أقلام حرة

خِطَابَانِ وَأهْدَافٌ مُتَعَدِّدَةٌ

ديمقراطية وجمهورية، تجاه الشرق الأوسط لم تتغير بصورة جوهرية، فهناك مصالح استراتيجية ثابتة منها أمن إسرائيل والنفط والدفاع عن النظم العربية الصديقة والحليفة للولايات المتحدة الأمريكية هذه مصالح لم تتغير كثيرًا على اختلاف الإدارات..)) (انتهى/مقتطف من مقال عمرو عبد العاطي موقع / تقرير واشنطن).

في زيارته الأخيرة للمملكة العربية السعودية، صرح الرئيس الأمريكي (باراك حسين أوباما)، بأنّه جاء ليتلقى الحكمة من ملكها (مجاملة ذكيّة لإرضاء العقليّة العربيّة!!). ومن ثمّ واصل جولته فزار الأزهر الشريف يوم الخميس 4/6/209. وبعد ذلك زار جامعة القاهرة، حيث ألقى فيها خطابه التاريخي، فصنع(العمّ حُسيّن!!) تاريخاً جديداً لأمريكا (على مستوى الخطاب الذي يحتاج إلى التطبيق العملي، ليثبت مصداقيّته عملياً في الواقع). فهذا الخطاب يغاير تماماً، تطبيقات السّياسة الأمريكيّة على الواقع، منذ دخول أمريكا إلى المنطقة العربيّة، عن طريق المغرب العربي، في القرن السابع عشر. في الفترة التي كان فيها الرئيس (أوباما) في المنطقة العربيّة، كانت إيران تستعدّ لإجراء انتخاباتها الرئاسيّة، وكانت الإدارة الأمريكيّة تحلم، بفوز أحد الإصلاحيين الإيرانيين، في انتخابات يوم الجمعة 12 حزيران 2009، لكن المخيّب لآمال تلك الإدارة، أنّ مرشح المحافظين الرئيس (أحمدي نجاد)، قد فاز بنسبة 62,63%، بينما حصل مرشح الإصلاحين، على نصف نسبة (أحمدي نجاد) من الأصوات تقريباً. الإصلاحيون (فرس الرهان الأمريكي)، ركّزوا في حملاتهم الانتخابيّة، على تحسين الجانب الإقتصادي، وربطوا نتائج تدهور الإقتصاد الإيراني، بتطوير البرنامج النووي لإيران، وتصعيد وتيرة تطوير الاسلحة التقليدية الإيرانيّة.

في صلاة يوم الجمعة 19 حزيران 2009، حُسم هذا الموضوع نهائياً، من قبل مرشد الثورة الإسلاميّة السيّد علي خامنئي، و أعلن عن تأييده للرئيس المنتخب (أحمدي نجاد)، و تبنى قبول نتائج الإنتخابات بصورة نهائيّة، وأعلن إذا كانت هناك إعتراضات، فيجب اللجوء للطرق القانونيّة لتسويتها، بدون اتباع (بدع غير دستورية). كما شجب المرشد في خطبته، الإحتلال الأمريكي للعراق و أفغانستان. أمريكا أصبحت الآن تواجه إيران جديدة، إيران اليوم ستؤكّد بلورة طموحاتها كدوّلة لها ثقل إقليمي، ولا تقبل بدور أقل من استحقاقها في المنطقة. فشوط الصراع مع الأعداء قد بدأ الآن، بعدما انقضت فترة الترقّب، وانتهت الإنتخابات الأمريكية والإيرانيّة. فأبطال حلبة الصراع قد انكشفت هوياتهم، وبات العمل على أرض الواقع، هو الفيّصل في السّاحة. النقاط التالية تجمل بعض المعطيات، التي يمكن من خلالها، تحديد ملامح الفترة القادمة:-            

1.   إيران تستند على الشّعب الإيراني، كقوّة داعمة ومساند لسياسة الحكومة الإيرانيّة في الداخل و الخارج. بمعنى أنّ إيران تستخدم امكاناتها (الجيو استراتجية) في المواجهة، (امكانياتها الجغرافيّة والاقتصاديّة والشعبيّة والسياسيّة والعسكريّة والآيديولوجيّة كأدوات لمواجهة أمريكا). بينما أمريكا لا تستطيع استخدام نفس الطريقة، للوصول إلى أهدافها، وإنّها ستلجأ إلى طرق تكتيكيّة غير مباشرة، لتحقيق ما تصبو إليّه من أهداف.

2.   ستكون الساحة العراقيّة و الأفغانيّة، بمثابة عناصر ضاغطة على إيران، تتجه بالضغط من الخارج الإيراني إلى الداخل الإيراني، (وهذه طريقة مكلفة جداً، وغير مضمونة النتائج، لأنّها تخضع لمتغيرات الساحة الدوليّة، و الظروف الداخليّة للدول الحليفة لأمريكا) . بينما ستعمل إيران على توظيف طاقاتها الذاتيّة، للإنطلاق بها إلى الخارج، لغرض المواجهة(هذه الطريقة أقل كلفة من الطريقة الاولى).    

3.   الإنتخابات الإيرانيّة كشفت بأنّ إيران ستمضي قدماً، في تطوير نشاطاتها النوويّة، و تطوير اسلحتها التقليديّة، خصوصا الصواريخ بعيدة المدى، التي بامكانها حمل رؤوس نوويّة. 

4.   إيران ستنجح في مواصلة الضغط، على الكيان الصهيوني عن طريق سوريا و حزب الله اللبناني، وحركة حماس الفلسطينيّة، خصوصاً أنّها تملك مفاتيح التأثير العقائدي في هذه القضيّة. الأمر الذي سيضع الكثير من المشاكل أمام التطلعات الأمريكيّة والصهيونيّة في المنطقة.

5.   بسبب الأزمة الماليّة العالميّة، سيكون خيار الردّ العسكري الأمريكي، أو الإسرائيلي على إيران خياراً غير واقعي.

6.   ستحاول أمريكا دفع دول خليجيّة محدّدة، لمواجهة إيران بالنيابة عنها، لتحجيم دور إيران في المنطقة، باستخدام شتى الوسائل السياسيّة والاقتصاديّة والدعائيّة، لكن سيبقى الخيار العسكري بعيداً عن التطبيق. 

7.   ستدخل روسيا طرفاً داعماً و دافعاً لإيران (أكثر من ذي قبل)، للضغط على أمريكا، لإجبارها على التراجع من مواصلة تنفيذ برنامج الدّرع الصاروخي الأمريكي، بالقرب من الأراضي الروسيّة.  

8.   ستنعكس آثار هذا الصراع، بشكل مباشر على السّاحة العراقيّة، فمن الصّعب على أمريكا أنْ تُهزم من ساحة المواجهة، لاعتبارات تتعلق بهيبتها كدولة عظمى، إضافة إلى اعتبارات الداخل الأمريكي، الذي قدّم أموالاً طائلة، جُمعت من جيوب دافعي الضرائب الأمريكيين، فمن غير المعقول أنْ ترجع إليهم الجيوش الأمريكيّة (بخفي حُنيّن). 

9.   إيران نجحت بحشّد الجهد المعنوي للجماهير الإيرانيّة لصالح سياستها، فمنذ ثلاثة عقود مضت، استطاعت أنّ ترسخ مفهوم مناوأت الاستكبار العالمي. بينما أمريكا فشلت (لحدّ مّا)، في حشّد مثل هذا الجهد لصالح سياستها الخارجيّة. بالرغم من إطلاق الرئيس السابق (بوش) عنوان (محور الشّر) على إيران ودول أخرى.

10. ستلجأ الإدارة الأمريكيّة في مواجهة إيران، باستخدام ورقة حقوق الإنسان، والدفاع عن الديمقراطيّة، و الحريات الشخصيّة، كما حصل مع العراق، عندما أصدرت قانون (تحرير العراق) قبل غزوه. وجدير بالذكر أنّ الكونكرس الأمريكي، صادق على مشروع قرار مساء يوم 19/6/2009، لدعم الشعب الإيراني . كما طالب الإتحاد الأوربي، باحترام حقّ الإيرانيين بالتظاهر السلمي. وبثت فضائية العربية صباح يوم السبت 20/6/ 2009مقطعاً من مقابلة لشبكة CBS مع الرئيس (أوباما) حيث أعرب عن قلقه لما يجري في إيران (وهذا أوّل الغيث!!).   

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1085  الاحد 21/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم