أقلام حرة

أبو صابر والرعية / ذياب شاهين

- لماذا ونحن نعيش عصر التغيير الذي طالما حلمنا به؟

- أي تغيير وأي حلم مع هؤلاء المتورمين، لقد حولوا حلمنا إلى كابوس حتى كفرنا باليوم الذي حدث فيه التغيير

- عجبا، هل وصلت الأمور لهذا الحد؟!

- بلى وأكثر

- وما السبب؟

- أتسألني عن السبب، ها قد مرت أربعة شهور بعد الانتخابات والحكومة لم تتشكل

- وما المانع من تشكيلها والكل قد فازوا؟

- الغريب أن المانع ..  أن كلهم  قد فازوا في السباق

- ماذا؟ ولم لا يتقاسمون اللحمة، عفوا أقصد السلطة وكل على قدر فوزه

- وكيف تقسّم اللحمة بين أربعة حيوانات مفترسة وما يحيط بها من ثعالب وبنات آوى

- عمي أبو صابر..إنها بقرة كبيرة وليس مجرد لحمة .. تكفيهم وتفيض

- نعم إنها بقرة كبيرة، ولكنهم يتصارعون على أجزاء هذه البقرة فالكل يطمح بالحصول على فخذي البقرة لما فيهما من لحم كثير ولا يرغبون ببقية الأجزاء

- هل هذا معقول، وهنالك الذراعين والكبد والقلب والكلاوي..  وكذلك الرأس والأرجل لهواة (الباجة والكراعين) ...ماذا يريدون أكثر من ذلك؟

- تصور لا يستطيعون توزيع كل هذا الخير بينهم، بعد أن كانوا يحلمون برائحة البقرة  بل لم يكونوا ليجرؤا حتى الاقتراب منها

- ولكن قل لي عمي أبو صابر ما الحل إذن؟

- لا حل لهذه المعضلة يا ولدي، وخصوصا أنهم على وشك أن ينحروا البقرة ثم يتقاتلون بعد ذلك على سرقة أجزائها

- ولم لا يفعلوا ذلك عسى أن نتخلص من هذه المشكلة ونرتاح

- يا ولدي لا تكن حمارا...!!

-  لا لا أرجوك عمي أبو صابر لا تغضبني بقولك هذا

- عفوا أعذرني..   لقد استفزني قولك  فأجبرتني على نعتك بالحمار بالرغم من كونه يسيء إلي أيضا.

- لا يهم.. لا يهم .. اعتذارك مقبول ، ولكن لم تقل لي ما الضير من قتل البقرة

- يا ولدي إفهم جيدا .. لو نحروا البقرة فسوف يخسف بهم الشعب الأرض، لأن البقرة هذه مقدسة وليست للذبح..أوللأكل

- ماذا .. أتقصد أنها كناقة نبي الله صالح ولو قتلوها سوف ...

- بالضبط، أحسنت، فالشعب أعطاهم هذه البقرة  لا لينحروها بل ليربوها ويطعموها والاستفادة من لبنها ودرِّها من قبل الجميع وأولهم الناس البسطاء، وهذا يعني أن مصير الشعب مرتبط بها، ولن يسمح لهؤلاء الضباع بقتلها.

- ما أفهمك عمي أبو صابر، ليت لهؤلاء الوحوش رجاحة عقلك، ولكن كيف للحرامي أن يفهم ذلك.. حسبي الله

- يا ولدي لا تيأس فالشعب بدأ يحس بالخطر ألم تنظر ماذا حدث في البصرة وكربلاء فالسيل قادم.....

- ....!!

 

وصفة ناجعة

- أراك ساهما ومتفكرا عمي أبو صابر، ماذا حصل؟

- ألا تدري ماذا حصل؟..والكل يتقاتل على السلطة

- لم يتصارعون عليها، فليقسموها بينهم، كي ترتاح الناس

- المشكلة يا ولدي أن الكل يريد أن يحكمَ ولا يُحـْكـَم،

- وكيف؟

- قلت لي كيف، ولكن عدني بأن تكون حمارا كي تفهم ما أقول

- عجبا وما الداعي لهذا الكلام، وأنت تعرف أنني أتمنى أن أكون حمارا لأفهم ما يجري منذ أربعة شهور

- حسنا.. المشكلة يا ولدي وحسبما يشاع أن في العراق أغلبية وعدة أقليات.

- وما المشكلة في ذلك ، فكثير من الدول مثلنا

- صحيح، ولكن من يقود هذه الأقليات  لا تريد أقل من منصبي الرئيس ورئيس الوزراء، ويريدون من الأكثرية  أن تتفرج عليهم بل وتوقع لهم على ذلك كي يستمروا ضمن الوطن

- عجيب، وهل هذا معقول؟

- أكثر من معقول، فقادة هذه الأقليات تدعي الظلم  والتهميش ليل نهار وهي تهدد بالتمرد في حالة عدم حصولها على حقوق لا تستحقها

- ولا شك فالوطنيون العراقيون سوف لن يسمحوا بذلك

- لا تضحكني يا  ولدي أي وطنيين، يبدو ألاوجود للوطنيين في العراق، فحتى الأغلبية المعول عليها لا يقودها اليوم إلا مجموعة من الحمير ، ولو هذا الوصف يسيء إلي ولا يشرف جنس الحمير الذي أنتمي إليه، وهؤلاء القادة انقسموا على بعضهم وصاروا مجموعة أقليات تدعي الظلم والتهميش أيضا، ولا يعرفون اختيار حمار واحد منهم ليصبح رئيسا للوزراء

- وهل هذا معقول، لا شك أنها وصفة ناجعة لاحراق العراق

- ليس هذا فقط، بل قسم منهم صار ملكيا أكثر من الملك وانحاز ضد أهله ليضعفهم طمعا بمنصب ولو ضئيل سيجود به أولئك اللصوص

- الله وأكبر، هل يمكن أن يحدث ذلك؟

- لقد حدث ذلك، ونجحوا بتقطيع الشعب المبتلى بقطيع الحمير الذين يقودوه إلى أقليات متناحرة

- وما الحل إذن؟

- الحل بسيط يا ولدي

- وما هو؟

- ما على الناس كافة سوى أن يهبوا مرددين قول الشاعر:-

 قومي جياع الشعب  قومي        لـتزلـزلـيها كالـجحـيـــم

دوسي علــى رأس الــعتـاة        في صبح بارقــة  كـظيم

وعلى الأفاعــي القاتـلات         صـبي أعاصير السـَمـومِ

ولتــكـــتبي يـــوما بهــيا          في لــيل نـــائـبةٍ بـهـيــم

ولتحرسي روح العراق         مــن كــل ســفـــاح أثــيـــم

ولتقبري سود القــلوب           في قـــاع مــزبلة البــهيـــم

الــــلـــه أكـبـر ردديـهــا         لا خير من فعلٍ عــظيـــم

الأقلية الفائزة

- أستاذ أبوصابر..هل حقا أن إحدى الأقليات فازت وصارت أغلبية بالانتخابات؟

- أولا وقبل أن أجيب عن سؤالك أشكرك على نعتي بالأستاذ لأنك تحملني مسؤولية كبيرة، وثانيا  وحتى أجيبك على سؤالك، علينا الاقرار والاعتراف بأننا كنا واهمين فالأقلية التي تقصدها كانت مظلومة.. وفي الواقع هم يمثلون الأكثرية، لذا فلا عجب من النتائج المعلنة

- ما هذا الكلام، أراك بدأت تنحاز في كلامك فكيف تعطي ما لا تملك لمن لا يستحق

- إفهمني يا ولدي..ولا تتشنج، الانتخابات ديمقراطية والجهة المشرفة عليها مثال للشرف والأمانة، وهي تعمل تحت إشراف الأمم المتحدة والولايات المتحدة  والجامعة العربية ومنظمات المجتمع المدني ولا يمكن أن يحدث تزوير أبدا

- أبو صابر..عفوا.. يبدو أنك لا تقرأ الصحف والمواقع الألكترونية، فالتزوير حدث تحت إشراف الأمم المتحدة وهنالك مليون صوت قد أضيف  للقائمة الفائزة، وقد تم اللعب ببرامجيات الكومبيوترات، وأنت تقل لي الانتخابات نزيهة.

- يا ولدي..هذا كلام مواقع وجرايد ولا دليل عليه، علينا أن نقر أن الأغلبية القديمة ما عادت أغلبية وعلينا تقبل ذلك بروح رياضية ونصفق للبطل الجديد

- حسنا سأتقبل ذلك بروح رياضية وثقافية وكذلك فنية كي لا تزعل المفوضية والأغلبية الجديدة علي، ولكن السؤال المطروح هو ماذا ستقدم هذه الأغلبية للأقلية في الجنوب؟

- سؤال جميل حقا، فالأغلبية الجديدة أدامها الله ذخرا للعراق لديها الكثير مما تقدمه للأقلية البائسة في الجنوب.

- هلا تذكر لي شيئا من هذا القليل، فأنا ما زلت بشرا ولا أفهم ما ترمي إليه

- يا ولدي لا تتشاءم ارتفع بتفكيرك قليلا وتنازل لتكون حمارا مثلي لتفهم ما أقول

- حاضر ياسيدي اعتبرني حمارا وفصل لي ما ستحصل عليه الأقلية في جنوب العراق

- أول ما سيحصلون  عليه البطيخ

- ماذا؟

- نعم سيملأون العراق بالبطيخ، حتى أن لديهم أناس مسؤولة عن البطيخ في قائمتهم

- حسنا وماذا سيقدمون أيضا؟

- ستعمل الأغلبية الجديدة، على توسيع الكشوانيات وخصوصا في الزيارات المليونية للمدن المقدسة وكذلك سيوفرون لهم الكثير من قامات الليزر كي يتطبروا فيها

- يا سلام.. ومن سيقوم بتلك الأعمال الانسانية الخلاقة

- لا تقلق يا ولدي فالأغلبية الجديدة مدعومة من الداخل والخارج ولديهم كليدارية وملالي إختصاص بالقامات والسلاسل والكشوانيات تخرجوا في أرقى جامعات الغرب واليابان

- بشرك الله بالخير، فهذه مطالب جوهرية للأقلية في الجنوب، ولكن قل يا عم أبو صابر، ماذا لو رفضت الأقلية هذه المكاسب العظيمة وطالبت بشيء آخر

- لن يستطيعوا المطالبة بذلك فهذا أقصى ما يتمنوه، وليس عند الأغلبية الجديدة أكثر من ذلك، فما تبقى صار حقا لها ومكفول دستوريا

- لكنني أقول فرضا أن الجنوبيين وهم أقلية لا حول لها ولا قوة الآن رفضوا ذلك على سبيل رد الاعتبار لهم ولو جزئيا

- يا ولدي أنصح الأقلية الجنوبية بالقبول وإلا ..

- وإلا ماذا؟

- من سيرفض سيشكون مؤخرته بالدنبوس.

- ......!!!

 

أبو ظبي

‏الثلاثاء‏، 13‏ تموز‏، 2010

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1456 الثلاثاء 13/07/2010)

 

 

 

في المثقف اليوم