أقلام حرة

هل الشعب العراقي بحاجة الى الحزب الشيوعي العراقي؟

ليس جوابا يمليه تاريخ شخصي ما زلت أفتخر به، ولا هو بجواب لمعالجة قضية مفارقة قد يحسبها بعض الناس تخصني ذاتا، ويكفيني دليلا على ذلك، إن الحقائق والوقائع تسعف موقفي هذا، فالشيوعيون العراقيون يملكون تجربة نضالية فذة عبر عشرات السنين في العراق، يمكن أن تتحول إلى درس للاسترشاد والاسمتمزاج، والشيوعيون العراقيون يستهدون بمدرسة ذلك الروحاني الكبير، اقصد صاحب كتاب (رأس المال)، وهاي هي الماركسية تطل على العالم بثوب جديد، وحلة أبهى، وبالتالي، يمكن للشيوعيين العراقيين أن يقدموا اسهامات كبيرة وعميقة في حل مشاكل العراق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وفي الوسط الشيوعي العراقي مفكرون وأصحاب تجارب كبيرة في العمل السياسي والأعلامي، ويكفي أن نعرف إن الرموز البارزة في مجال الاعلام والادب والشعر والمسرح ينتمون إلى هذا الوسط، والشيوعيون العراقيون اليوم شركاء فاعلون في العملية السياسية وقد قدموا شهداء على طريق بناء العراق الجديد، وقد نجحوا في التأ قلم مع واقع المجتمع وقيمه وتقاليده في إطار من الإيمان بالديمقراطية والقيم الروحية، وهذه نقلة في تاريخ الشيوعيين العراقيين .

ربما يشير بعضهم إلى أن الحزب الشيوعي العراقي اخطا كثيرا، ولذلك يجب أن يُعاقَب بحرمانه من المشاركة بالعملية السياسية، وربما يكون ذلك مدعاة وصفه بصفات خارج مملكة الانتماء للوطن والقيم وا لتقاليد والروح والضمير !

هذه الحجة تحمل الكثير من الغرابة، ترى أي فصيل من فصائل العمل السياسي العراقي لم يتحمل وزر الكثير من الاخطاء، بل الجرائم بحق الشعب العراقي؟ خاصة تلك الفصائل التي تدعي التدين والتقوى السيا سية، والتي كانت تلوح بشعار (اليد المتوضئة)، وإذا بها يد لا تبالي بحرام واضح، لا يحتاج إلى نص من قرآن أو سنة؟!

الشيوعيون العراقيون أعطوا دماء وشهداء وقد ناصبهم حزب البعث العداء، وحكم هذا الحزب على شيوعي العراق با لموت، تماما كما حكم على منتمي حزب الدعوة، ولكن من دون إعلان، وهذا أقسى بطبيعة الحال، ولا يمكن أن ينكر أحد، بأن سمعة الشيوعيين العراقيين الآن في الشارع العراقي متميزة، فلم تثبت بحق أي منهم أي جريمة تتعلق بسرقة المال العام، أو الإساءة إلى شرف الوظيفة الرسمية، أو الاعتداء على نظير مخالف، أو تشويه سمعة الناس، عاملون في طريقهم، يقاومون الصعاب والحصار والتعنيت والاضطهاد باسم الدين والوطنية، ينشرون الفكر الحر، ويقدمون اطروحات جميلة في حل المشاكل التي يعاني منها العراقيون .

الحزب الشيوعي العراقي بشكل عام مدرسة نضالية، وتجربة فكرية، وذكريات عمل، وتاريخ متواصل من الحضور السياسي والنضالي، فهل ننكر كل ذلك ؟

إن الانصاف يستوجب ويتطلب الانتصار للشيوعيين العراقيين، كأي فريق أو شريحة، أو فصيل سياسي يعمل ضمن الا طر الدستورية، وفي تيار الاتجاه العام للمجتمع العراقي ثقافيا وروحيا ودينيا وتاريخيا .

إن جريدة (اتحاد الشعب) تمثل حقا صوت العمال العراقيين، بل تمثل صوت كل المحرومين، بلغة فكرية سياسية احترافية عالية، فهل نحرم الشعب العراقي من هذا الصوت الجميل؟ وهل يحق لنا أن ننكر ما يقدمه لنا من زاد فكري، وترحال في عالم المُشكِل العراقي؟ فكيف نقول إذن إن الشعب العراقي ليس بحاجة ا لى الشيوعيين العراقيين؟

وأعود للقول بأن ليس هناك فصيل عراقي بريء من الاخطاء والهفوات، الجميع لهم أخطاؤهم وهفواتهم، وللتاريخ لسان كما يقولون !

الشعب العراقي بحاجة اليوم الى كل طا قة خيرة، يمكن أن تساهم في دفع العملية السياسية إلى الامام،و يمكن أ ن تساهم في تطوير العقل العراقي، والحزب الشيوعي متسلح بنظرية فلسفية واقتصادية واجتماعية أقل ما يمكن أن نقول عنها، أ نها قابلة على التجدد، وهل يستطيع أحد أن ينكر إن (هابر ماس) ماركسي ولكن بجهوده الشخصية، وطابعه الفكري الخاص؟

أن الواجب يحدو الشيوعيين العراقيين ان يواصلوا نضالهم المشروع، في سبيل وطن حر وشعب سعيد، وحسنا فعل الحزب عندما أ صر على استمرار المواجة مع أعداء الامة وا لدين والشعب، أقصد قتلة العراق لأكثر من ثلا ث عقود من السنين .

ليس كل من يدافع عن مسيحيي العراق هو مسيحي، وليس كل من يدافع عن تركمان العراق هو تركماني، وليس كل من يدافع عن صابئة العراق هو صابئي، بل ربما هو إسلامي قبل أي انتماء آخر، فإذا ذلك، يكون الاسلام بخير حقا .

والضمير من ورا ء القصد

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1328 الخميس 25/02/2010)

 

 

في المثقف اليوم