أقلام حرة

المنغوداي والليفي والفرقة القذرة والصحوات

أهمية معرفة الإنسان لقدسية موطنه قد تكون هي ما يوحي إليه بأهمية الأوطان بالنسبة للآخرين الذين يريد السيطرة بالعدوان عليها، ولذا تراه يستنبط طرائق يظن أنها تحميه من غضب الناس وتشرعن له احتلاله لبلدانهم فيلجأ إلى أهل البلدان المحتلة أنفسهم ليختار منهم مجاميع تتعاطف معه أو تعاديه فيسلحها وينظمها ويسبغ عليها العطاء ليأمن شرها من جانب  ولتدافع عن وجوده الذي يمثل لها فائدة مادية ومعنوية كبيرة من جانب آخر.قادة الأوطان أنفسهم أدركوا أهمية هذه الجنبة وطبقوها على حياتهم  فصاروا يختارون من بين الجموع نماذج معينة يدربونها ويغدقون عليها العطاء بترف كبير لتدافع عنهم

وعلى مر التاريخ كانت هذه اللعبة السمجة ميدانا حرا للتجريب والتخريب ومن صورها قيام الحكومة الأموية بتجنيد الموالي الفرس الذين كانوا يعيشون في الكوفة وتحويلهم إلى فرقة تسند إليها المهام القذرة عرفت باسم الفرقة الحمراء. المغول الذين صمموا على اكتساح العالم وجدوا أن من مصلحتهم بناء قوة انتحارية  من أطفال القبائل التي أبادوها أو من أطفالهم الذين قتل آباؤهم في الحروب فأنشأوا ما عرف باسم (المنغوداي) هتلر الذي كان يحلم أيضا بأكتساح العالم أنشأ مدارس خاصة لإعداد الفتوة الهتلرية كنوع من خطط عسكرة المجتمع  في ظل قاعدة خذوهم صغارا. الاستعمار الإنكليزي في العراق باشر في عام 1921  بتشكيل قوات محلية طائفيَّة لمواجهة الرفض العراقي الواسع للوجود البريطاني. بإشراف ضباط بريطانيين ، عرفت باسم (الشبانة، أو الليفي) من أبناء العشائر التي كان شيوخها موالين لهم ، ومن الآشوريين الذين اعتمدت عليهم بريطانيا كل الاعتماد ، واستخدمتهم في إثارة الفتن والتناحر والانقسامات، ومنها فتنة "سوق العتمة" في الموصل في 15 آب 1923التي أدت إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى في صفوف الأهالي ، بعد أن أطلق الجنود الليفي النار عليهم ، ثم مجزرة كركوك ،بتاريخ 4 أيار 1924 . وفي عام 1926 بعد أن ضمنت بريطانيا هيمنتها المطلقة على العراق ،وربطته بقيود صارمة تمكنها من السيطرة على قدراته السياسية ،والعسكرية ،والاقتصادية ، وكافة المجالات الأخرى أقدمت على تسريح معظم قوات الليفي ، واستخدمت ما تبقى منهم كحراس لمعسكراتها الخاصة بالقوة الجوية ، في معسكر الرشيد ، وقاعدتي الحبانية والشعيبة ،وفي الهنيدي .أما الذين سرحوا من الخدمة ، فقد منحت كل فرد منهم  بندقية وعتادا ، وكمية من النقود لاستخدامه عند الضرورة ، في إثارة القلاقل والمشاكل في البلاد ، وجعلتهم ورقة ضغط على الملك فيصل لتمرير مشاريعها . بعد ثورة تموز 1958 قام الحزب الشيوعي العراقي  ببناء قوات المقاومة الشعبية من الجنسين. وبعد انقلاب 1963 البعثي قام البعثيون ببناء قوات الحرس القومي. ثم بعد الانقلاب الثاني في 1968 قاموا ببناء قوات الجيش الشعبي والفتوة والطلائع وفي مرحلة متقدمة قاموا ببناء قوات فدائيي صدام . أمريكا بعد دخولها للعراق قامت ببناء الفرقة القذرة وهو النهج الذي سارت عليه في أغلب الدول التي دخلتها قواتها قبل دخولها العراق ثم في مرحلة متقدمة قامت ببناء الصحوات لامتصاص غضب بعض القواعد الشعبية التي كانت تحاربها، وبعدما رأت وأدركت الانفصال الذي حدث بين هذه التنظيمات وتنظيم القاعدة وتحول الشراكة التي كانت بينهما إلى حرب حقيقية طاحنة.

الملاحظ أن كل هذه النماذج الحربية كان الهدف من وراء بنائها والغاية من إنشائها وطريقة تدريبها ومدة إبقائها وطريقة تفكيكها واحدة، والملاحظ أيضا أن كل ذلك الجهد لا يصب عادة في صالح أعضاء هذه التنظيمات أو في صالح وطنهم بالمرة. وهم إما أن يبادون على يد الجهة التي كونتهم أو أن الشعب ينتقم منهم ويطاردهم أو يحالون إلى المحاكم الجنائية لينالوا القصاص العادل عقابا لهم على ما اقترفوه من جرم بحق أبناء شعبهم. وعلى مر التاريخ سقطت هذه الأنموذجات وانتصر الدم على السيف، ونحن نشهد اليوم محاولة جدية لمعقبة مجموعة من هؤلاء بيد القضاء العراقي في المحكمة الجنائية، هذه المحكمة التي قدمت شريط فيديو يبين مقدار استهانة هؤلاء بالدم العراقي الزكي، وهو الشريط الذي وثقه موقع

you tube

في الرابط أدناه

http://www.youtube.com/watch?v=fwAnGw-ld0E

 

 ............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1303 الاحد 31/01/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم