أقلام حرة

فيروز صوتها شفاء ٌ للناس / علوان حسين

في البدء ينبغي عليّ القول بأن فيروز وهي تغني، فغنائها إبتهال وصلاة لا تختلف عن تراتيل القديسين في شيء . لصوتها أريج وردة ٍ سماوية ٍ .

بخور ٌ من شجر الجنة صوتها .. وصوتها نعلقه ُ كشمعدان ٍ من فضة ٍ مليء بالشموع . صوتها يشفع للميت عند الموت، كما لو أنه تعويذة سحرية

أو آية من كتاب ٍ مقدس . في صوت فيروز مايُشبه ُ الشعِر ُ والسحِر ُ والمعجزة . الموت ٌ ظمأ ٌ وصوتها الينبوع . حين تتصحر ُ أرواح ُ البشر، صوت فيروز هو المطر الأخضر الذي يمنح ُ حياتنا الخضرة . وإذ يطل ُ القمر ُ الفيروزي ينبت ُ الورد ُ في الصحراء . ومن صوت فيروز تتنزل ُ قرى ً وديعة ً يسكنها المطر ُ والعشاق ُ والقمر ُ الأليف ُ الذي ينام ُ على العشب، يلعب ُ مع الأطفال، ويجلس ُ على أريكة القلوب وفي شرفات المنازل . قمر ُ فيروز كصوتها يدخل ُ كل البيوت بلا إستئذان . تراه ُ في الحكايات والأغاني وهو يُضيء ُ ليالي السهر . في كل أغنية ٍ لفيروز ثمة حكاية وحبيبة تحوك ُ لحبيبها الغائب كنزة ً من دموعها تحت ضوء القمر .

من صوت فيروز نتعلم ُ أسرار العشق . فمع كل أغنية ٍ فيروزية ٍ يُباح ُ بسر

فراشة ٍ وتنهدات امرأة ٍ عاشقة ٍ تملأ ُ جرتها من النبع . من منا لم يشعر ُ بهطول المطر الناعم من صوت فيروز وهو يوقظ ُ الأحاسيس َ في مسامات الحجر ؟ مع صوت فيروز نولد ُ في كل لحن ٍ وأغنية ٍ جديدة ٍ، حيث نقع ُ في الدهشة ِ ولم نعد نتعرف معها على أنفسنا . أغانيها عواصم أخرى غير ُ مُكتشفة من قبل . مع كل أغنية ٍ فيروزية نسافر إلى عاصمة الحلم وعلى أجنحة ٍ شفافة ٍ كالأثير . مع كل أغنية ٍ جديدة ٍ تـُهدينا فيروز بطاقة َ سفر ٍ مجانية ٍ نسافر ُ فيها على أجنحة الحلم إلى سماء ٍ من شعر ٍ وموسيقى وعطور . أعود ُ لوصفتي الفيروزية في شفاء المحتضرين ..

يجيء ُ بالمحتضر مسجى على سرير أو كرسي ويوضع ُ قرب نافذة ٍ تطل ُ على الصباح . قرب النافذة شجرة ياسمين أو برتقال وتكون مُثقلة بالعصافير والثمار . لا ننسى إناء الورد المملوء بالزهور وكأس ماء بارد .

لاشيء بعد ذلك، أتركوا المعجزة تفعل سحرها بعد أن ينطلق صوت فيروز كما نطلق ُ الينابيع على الأرض الظامئة . دعوه لوحده حتى تمتص مساماته الماء . حتى ينفذ ُ السحر ُ في كل مسامة ٍ من روحه ِ وجسده ِ وأعصابه ِ وعروقه ِ التي سوف تشرب الصوت الأثيري كما يشرب ُ قطيع ٌ ضل ّ في الصحراء ثم وقع بغتة على غدير ٍ أو بركة ماء .

 

شاعر من العراق

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1543 الثلاثاء 12/10/2010)

 

في المثقف اليوم