أقلام حرة

جيل السبعينات واللعنة التي تطارد ألأجيال الاحقة

ولا أحد منا يُنكر أن جيل السبعينات قد قّدم لنا الكثير من ألأسماء المهمة والتي رفدت الحركة الفنية بأعمالهم وأنجازاتهم التي نتذكرها جميعنا، وهناك ايضا من لم يحالفه الحظ من ابناء ذلك الجيل وترك الفن والساحة الفنية . ولأن تأثير البعث والزمرة التي حكمت العراق لم يكن مباشرعلى أبناء هذا الجيل أذ لم تكن هناك حرب ولم يكن هناك حصار ولم يكن هناك صدام كما هو فيما بعد ... كان هناك حيزاً لا بأس به يستطيع أبناء هذا الجيل من التحرك فيه وألأبداع مع صعوبة الحياة التي عادة ما تنتج فنانيين حقيقيين، وأعتقد لم تكن هناك منافسة كبيرة بمعنى لم تكن هناك تلفزيونات متعددة ولا قنوات فضائية كثيرة كما اليوم كذلك عدم وجود القطاع الخاص الذي لا يؤمن بألأبداع بل يؤمن بالتسويق لما يوفره من أرباح .

وأذا ما أخذنا بنظر ألأعتبار حجم الدمار والموت والجوع والهجرة القسرية لجيل الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم ولحد ألأن نجد تأثيرها كبيرا جداً جداً على الجميع وخصوصا على ألأجيال الفنية التي تلوثت مخيلتها بأبشع صور الموت والدمار ناهيك عن عدم نضجها وعدم بلوغها الفني فهي تنمو وتكبر وهي تحت راية الطاغية والتي تعني بدورها تحت راية الحرب والموت ... وألأهم من هذا كله هو ما حملته تلك الحروب والمآسي لهذه ألأجيال من تشويه عضوي أحياناً وتأثير نفسي كبير في احيان كثيرة .

صحيح ان الجيل السبعيني تأثر بكل هذا أيضا ولكنه لم يعاني من عقدة الجيل السابق مثلاً كما عانته وتعانيه الاجيال اللاحقة ولأنه قدّم ما يريد تقديمه ولقد قال كلمته الفنية ولقد وضع بصمته الخاصة بدليل أننا نتكلم عليه في كل مكان ونتذكر تلك ألأعمال نعم صنع بصمته الخاصة بكل الفنون ولقد أصبح أبناء الجيل السبعيني رواداً لنا في حين لا نعرف متى يكون ابناء الجيل الثمانيني رواداً ولمن؟ هل للجيل التسعيني ومتى ؟ لا اعتقد بأن هناك رواداً غير الجيل الملائكي السبعيني .

أما ألأجيال ألاحقة جيل الثمانينات والتسعينات فحسبها الوحيد ان تنتظر (الفرصة ... او من يأخذ بيدها لا اعرف) كل الذي اعرفه هو ان هذا الشعور بالظلم الذي يعانيه أبناء هذين الجيلين والذي ستبقى الى ألأبد ! ليس حقدا لا سامح الله على من سبقوهم ولكن لأن الكثير منهم لا زال يحلم بأن يقدم ما عنده ولأن أغلب أبناء هذه ألأجيال لم يقدم كل ما لديه، كذلك المنافسة المحمومة والغير شريفة التي توفرها الفضائيات والثورة الالكترونية التي زادت من معاناة هذه الاجيال ... لأن هذه الفضائيات توفر ألأنتشار السريع والذي توفره البرامج التافهة لتسطيح عقلية المتلقي كذلك ضحالة الفن المُقدم على يدي أناس ضحلين همهم الوحيد هوألأنتشار وتحقيق ألأرباح كما أسلفت فأين يجد الفنان الحقيقي الثمانيني او التسعيني فرصته وهو يفضح بفنه ألأصيل كل هذا الزيف وكل هذا التسطيح ناهيك عن برامج ألأغراء وتحويل الفن ألأصيل الى صورة راقصة يتمايل عليها الجميع .

هي أذاً لعبة القدر مع ابناء هذين الجيلين فمن العبث مقارنتهم بالجيل السبعيني اوتذكيرهم بأن ذلك الجيل هو افضل من قدم للعراق فناً اصيلاً وأن أعماله ستبقى خالدة، وأبناء العراق يفرحهم تقديم كل ما هو جيد واصيل وليبقى العراق في طليعة ألأبداع العربي .

صادق العلي – ديترويت

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1073  الثلاثاء 09/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم