أقلام حرة

ايهما اكثر خطورة .... البعث ام القاعدة؟

لاتولي الاهتمام نفسه لحزب البعث على عكس ما يعتقده العراقيون الذين يرون ان حزب البعث يشكل الخطر الاساسي الذي يواجه العملية السياسية الجارية في العراق .

الاجابة على السؤال الذي استهللت به موضوع مقالتي يمكن ان يولد خلال دراسة ستراتيجية للتحديات الامنية الحالية والمستقبلية التي يمر بها العراق، حيث نستطيع ان نستنتج بصورة جلية ان تنظيم القاعدة هو اكثر خطورة من بقايا تنظيمات حزب البعث التي اعلن ايضا عن تنفيذها بعض العمليات العسكرية ضد القوات الامنية العراقية .

ولكي نجعل القارئ على علم وادراك واضح بالنتيجة التي وصلنا اليها اعلاه، نرى ان لابأس بشرح  وتوضيح خريطة التهديدات الامنية والسياسية في العراق، اذ نلاحظ ان هناك ثلاث قوى رئيسيه معادية للعملية السياسية في العراق وهي:

1.   تنظيم القاعده صاحب الايديولوجيا السلفية المتشددة

2.   حزب البعث صاحب التوجهات القومية والعلمانية

3.   فئة شعبية ناقمة غالبيتها من السنة

فبالنسبة للفكر القاعدي نجد انه فكر جديد على الشارع العراقي على الرغم من ان لهذه الجماعات  وجود قبل 2003 على شكل تجماعات قليلة هنا وهناك، وكانوا يترددون على بعض الجوامع مثل جامع الحمزة في منطقة الغزالية والذي هاجمته عناصر الامن في مطلع التعسينيات والقت القبض على من فيها وهرب امام الجامع الى السعوديه، وايضا مقرهم العام في جامع الحسنين في منطقة العامرية.

كل هذه المواقع كانت تحت سيطرة الاجهزة  الامنية في النظام السابق ولم يكن باستطاعة مريدي هذا الفكر التحرك والعمل بحرية بعيدا عن اعين اجهزة الامن، ومع هذا لم يكن يشكلون اية  خطورة تذكر وذلك لاختلاف افكارهم التي يحملونها، واغلبها تكفيرية متشددة ظلامية عن افكار الشعب العراقي وخاصة السنة منهم والذي ينتمي غالبيتهم الى المذهب الحنفي الذي بينه وبين  الفكر السلفي المتشدد فجوة شاسعة ً.

اما بعد 2003 فنرى ان تنظيم القاعدة قد كشر عن انيابه وظهر بشكله الرسمي وعلى نحو سافر واخذ ينظم صفوفه بحريه تامه نتيجه لضعف الرقابه الامنيه في تلك الفتره واخذ يلتحق به بعض من المجاميع لاسباب مختلفة عقائدية او مادية او سايكولوجية او حتى اجتماعية وان كانت ماتزال قليله.

كل هذا حصل نتيجه للوضع المزري الذي عاشه العراق بعد سقوط النظام , ومن خلال دراسة سلوك ونفسية عناصره من خلال ادوات ومنهج  علم النفس السلوكي، نجد ان  عناصر التنظيم   متشددون في التعامل مع مجريات الحياة واكثر ايمانا بمبادئهم ويصعب تخليهم عن افكارهم وايديولوجياتهم التي توصم بانها تكفيرية بامتياز !  

اما بالنسبة لحزب البعث الذي حكم العراق 35 عاما تخللتها الكثير من الاخطاء السياسية الفادحة والجرائم ضد الانسانية، فانه يعتبر اليوم في اسوء اوضاعه بسبب توزع قياداته في اكثر من دولة واختفاءهم عن الانظار خوفا من المطارده والاعتقال، فضلا عن الانقسامات التي حدثت  داخل الحزب الى عدة اجنحة مثل جناح الدوري والذي يتنقل بين اليمن والسودان، وجناح الاحمد الموجود في سوريا وربما الفتره القادمه ستشهد ظهور جناح ثالث ينظم للعملية السياسية في العراق تحت مسمى اخر غير حزب البعث.

هذا الحزب الذي انظم اليه معظم افراد الشعب ومن كل الطوائف والمذاهب ولاسباب عديدة يعرفها الجميع فقد نجد ان اتباع حزب البعث منتشرين وبكثرة في كافة محافظات العراق من السنه والشيعه والكرد والمسيحيين ومنهم من لازال يعمل لحزب البعث واخرين انخرطوا في العمليه السياسية ولكنهم لازالوا بعثيوا الهوى ويحنون الى ايامه وان لم يصرحوا علنا بذلك.

التحليل النفسي الموضوعي لعناصر البعث يختلف عما هو عليه لدى عناصر القاعدة، فالبعثيون غير متشددين في افكارهم ومولعين بالقومية وليس للدين أي تاثير على احكامهم، حيث يفضلون الحكم العلماني على الديني، وبالتالي فان عملية التاثير عليهم وجلبهم للعمليه السياسية ليس من الصعوبة التي يمكن ان نجدها لدى غيرهم، حيث بامكانهم ان يجدوا ظالتهم في مايومنون به من قوميه وعلمانيه في تيارات منظويه تحت العمليه السياسيه الان .

وعندما نود ان نقارن بين العمليات الارهابية التي نفذها كل من اعضاء القاعدة وحزب العبث  نجد ان العمليات التي يقوم بها تنظيم القاعدة مختلفة نوعيا واكثر خطورة من العمليات المماثلة التي تقوم بها تنظيمات حزب البعث ليس لكون تنظيم القاعده اكثر خبرة قتالية وامنية من حزب البعث، فهذا غير صحيح لكون الاخير هو في الاساس حزب بوليسي بكل مفاصله ولكن لكون عناصر تنظيم القاعده هم اكثر استعداد نفسي وعقلي لتنفيذ العمليات الارهابية والمتمثلة في تفجير السيارت المفخخة وعمليات الاغتيال ومهاجمة المراكز الامنية والعسكرية وحتى لو قام عناصر البعث بتفجير سيارة مفخخة فانا اجزم يقينا بان الانتحاري الذي يقودها ليس من البعثيين بل هو من انصار القاعده فليس هناك بعثي واحد ومهما كان عمق التزامه بمبادئه يلقي بنفسه الى التهلكه ويقوم بتفجير نفسه للاسباب التي سقناها اعلاه في بداية المقال .  

اما الفئة الشعبية الناقمه على العملية السياسيه فهي تعتبر هنا من اهم العناصر لكونها القاعدة الشعبية والحاضنة الاساسية التي يتكئ عليها تنظيم القاعدة او حزب البعث من خلال الدعم المادي والمعنوي الذي تقوم بتقديمه . ونلاحظ ان نسبة 80% من هذا القاعدة الشعبية تميل الى حزب البعث اكثر من ميلها للتنظيمات الاسلامية وبالاخص تنظيم القاعدة وهذه النسبة هي الرقم الصعب في المعادلة .

فلو ان الامريكان جعلوا من اولويات مكافحة الارهاب لديهم ينصب باتجاه حزب البعث لاستطاعوا القضاء عليه بكل سهوله لكون عناصر البعث وقياداته اصبحت مكشوفة في الاونه الاخيره وبامكانها ان تلقي القبض على كافة قياداته داخل العراق المكشوفين من قبل اجهزتنا الامنيه وخارج العراق من خلال الانتربول واتفاقيات التعاون الامني بين الدول، ولكن الامريكان لايمكن ان يفعلوا ذلك لانه لو تم القضاء على حزب البعث فماذا سيحصل لنسبة 80% من القاعدة الشعبية المؤيدة له؟ بكل بساطه سوف يبحثون عن قائد اخر يسير بهم الى مبتغاهم ويحقق لهم مايصبون اليه وسوف لن يكن اماهم غير تنظيم القاعدة الذي سوف تخلوا الساحة له ويكسب تعاطف الجمهور الذي كان بالامس مع حزب البعث .

 

 

احمد حبيب السماوي

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1410 الجمعة 21/05/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم