أقلام حرة

حكومة الشراكة حكومة الأخوة الأعداء .. الجيل الثاني

به البلد وستعم نظر المراضاة للكتل والشخصيات على حسب العدالة والمجتمع... لم يمهد حتى الآن لولادة حكومة عراقية ديمقراطية قوية ذات معارضة مرآتيه قوية تعمل على أصلاح مؤسسات البلد المريضة.. الكل متنافسون للوصول الى كراسي السلطة الكل يركضون ويلهثون نحو تشكيل حكومة (الشراكة) حكومة السرقة والنهب حكومة الكراسي وتصارعاتها ؛؛حكومة نسرق معا وشعارنا اسكت عني واسكت عنك؛؛.... أن الأمور في العراق والشرق الأوسط دائما تسير راكضة بارتجال على حصان البرغماتية بعيدا عن الإستراتيجية والرؤية المخطط لها لان التداعيات غالبا ما تكون غير مسيطر عليها .. للأسف الأحداث السياسية المتسارعة لا تكرر نفسها لنتعلم منها وإنما غالبا ما تتجدد بأسلوب مؤلم لا يمكن إدراكه... أن الأحدث المتسارعة والغريبة والمفاجئة في عراقنا الجديد لا يمكن أن تدرك ألا بعد حصولها ... وقد تبقى مجهولة بسبب تدافع الأحداث المؤلمة وتزايد حاجة الإنسان لأساسيات الحياة المتناقصة بشكل كبير مع الزمن مما يجعل الحدث وتحليله أمرا ثانويا وهامشيا  أمام التحديات التي  تقيد جميع الرؤى بحقيقة اسمها ؛؛يجب استمرار الحياة مهما حصل ويحصل؛؛  لان استمرار الحياة يبقى هو الهدف الأكثر أهمية  ويترك التحليل للمستقبل بأمنية عسى أن يكون الغد أفضل ...والغد في أحسن أحواله سيتم فيه فقدان الكثير ونسيان الكثير وإهمال الكثير... كما أن  فقدان بعض حلقات الحدث يجعل الحدث حزورة غريبة قد تكون ضحكة الم ...الآن وبعيدا عن الحدث والتدخل الفوضوي الأمريكي في العراق وتدخلات الجوار العربي والإقليمي لننظر الى الحدث العراقي والنتيجة التي نسير أليها لا كأمة عرقية وإنما كدولة عراقية هشة التماسك تسير بديمقراطية عاجزة وغير مؤهلة للصمود بمفهومها والغاية الحقيقية منها ؛؛ في تحقيق الحرية والازدهار والعدالة والتقدم وبناء دولة عصرية قوية؛؛ ... أن رؤى الحدث وتحليله وتجنب تحليل مسبباته وتحليل التناقض السياسي والكتلي في البرلمان السابق والجديد يشير الى أن المرحلة القادمة ما هي ألا نكبة ديمقراطية جديدة...الحكومة القادمة يمكن الجزم بأنها ستكون حكومة ضعيفة حكومة محاصصة مقيتة حكومة تراجعية حكومة سراق مخضرمون وجدد .. لا نعرف لماذا على العراق أن يعيش عهد ديمقراطي معوق؟!! لماذا الكل يريد الأمارة في عصر الديمقراطية؟!!! ... فمن يعمل على تقويم عمل الحكومة ويصلح الفساد أذن؟.. أن اضعف حكومة هي حكومة الديمقراطية التي لا يوجد لها معارضة برلمانية قوية ولا يوجد لها مؤسسات نقابية واتحادات ومؤسسات مجتمع مدني قوية.

أن الإنباء الأخير تشير الى أن الحكومة القادمة سوف تشكل من أربع كتل رئيسية وهي تشمل جميع مكونات الشعب العراقي ... يعني السنة سوف تمثلهم العراقية والشيعة ستمثلهم قائمتي الائتلافين والأكراد ستمثلهم القائمة الكردستانية ...تحت عنوان حكومة الشراكة ... وهذا غريب ومضحك... لماذا لا يعودون الى عنوانهم السابق (حكومة الوحدة الوطنية) ...أن حكومة الشراكة تعني أن العراق هش وغير متماسك وان الصراع قد ينفجر بأي لحظة ... والحكومة ستكون ضعيفة بسبب المحاصصة وفسادها.. أن تشكيل الحكومة من أربعة كتل لتمثل أكثر من 90% من البرلمان عملية غير صحية ويكن اعتبار ذلك خطا فادح للعمل الديمقراطي .. لكن هل هناك بديل برلماني عن هذا الخطأ!!... بالتأكيد لا يوجد بديل أفضل أو اقل سوءا.. أن الخلل هو خلل دستوري جعل العملية الديمقراطية العراقية عملية كسيحة لا تعطي حلا وطنيا صالحا ...

 العراقيون كأمة لا يريدون حكومة تعتدي على احد لكن لا يريدون حكومة تصفعها وتهينها أتفه الدول لا يتمنوا حكومة فاسدة وذليلة.. أن كل الكتل السياسية الكبيرة متهافتة اليوم للوصوللمتسلطين.السلطة . حيث أن كرسي السلطة في العراق ينمي النفوذ الكبير للمتسلطين .. أن الإنسان البسيط خانع خاضع لتدكتر الدولة وأزلامها الجدد الذين  يمثلون حلقة الم جديدة ... والذين يتقمصون الأسلوب البعثي في الإدارة لقهر الديمقراطية وسحق آمال الناس... هذه هي ديمقراطيتنا التي عشناها بعد سقوط هبل بغداد ويبدو أن حكومتنا الديمقراطية القادمة ما هي الاستنساخ لما مضى.. كان من المفروض أن يشرع البرلمان السابق قوانين  تحدد من سلطات الإدارات وتعطي الإنسان حقوقه  وتحميه  من الجور والظلم والاستغلال والابتزاز الحكومي والمافيوي.. كان المفروض من المشرعون تشريع قوانين لمؤسسات مجتمع مدني صالحة كان من المفروض تشريع قوانين لانتخاب النقابات والاتحادات التي تحمي حقوق الإنسان وتحاسب المسئولين الفاسدين وتحجب عنهم الثقة .. كان المفروض أن تنتخب المجالس الاستشارية البلدية وفقا لقوانين صالحة..لكي يؤسس الى رأي عام ناضج يعمل كرديف مساعد للبرلمان ويعمل على أصلاح المؤسسات الحكومية الفاسدة ويحيل المفسدين للمحاسبة والقضاء .... نحلم ونقول نريدأن يسنالعدل نريد حكومة العدل ولا يبدوا ما نريد ممكنا بحده الأدنى... هل نتمنى كل ذلك من البرلمان القادم؟!!!!

كان من المفروض أن  يسن بالدستور نصوص تمنع تشكيل حكومة بدون معارضة برلمانية قوية .. ويجب أن تكون للحكومة معارضة من جميع المكونات العراقية وليست مكونة من الكتل الضعيفة والأقليات فقط .. يجب أن تنقسم جميع الكتل السياسية الى يمين ويسار يتناوبوا على السلطة والمعارضة.. كان من المفروض ضمان أن تحمل كل كتلة معارضتها معها وتشكل حكومة لجميع مكونات الشعب العراقي لكن ليست بدون معارضة... كان المفروض أن تنزل للانتخابات قائمتين كرديتين كبيرتين وقائمتين سنيتين كبيرتين وقائمتين ليبراليتين كبيرتين إضافة للكتلتين الشيعيتين الكبيرتين أي (يسار ويمين لكل كتلة) وبذلك سيكون للبرلمان كتلتين كبيرتين فقط  هما اليمين واليسار كل كتلة تحتوي جميع مكونات الشعب العراقي وإذا حصلت أي من هاتين الكتلتين على أكثر من نصف مقاعد لبرلمان فأنها ستمنح حق تشكل الحكومة وتقوم الكتلة الأخرى بدور المعارضة (حكومة الظل).. أن المعارضة لها دورا لا يقل أهمية عن دور الحكومة في إنجاح العملية الديمقراطية.. حيث أن المعارضة تقوم بتوجيه الأنظار لأي خطا أو فساد أو تهاون حكومي قد يحصل... لذا فان أي حكومة ديمقراطية من دون معارضة ستكون فاسدة وفاشلة حتى أن كانت تمثل كل المكونات الاجتماعية. هنا يمكن القول المعارضة الإصلاحية القوية سيرادفها حكومة ديمقراطية قوية ..قادرة على معالجة القضايا الوطنية بكفاءة ...

لا نحب التشاؤم لكن الأحداث تشير الى أن العراق سيمر بسنين عجاف جديدة تكمل سنين العجاف السابقة ... ويبقى أملنا هو أن يعمل البرلمان الجديد على تعديل الدستور... وتشريع قوانين تعمل على إنضاج الوعي السياسي المحلي لتكوين معارضة سلمية تملك سلطة تقويض سلطة الفساد الحكومي... لكن هل حكومة الشراكة (الوحدة الوطنية) ستكون بمستوى المسؤولية لتحقيق ذلك دون مساومات وفساد...هل ما يخدم الإنسان العراقي ويبني دولة عراقية مزدهرة يحتاج الى مساومة.. للأسف لا يبدوا أن ما نتمناه ممكن ستكون المحاصصة سبب فشل حكومي جديد.. أن حكومة الشراكة القادمة ستكون خيبة كبيرة واغتصاب للثورة البنفسجية وأخشى أن يتحول اللون البنفسجي الى لونا أخر أن استمرت المحاصصة واستمر السوء ولم يتم تبني الإصلاح السياسي في العراق .. أن استمر السوء فأننا نتوقع بيان رقم واحد على يد الجيش العراقي... وليس بالضرورة أن يكون ذلك سيئا ... وإنما قد يمهد لديمقراطية ناضجة ... على السياسيين أن ينتبهوا لذلك بترسيخ أسس الديمقراطية الصالحة وليس بتوهين الجيش وجعله هزيلا...غير محترما .. مما يحط من هيبة الدولة العراقية ويجعلها أضحوكة إقليمية وعالمية...

احترامي لكل من يعمل بإيثار ووطنية من اجل نهوض امة العراق

د.علي عبد داود الزكي

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1366 الثلاثاء 06/04/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم