أقلام حرة

الوطن ومعاشرة السياسيين الشطار

منذ سقوط حكومة البعث في العراق علي يد قوات التحالف الدولي الأربعيني بقيادة الحاج العم سام الأفيوني والوضع العراقي يسير من سيء إلى أسوأ حتى لامس درجات التقزز وخرج عن منظور الحسابات الفكرية والفلسفية ودخل مراحل السفافة والطوباوية والخوف والتوجس. فلم يعد خاضعا لا للمنطق الأفلاطوني ولا للتهويم الداروني، وبات عصيا على فهم الحكماء، ومخرسا للبلغاء والعلماء الفصحاء. فانبرى لتحليله كل من هب ودب وعلى مبدأ الشك والظن والتوقعات شب، فلم نعد نعرف الرأس من الرجل ولا المرأة من الرجل، فالكل أصبح شاعرا ينظم الزجل ويتغزل بالمقل، ويغني  بصوت نهيق للطشت والقلل، يعزف على وتر الضغينة ويسوق المفاهيم الهجينة، على شاشات الفضائيات تنتفخ منه الأوداج ويلح في اللجاج يثير الزوابع والعجاج بين المكونات من كل الاثنيات والمذاهب والديانات، ويستجدي الأعطيات. وفي المساء يخلع الكساء ويلبس المايوه أو البكيني، يعاقر الحفلات ويرعى جميلات النعاج اللواتي قدمن من كل الفجاج، ويطرق الزجاج بالزجاج، ويشبب بالحمص بالطحينة والمشاوي  السمينة والدجاج والكنتاكينة، ومصير الأمة المسكينة والشعب المغلوب بيده رهينة كما هي العجينة، أما في أوقات الدوام فيبدو على ما يرام، حيث تحولت كاسكيتة الجيش الشعبي إلى سدارة أو عقال وغترة أو عمامة، وتحولت أقلام الكتف إلى خواتم في إبهامه، والبدلة الزيتوني إلى  بدلة يا ليلي يا عيوني.

 شيء واحد لم يتبدل ومن مكانه لم يتزلزل وبقي على مساره الأول وهو وقوف الجميع أمام الطاغي كزوج الصندل، ولكن بفارق بسيط أنهم بالأمس كانوا صغارا ينحنون للقائد الهمام بذل مستدام، واليوم صاروا صغارا يركعون للعم سام سواء كانوا في الحمام، أو في ملابس الإحرام.

فهل بعد هذا تأمل أيها الأديب البديع بالخضرة والربيع، وبقطار سريع وحياة سعيدة للجميع من شارك منهم بغزوة خيبر أو في المريسيع؟ وهل تريد العودة من المهجر لتسكن الخيام، وتحت الجسور مع الشعب المهجر تنام؟ أم تتمنى أن يرقص سكين الإرهاب على المنحر لتلحق  بركب الصد ما رد في هذا الزمن الأغبر؟

ابق بعيدا يا مصطفى  تحلم بغد أسعد لا تستعجل لا تتشدد، وكل ما تحتاجه ثلاثون عاما أخرى من البعد وسيأتيك الوطن الغالي أيها الأمجد على صحن من عسجد تملأ صحاراه الزعفران والورد.

أما نحن أهل الداخل ومدمنوا النوازل والزلازل والضيم والمهازل، فيعز علينا أن نقول لأهلنا ومن فارقناه منذ عشرات السنين رغم ما بنا من شوق وحنين وألم دفين:ابق بعيدا وأحلم بالقادم من السنين، بدل أن نقول له: يا مرحبا بالغياب حل الفرح والعذيبي تنسم وطاب في بلد الشرف والعفة والمنائر والقباب،لأن ما نراه مجرد أرض يباب وسفك دم وأحتراب بين الأخوة والأهل والجيران والأحباب من كل الأحزاب، وللسيد الأمريكي المحتل حارس صنديد على كل باب يحصي عليك حنى دخولك للحمام والنوم في السرداب!!!!!  

 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1312 الثلاثاء 09/02/2010)

 

 

 

 

في المثقف اليوم