أقلام حرة

علاقة التغيير مع الحرية والعدالة الاجتماعية

انمرحلة مابعد سقوط الدكتاتورية في العراق هي بداية الانطلاق السريع للتغيير التاريخي في كافة المجالات رغم ما شابتها من السلبيات والافعال الفردية بعد كبت وقمع طويل الامد، ورغم العوائق والسدود بفعل التدخلات والظروف الموضوعية والذاتية، الا ان النقلة النوعية ظاهرة للعيان في حياة المجتمع العراقي بكافة فئاته بعدما مرً من خلال النفق الطويل المعتم منذ عقود النظام الدكتاتوري . ليس هناك اي شك في العلاقة الجدلية الوطيدة بين الاصلاح والتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية وما يدور حولهم من العوامل المؤدية الى بناء الساحة والارضية الخصبة للتغيير الجذري وان كان نسبيا في شكل وطبيعة الحياة الاجتماعية والثقافية في المراحل المتعاقبة لبعضها . الحرية بكل مافي جوهر المفهوم من المعنى والصفات المتعددة الجوانب لا يمكن عزلها عن العدالة الاجتماعية وما تتضمنها من المباديء الاساسية .  نحن متاكدون من ان الحرية لا يمكن تجسيدها بوجود الثغرات والفجوات الكبيرة بين الطبقات، ولا يمكن ترسيخها بوجود الفساد المستشري في كافة مسالك الحياة والسلطة بالاخص وفي انعدام الشفافية والديموقراطية الحقيقية.  اذن الاصلاح والحرية والعدالة الاجتماعية من اهم الاعمدة والعوامل الرئيسية للتغيير والانتقال الى المراحل المتقدمة .و يمكن ان يحدث كل هذا بعد ضمان علاج المشاكل والاخفاض في مستوى الفساد وايجاد الطرق المؤدية الى الاعتماد على المواطن في المحافظة على المصالح العليا للشعب واحساسه بالانتماء والمواطنة في بلده . من الدوافع الاساسية لتهيج الوسط الاجتماعي والسياسي وانفعاله وفورانه هي وجود النقد والاثارة واظهار وكشف الثغرات والمعوقات وايجاد البديل المناسب، وهذه من واجبات المثقفين قبل الاحزاب والسياسيين والتي تلعب المصالح الحزبية الدور الفاصل في انحياز الاطراف لوضع ما دون اخر . وحيوية المثقف وصحوته في الوقت المناسب هي التي تحرك الجهات لازالة السلبيات بوجود الوسائل المتوفرة من قبل الواقع العام والمستوى الثقافي للشعب بعد تجسيد المؤسساتية في الحكم والسلطة . ويمكن ان تكون هناك الحرية بكل معنى الكلمة وبنسبة معينة في مجالات مختلفة الا ان الخوف من الماضي المترسب في عقلية المواطن وقلقه وعدم تامين وضمان حياته المعيشية والسياسية ستظل تنقص من نسبة الحرية المتوفرة، حرية التعبير والصحافة والاعلام والراي والموقف وحق التظاهر والاعتصام والنقد ولا يمكن ان تنتج شيئا ان لم تتفاعل معها السلطة والجهات المشمولة بالاصلاح. عندئذ يمكن ان نقول بدات الخطوة الاولى للتغيير بعد الاصلاح في المسارات العديدة فيما تخص الاوضاعالعامة وليس السلطة لوحدها ومن ضمنها رفاهية المجتمع ومعيشته بسلام وامان . مهما توفرت الحرية، ستبقى ناقصة في ظل انعدام النسبة المطلوبة من العدالة الاجتماعية بين فئات الشعب وطبقاته .

 

و من هنا يمكننا ان نجد العلاقة الواضحة وما يمكن ان نسميه الخطوات المترافقة لعملية التجديد والتحديث متوازيا مع التغيير وتثبيت عقلية التمدن والتحضر من خلال اثبات ما تتطلبه الهيجان الطبيعي لما يتغيرمن الظروف لولادة واقع جديد في مرحلة متقدمة للحرية والديموقراطية والنسبة المطلوبة من العدالة الاجتماعية .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1088  الاربعاء 24/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم