أقلام حرة

لماذا ترفض السعودية المالكي رئيسا للوزراء؟!

وفي مقدمة الدول الاقليمية التي تصر على رفض المالكي مرشحا ورئيسا للوزراء المملكة العربية السعودية، نقل ذلك أكثر من مصدر ومقرب من العملية السياسية العراقية، وا لسؤال الذي يطرح نفسه حقا، تُرى لماذا هذا الاصرار من جانب المملكة العربية السعودية، خا صة وا ن الرجل ابدى استعداده الكبير لأكثر من مرّة على مد يد التعاون والتفاهم مع كل دول الجوار وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية،بل ربما المملكة تعلم جيدا إن المالكي حريص جدا على تجديد ولايته مقابل الكثير من التنا زلا ت لهذا النظام او ذاك ؟

المملكة العربية السعودية تنظر الى السيد نوري المالكي بانه رجل اديولجي با لدرجة الاولى، فهو امين عام حزب اسلامي تعتبره السعودية حزبا ايدولوجيا متطرفا، وفيما ابدى الحزب المذكور شيئا من المرونة في التعامل مع القضايا السياسية والاديولجية اليوم، فإن ذلك لا يعني انقلابه على هذه المرونة فيما تحينت الفرصة، والسعودية لا ترتاح لاين  حزب اديولجي متشدد  سواء كان اسلاميا أو علمانيا، وسواء كان سنيا أو شيعيا ، فقد عانت المملكة العربية السعودية كثيرا من الاحزاب الاديولجية، حتى تلك التي تملك معها علاقات تاريخية مثل الاخوان المسملين في مصر، الامر الذي دفع المملكة  هناك الى التضييق على الاخوان، بل قطع الطريق على الحزب المذكور أن يمارس اي دور، بما في ذلك  الدور التبشيري في البلا د، اقصد مجموعات الاخوان المسلمين من مصر وسوريا التي وجدت لها موطن قدم ومعاش وامان في المملكة العربية السعودية، فكيف بحزب اسلا مي شيعي عراقي معروف بمواقفه الا ديوجلية السابقة، إضافة لذلك العلاقات الوطيدة التي كا نت تربط بين الحزب وا لجمهورية الاسلامية الايرانية، وليس من المعقول ان المخابرات السعودية لا تعلم بتقلبات الحزب حول العلا قة بايرا ن، ومجريات هذه التقلبات بين مد وجزر، وما تخلل ذلك من انقسامات وانشطارات داخل الحزب نفسه بسبب هذه العلاقة، وبالتالي، موقف المملكة العربية السعودية من السيد المالكي محسوبة بكل هذه الاعتبارات، على ان مراقبين لهم صلة بالشأن العراقي يقولون أن احد مستشاري السيد المالكي كان قد هدد وزير الخارجية السعودية في لقاء خاص قبل ضمن وفد لزيارة المالكي بان الحكومة العراقية قا درة على إيذاء السعودية على مستويين، الاول تحريك شيعة السعودية والثاني زخ مئا ت الاطنان من المواد المخدرة الى السعودية عبر الطريق الصحراوي الذي يربط السعودية بالعراق، وتقول المصادر ان وزير الخارجية السعودية أبدى دهشته المثيرة في وقتها، وهناك من يقول ان طبيعة السياسة السعودية تقوم على الصمت، وعدم الرد الآني، بل تنتظر الوقت المناسب لا تخاذ الموقف، المراقبون انفسهم يلوحون با ن صا حب التهديد محسوب على دولة جارة، وأنه من المفروضين على السيد المالكي، وأن الاخير كثيرا ما اشتكى من صاحب التهديد .

المملكة العربية السعودية قد تملك قناعات كبيرة با ن السيد نوري الما لكي مستعد للتعاون والتفاهم، وربما مستعد لتنازلات على صعيد تركيبة الحكم ونوعية الوزراء ومساحة الدور الذي يجب أن يضطلع بها السنة العراقيون، ولكن رغم ذلك تصر على موقفها الرافض، وا لسبب هو ان السيد المالكي محكوم ليس بالطابع  الاديوجلي وحسب، بل لانه ينتمي الى حزب غير مستقر، ومن السهولة أن يقع  تحت تأثير دول جوار اقوى وأكثر تأ ثيرا من المملكة العربية السعودية، رغم  أن الحزب قد يريد ان يستقل برايه وموقفه السياسي، ولكن ليس دائما تأتي الرياح بما  تشتهي السفن، والسياسة الخا رجية  السعودية تقوم على مبدا استقصاء كل الاحتمالات الممكنة، وليس على التشهي وا لامنيات، عكس ما يرى بعضهم من أنها سياسة ساذجة تنتمي الى براءة الصحراء .

ولكن هل الموقف السعودي يتسم بالموضوعية هنا ؟

اعتقد من مصحلة المملكة العربية السعودية ان تمد يدها للسيد نوري المالكي الذي هو على استعداد تام لذلك، ومن خلال اللقاءات المستمرة والجادة والحوارات العميقة الوصول الى تفا هم يبدد مثل هذا الموقف الذي يتسم بالشك وا لتردد، خاصة وان السيد المالكي  اثبت مرونته الكبيرة تجاه الكثير من الالتزامات العقائدية، ولعل من ابرزها عندما صلى على ( شهداء) الامة الامريكية، تلك الصلاة التي اضطر لها لانه لم يشكر الامريكان على دورهم في صياغة المعاهدة الامنية الاسترا تيجية بين طهران ووا شنطن، فاضطروه ان يعوض عن هذا الشكر الغائب بصلاة الحاضر .

 

 

 

 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1434 الاثنين 21/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم