تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

عِـنْدَمــــَا يُهـَــانُ الْرِّجــَالُ .. صالح قوجيل "نموذجا" / علجية عيش

وما تحمله هذه العبارة من معاني سامية طالما أنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالوطن وبناء دولة قوية ذات سيادة برجالها، أقول جيدا برجالها، غير أنه سرٌّ ما يدفعني كلما أجد نفسي واقعة في مأزق عندما أكتب عن "الرجل" وما يحمله من سمات وخصائص، إلا وأجدني أعود إلى كتابات الدكتور محمد قماري ، خاصة تلك التي عنونها بـ: " العالم غدًا عالم بلا رجال"، وقد سبق وأن علقت على المقال الذي أثر عنوانه في نفسي  في مناسبة من المناسبات وهذا لا يعني أنني أضع قلمي (الذي ما زال يحبو كالطفل على أربع) في كفة قلم دكتورنا الفاضل، ولكن ربما أجد أفكاري تنسجم مع ما يكتبه الدكتور وما يريد كتابته ليشخص داء المجتمع الجزائري والعربي كما يشخص داء مرضاه الذين يداويهم..

المهم وبعد هذه المقدمة لا أظن أن أحدًا يعارض هذه المقولة:        " العالم غدا عالم بلا رجال" وهاهو عنوانك يا دكتور قماري يتجدد مع تجدد المعطيات والمتغيرات السياسية، لاسيما والأجواء التي يعيشها حزب جبهة التحرير الوطني  قبل وبعد مؤتمره التاسع، والإجراءات التي يباشرها الحزب العتيد منذ نهاية سبتمبر إلى اليوم لتجديد هياكله القاعدية على مستوى القسمات والمحافظات، وما يحدث من مهازل سياسية داخل الحزب بعدما  تطور الخلاف وانتقل من المناوشات الكلامية إلى الاعتداءات الجسدية بالسلاح الأبيض، ووصلت الأمور الى العدالة..

بشكل أو بآخر ربما كان ضروريا أو حتميا أن تكون هناك إجراءات لفك النزاع ، وربما من حق ألأمانة العامة للحزب أن تشكل لجنة انضباط لتأديب المتسيبين  واللاعبين بمصير الحزب وخونته، لكن أن يكون أول المحالين على لجنة الانضباط "رجال" في وزن صالح قوجيل الشخصية المعروفة على مستوى الداخل والخارج باعتباره من قدماء المجاهدين وأعضاء جيش التحرير الوطني ، لمواقف عبرا عنها ولا لخيانة أو شيء من هذا القبيل، فتلك تعتبر قمة الهراء السياسي..

صالح قوجيل لا يعرفني، ولا يسمع بوجودي، ولن يفكر يوما (و لو مجرد التفكير) في السؤال والبحث عن كاتبة هذا المقال التي تحولت في لحظة ودون تخصص إلى دفاع  ترافع عن رجل  في وزن صالح قوجيل، ولكن الأمانة الثورية والإعتراف بجميل هذه الشريحة من الثوريين يجعل كل واحد منا يقف أمام ضميره ويتأمل صورته في المرآة حتى يحكم على نفسه بنفسه من يكون هو حتى يحاسب رجال في هذا الوزن الثقيل؟ يتمتعون بروح ثورية نضالية، ومازالوا قادرين على العطاء النضالي إلى اليوم ولم يبخلوا يوما ، ويكفي العودة الى مواقفهم الشجاعة التي أبدوها في محاضراتهم وندواتهم ولقاءاتهم التاريخية التي عقدوها وشاركوا فيها..

كان لي الشرف يوم  شاركت في الملتقى الوطني للمناضلات ( وهو ملتقى خاص بالمرأة الجبهوية) ، وكانت العضو القيادي في الحزب العتيد السيدة صليحة جفال (ذكرها الله بخير) أن اقترحتني وزميلة لي في جريدة صوت الأحرار الأخت سعاد جلطي لنصعد إلى المنصة لإختتام الملتقى بعد مواقفة الحضور من القادة ، وهذا من أجل ترك المجال للفتيات ليتعلمن فن تسيير الجلسات، وتمكيننا من الممارسة السياسية ليس إلا ، وهي مبادرة تـُكـْتـَبُ لها في سجل جبهة التحرير الوطني، كنتُ قد ترأست جلسة الاختتام، كان المجاهد صالح قوجيل يقف في الصف الأول، وكلمة  أقولها للتاريخ ، لقد كان الوقار يغطي محياه، أما نحن فقد كان الخجل باد على وجوهنا لأننا كنا نقف أمام عمالقة الثورة الجزائرية، وكان شرف لنا أن نكون وسطهم، أليس من واجبنا رد الجميل ولو بقول كلمة حق فيهم دون مجاملة ..

فعندما يُهَانُ "رجال " من جيل الثورة ومن الوزن الثقيل مثل صالح قوجيل أو السعيد بوحجة وغيرهم في جزائر التعددية وجزائر الكرامة والسيادة ومن داخل الجبهة وهم من مؤسسيها الأوائل، يتراء للمُلاحِظِ  أن العبث السياسي في الجزائر وصل حدا لا يطاق، لأن الرجل معروف بمواقفه النبيلة تجاه جبهة التحرير الوطني قبل وبعد أن تتحول إلى حزب سياسي، وغيرتهم على الآفلان لا تقاس ولا يمكن أن تقدر بثمن ،  دون أن تفكر الجهة التي أصدرت القرار ووقعت عليه بشعور هذه الثلة من الرجال وهي تجد نفسها في هذا السن تحال على لجنة الانضباط، وكأنها ارتكبت جريمة في حق جبهة التحرير الوطني، وفي حق الشهداء والجزائر وفي حق الشعب الجزائري، أليس من الأحرى أن يستدعى الذين خانوا الحزب وكانوا في قوائم أحزاب أخرى، والذين باعوا أصواتهم لصالح أحزاب أخرى، أليس من الأحرى أن يحاسب الذين يتاجرون بالحزب ويبيعون فيه ويشترون؟

إنني عندما أتأمل عنوانك يا دكتور قماري " العَالـَمُ غدًا عَالـَمٌ بِلا َرجَال" تدفعني الجرأة إلى تعديله واستبدال كلمة العالم بأخرى مناسبة أمام هذا الوضع الذي تعيشه جبهة التحرير الوطني، وهو القول: " الأفلان غدا حزب بلا رجال"؟؟؟؟، وأعتذر لمن أنا دونهم لأننا لم نتعلم فن المجاملة السياسية..

 

علجية عيش

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1563 الأثنين 01 /11 /2010)

 

 

في المثقف اليوم