسمعك... فقال له يا مولاي أنا 10سنوات اضرب كف بالماء لأني أريد أصل الى هذا المنصب.. والآن أنا وصلت له . لذا عليه أن أتمتع الآن واجمع ثروة لي ولك... فانا اعمل إلي وإلك مو بس إلي يعني كل ما افعله لي ولك.... هنا تبسم الوالي وقال له والله أنت هم تفيد سابقيك في منصبك وأعطيك مهام وصلاحيات اكبر .. سوف اجني من عملك مكاسب كبيرة... وبقى أمين الخزنة في منصبه والوالي مبتهج جدا وراضي جدا عنه وعن مكره وذكائه .. وخبثه في فرض الضرائب  وتضخيمها على الناس .

؛؛انتهت الحكاية؛؛

بعد إكمال هذه الحكاية سكت الجميع!!!!! وبقينا بانتظار الغداء وتحولت دفة الحديث بعد الغداء للكلام عن الانجازات العظيمة للجنة الزراعية في البرلمان....

الشعب العراقي كله الآن يعرف ما هي انجازات الذين قيل أنهم كانوا يسبحون أكثر من 35 سنة متتالية... وهنا لا يسعني ألا أهنيء الشعب العراقي لأنه يمتلك سباحين عظماء أمناء صبروا كثيرا الى أن وصلوا الى كراسي السلطة .. سوف يجلبون للعراق العشرات من الميداليات الذهبية والفضية والبرنزية في سباقات السباحة العالمية  الكبيرة .. نصيحة انتخابية لشعبنا العراقي التقارير العالمية تشير الى أن انهار العراق سوف تعاني من الجفاف لذا علينا أن لا نضع البيض كله في سلة السباحين.... فلا تنتخبوا السباحين الأمناء....

 

لننتخب الشرف العراقي لننتخب الزهد العراقي لننتخب الأصالة لننتخب النزاهة والحكمة والشجاعة ... لنبحث عن الأمناء في قوائم الانتخابات.. فان قوائم الانتخابات القادمة مفتوحة ..ان التكليف الشرعي والوطني كبير ويفرض علينا التفاعل الايجابي مع الانتخابات بدون يأس وان نبحث عن الأمناء الحقيقيون ويجب أن نعمل على ظهور شمس التغيير والصلاح ليظهر المخلصون الشرفاء الوطنيون بقوة في الانتخابات القادمة ...من اجل بناء امتنا العراقية. ...

 

د.علي عبد داود الزكي

 [email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1297 الاثنين 25/01/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم