تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

صحوة إخوانية أم تخوينية؟

الجديد - القديم في الأمر، أن يصر أزلام النظام السوري على اعتبار ما يحدث في صفوف الإخوان المسلمين في سورية نوع من الصحوة المتأخرة، واعتبارهم هذا لا يخلو من الاستخفاف، كما سبق واستخف وزير خارجية النظام وليد المعلم بعقول الإخوان عندما لوح لهم بورقة المصالحة والتي لا يملك من أمرها شيئاً، ورغم بيان الإخوان الطلاقي عن جبهة الخلاص، فإن نظام الأسد لم يقبل أن يلاقيهم في منتصف الطريق كما لاقى إخوان حماس وباقي جماعات الإخوان هنا وهناك .

غير أن الصحوة الإخوانية، ليست في بيانهم التضامني مع غزة، الذي فهمه البعض وكأنه قراءة موضوعية من الإخوان للواقع الدولي ومتغيراته الكثيرة، إنما منبع الصحوة جاء هذه المرة من بعض أفرادهم المنشقين حديثاً وقديماً .

لكي نفهم سر هذه الصحوة، علينا أن نقلب صفحات التاريخ بحثاً عن السبب أو الأسباب التي دفعت إلى الخروج المدوي من كنف الجماعة، والسبب الأول هل خرجت لأنها ضاقت ذرعاً من الأوامر والمنهيات الكثيرة، أم أنها أرادت التكفير عن ذنبها السابق بحق النظام السوري، وإذا لم تكن صحوة فما عساها أن تكون؟.

للقارئ الكريم أن يحكم بنفسه في نهاية المطاف، وأن يقرر أي التساؤلين السابقين أقرب إلى المنطق والواقع، صحوة حالمة أم تخوين خائب، فلكل سبب من السببين أعلاه حججه وبراهينه، بل ونماذجه الحية التي مهما خفت، فإن وضوحها الفاقع والمرير لا يحتاج إلى مجهر أو منظار .

للدفع بكل الأسباب، لا بد من إيراد نموذجين سورياليين للدلالة على مدى الحالة المأساوية والمتردية التي وصل لها دعاة الصحوة والتخوين، حتى لو كانوا فرادى قبل أن يكونوا جماعات .

النموذج الأول من الإخوان المسلمين ويمثله انشقاق العضو علي الأحمد الذي كان انشقاقه بمثابة قلب الطاولة على الجميع، وهو نموذج أشبه ما يكون بالصحوة على الذات أولاً وعلى الواقع تالياً بعدما ضاق ذرعاً من الأوامر والمنهيات وما رأته العين طرفاً من مستور يستحيل كشفه، أما النموذج الثاني وهو أشبه بإنسان دفن في غير وقته فخرج من قبره منتفضاً ونافضاً ما عنده من عقد وغرائز على الدنيا والآخرة، وهو نموذج قد لا يشاطر النظام في حكمه على الإخوان، بل من المحتمل أن يساير العفاريت بعد أن تلبس الإيمان عقله وقلبه زيفاً ووهماً، ويمثله في هذا السياق العضو السابق حمدو الشريقي الذي كان من طلائع الإخوان الذين جعلوا ليل حماة يغدو نهاراً، وفيما بعد أصبح من بعثيي العراق، واليوم يكاد أن يكون من بعثيي النظام السوري وبأي ثمن، حتى لو كان هذا الثمن المطلوب أن يقول بحق من دهستم الدبابات وقصفت بيوتهم الآمنة مدافع النظام في حماة، أنهم ثلة من الإرهابيين، في محاولة لتبرئة مذنب على حساب مذنب آخر من كل المسؤوليات التاريخية والقانونية .

هذان النموذجان من الإخوان، تذخر بهما الأحزاب والتيارات السياسية، وقد شهدنا انشقاقات كثيرة داخل الحزب الواحد، كما شهدنا انتقالاً من أقصى اليسار إلى اليمين، لكن الغير مفهوم أن تستمر عملية المزج والدمج الراهنة بين الإسلام والسياسة، فكل يوم يمضي والإسلام يغرق بصحوات حالمة وأخرى خائبة .

كاتب عربي

[email protected]  

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1081  الاربعاء 17/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم