أقلام حرة

موقف المثقف الحاسم في تجسيد المجتمع المدني

المثقف الحقيقي هو العامل المؤثر الذي له موقفه ورايه وفق ما يقراه ويعتقده حول القضايا المتعددة والمتنوعة، ولا يمكنه ان ياخذ موقف الصمت عما يجري على الساحة الوطنية باي شكل من الاشكال، وكما هو الفاحص والمقيٍم للوضع فهو المعلن عن النواقص والثغرات ومستوى العدالة الاجتماعية والمساواة والحرية وحال الشعب من كافة الجوانب بما فيها تقديم الخدمات العامة، وماهية القوانين المطبقة وكيفية تشريعها . ولا يمكن الانحياز سياسيا لانه يعبر خط الانتماء لجهة معينة او حزب سياسي، وانما وظيفته هو الدفاع عن حقوق المواطن والوطنية والعمل على المساواة والحرية المطلوبة ورفع مستوى الثقافة هو من اولى مهاماته ومن جوهر الافكار التي يتمسك بها من اجل ضمان تقدم الخطوات المفروض اتباعها في مسيرة حياة الشعب، وهو ضامن للمحافظة على المنجزات والانتقال من مرحلة لاخرى من عملية التطور الطبيعي لاي مجتمع .

 

 

 

التاريخ يثبت لنا ان المجتمعات الغنية بالثقافة والمثقفين والفن والفنانين البارعين والمبدعين هم من يخدموا شعوبهم والانسانية جمعاء اكثر من غيرهم، وابداعاتهم ونتاجاتهم باقية تستفاد منها الاجيال المتعاقبة ومعتبرة من قبل الجميع ويطورها المثقفون مرحلة بعد اخرى .

 

ان نظرنا الى ما في المجتمع من الركائز الاساسية لتطوره، فان المثقف ونتاجاته منال اعمدة الرئيسية للوصول الى الناتج النهائي لتفاعل المعادلات السياسية الاجتماعية الثقافية لاي شعب كان .

 

ان كان المثقف حرا طليقا ولم يكن تحت سيطرة اية جهة حكومية كانت ام حزبية او اية سلطة وضغوطاتها فانه القادر على الابداع، وتكون ارائه محايدة ومؤثرة، وهذا من مصلحة الشعوب بشكل عام .

 

المجتمع المدني المقصود يبنى كتحصيل حاصل للعمل الثقافي السياسي الاجتماعي الحر من دون اية تاثيرات هنا وهناك ان كانت العوامل الاساسية والقدرات والامكانيات المادية والمعنوية لتجسيده متوفرة وفق ما تتطلبه الحداثة والعصرنة والتمدن . ولا يمكن ان نثق بمجتمع ظاهره متمدن ولم يتمكن من خدمة الانسانية ولا يحوي على العوامل الاساسية الدافعة للتجديد والتمدن والتطور المستمر في كيانه،و سيتوقف مسيرة تطوره ويستقر على حالة معينة في مرحلة ما، وهذا ما سيؤدي الى التراجع وعدم اكتمال العملية .

 

اما ما يمكن الاعتماد عليه ومن اهم مفاصل التقدم العام للمجتمع بشكل عام هو المثقف بذاته وعلاقته مع السلطة او سياسة المثقف ومواقفه وارائه السياسية العامة التي يمكن التعوليل عليها في تحديد المسار العمل السياسي الثقافي بشكل عام، سوى كان مباشرا او عن طريق تاثيراته على المجتمع وما تفعله نتاجاته على الارض . وهو المقيٍم الصحيح غير المنحاز لعمل السلطة واهدافها ولتوجهات الاحزاب وشعاراتهم ولرؤى الشعب ونظرتهم وامنياته. اي الحكم المقرر العادل في لعبة الحياة وتطورها وترسيخ المباديء المدنية العامة فيها بيد المثقف الحقيقي المخلص وهو تحت رحمته مشتركا مع السلطة والاحزاب والتيارات والمنظمات المدنية الحرة المستقلة في ظل توفر الديموقراطية ومبادئها الاساسية العامة .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1082  الخميس 18/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم