أقلام حرة

المثقف بين التفاؤل والتشكيك

 والموقف لمن هو ملك نفسه وغير موالي لاحد بحيث ارائه مستندة على عقليته وفكره وعقيدته الذاتية وغير مائل باي شكل من الاشكال لمصلحة اي طرف، وهو محلل ومفسر وقاريء جيد ومتوقع ومتبصر لما يحصل في الواقع الذي يعيش فيه وفي مستقبل المنطقة، ومقيٌم للاوضاع بشكل محايد، وهو الملم بعملية انتاج وبناء الفكر والمعرفة وفق مستوى ثقافته وعلمه ومعرفته، له فلسفته الخاصة به وبحياته معتمدا على مخزونه الفكري والثقافي وما يمتلكه من القيم الانسانية مستفيدا من حريته الشخصية وغير مؤطر او محدد للحركة الفكرية والفيزيائية لنفسه متمرس لتطبيق الية ما ينظره ويؤمن به فكره وفلسفته وثقافته العامة .

 

ان تكلمنا مستندين على النظرية النسبية في جميع نواحي الحياة وما يتناسب مع واقع ما دون غيره ولزمن بعيد عن الاخر ومن وضع اجتماعي واقتصادي وثقافي مخالف للغير، فاننا لم ولن نكون دقيقين ان ربطنا ما نصف ونقول وما يتصل بجميع المواقف والظروف والمراحل على حد سواء . ومن هذا الجانب بالخصوص، وان تحدثنا بدقة متناهية على همزة وصل وعلاقة المثقف والسياسة والتحزب ومقدار الانتاج المنتظر والثمرة النهائية لاي مثقف لابد ان نقول بشكل واضح،هل من الممكن لاي مثقف ان يحتل موقعا حزبيا وهو لم يفقد مكانته وصفاته الثقافية البحتة وخصائصه الفكرية والاخلاقية دون ان يفقد مكانته كمثقف في المجتمع .

 

في المجتمعات الحرة المتقدمة يمكن للمثقف ان ينتمي لاي تركيبة او مؤسسة فكرية ايديولوجية كاحزاب وحركات وتيارات دون ان يضلل طريقه وهويعمل مع ما يتناسب مع ما يؤمن به من الثقافة والفكر ويمارس حرياته وحقوقه دون يربط ذلك ما يريده الحزب وتكون علاقاته صحية متكاملة مع ما ينتمي اليه بحيث تكون نظرته وتفكيره اكبر مما تنظر اليه تلك الاحزاب والتيارات، وهنا يمكن ان يفيد المثقف المجتمع ككل وحزبه ان كان يعمل كمؤسسة مرهونة بخدمة المجتمع ومن اجل تحقيق اماني واهداف الشعب، بينما في المجتمعات المتخلفة الاخرى وحتى النامية، لا يمكن للمثقف ان يخرج من الحدود التي يصنعها الحزب وتصبح قيدا واغلالا في عنقه مما تمنعه من الانتاج وتفقده بصيرته وقرائته ونظرته العقلانية الى الحياة بشكل عام والثقافة والمعرفة والفنون بشكل خاص ولا يمكن القول بان المثقف غير المنتمي يكون مثمرا اكثر من غيره، وانما حريته وسعة المساحة التي يمكن ان يعمل من خلالها وهو ينتج غيرمرهون بمدى التزامه بالقواعد الاساسية لحزبه، ومن جانب اخريمكنه من خلال تلك القيود ان ينتج ويبدع ويستفيد ايضا من الدعم الحزبي ومتطلباته الايديولوجية، ولكن العوائق التي تمنعه من التفكير الصحي السليم وان لم تكن مقصودا سوف تظل سدا امام انتاجه وابداعه، ويكون تحت رحمة المسؤولية الاخلاقية والثقافية التي تفرضها النظرة العقلانية الصحيحة والانسانية العصرية الى الحياة والسياسة والثقافة بشكل عام . وليس من المهم ان يكون المثقف خارج الاطر الايديولوجية كمؤسسة وانما الاهم هو مدى تاثيره وفعاليته على الاحداث وتوجيهها نحو ما يفيد المصالح العامة، ومن الواجب عليه ان يفكر ويعمل ويؤثر على تاريخ وواقع الاحداث وما فيها وتحريكها نحو المستقبل الافضل مستفيدا من العبر التاريخية .

 

 وان كان واقعيا،و هذا مطلوب منه كعامل هام لنجاحه، يجب الا يتفائل دون ان يرى ما يحسن الامور، وان كان محايدا بشكل كامل فهو يصنع ويخلق الشكوك ويفسر ويقيٌم القضايا، ويجب ان يعمل على الاصلاح والتغيير كواقع الحال وليس بخيال او وهم في الفكر والاذهان .

 

 اذن يمكننا ان نبين نوعية الوسط او النظام العام والسلطة وتطبيق المؤسساتية كعوامل هامة لفكر وعمل وانتاج المثقف بشكل عام، سوى كان خالقا ومبدعا للقضايا والاحداث والشكوك في المواضيع متفائلا بما موجود على ارض الواقع .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1087  الثلاثاء 23/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم