أقلام حرة

الجرح التركماني النازف مجزرة كركوك في ذكراها الخمسون

 باستمرار من قلب كل تركماني عراقي غيور مخلص للقضية التركمانية ومدافع عن وحدة العراق أرضا وشعبا . فكلما اقتربت الذكرى السنوية لمجزرة تموز الوحشية أزداد الحقد التركماني وغضبه على منفذي هذه العملية اللا إنسانية من قادة وعناصر الميليشيات الكردية الظالمة الذين لا يعرفون قيمة الإنسان وحقوقه. وفي هذا العام وحيث تمر الذكرى السنوية الخمسون على أحداث مجزرة التركمان الدامية، يعاهد الكركوكيون وبقية تركمان العراق بأن لا ينسوا شهداءهم المناضلين الذين سيبقوا كشعلة وهاجة تنير دربهم النضالي صوب تحقيق أمانيهم وأحلام غد أجيالهم القادمة المشرق في عراق موحد حر وديمقراطي مزدهر يحترم فيه حقوق أبناءه ولا يفرق بين فئة على حساب فئة أخرى مهما كانت قوتها وتعدادها.

 

بدون شك أن تركمان العراق تعرضوا على يد جلاوزة كافة الأنظمة الدكتاتورية التي تولت حكم البلاد، إلى ظلم وتمييز عنصري ومجازر دموية كثيرة، ولكن القاسم المشترك الوحيد بين أغلب تلك المجازر الهمجية التي دبرت ونفذت ضد التركمان في العراق كان ولا زال إما تنفيذها من قبل عناصر الميلشيات الكردية التابعة لحزبي الاتحاد الوطني والديمقراطي اللذان يقوداهما جلال الطالباني ومسعود البارزاني اللذان تشاركان بقية الأحزاب العراقية في إدارة حكومة الدكتور نوري المالكي، أو تنفيذ بعض تلك المجازر من قبل وحدات الجيش العراق في عدد من القصبات والقرى التركمانية بعد تطهيرها من دنس تلك الميليشيات الكردية الشوفينية التي احتلتها بعد عاصفة الصحراء وتحرير الكويت عام 1991.

 

مجزرة كركوك عام 1959 نفذها الميليشيات التابعة للحزب الديمقراطي الكردي الذي كان يقوده آنذاك الملا مصطفى البارزاني والد مسعود البارزاني وكان جلال الطالباني أحد الكوادر المتقدمين في الحزب.

 

في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وخصوصا في عام 1991 ، ونتيجة الفراغ الأمني والسياسي وكون أغلب وحدات الجيش العراقي في جبهات القتال في الكويت، احتلت الميليشيات الكردية التابعة للطالباني والبارزاني كركوك والمناطق التركمانية الواقعة ضمن محافظات كركوك، صلاح الدين وديالى. وبعد تحرير الكويت وعودة وحدات الجيش العراقي إلى مقراتها في المحافظات العراقية تركت تلك الميليشيات الغازية المدن والقصبات والقرى التركمانية فارة من خوف الجنود العراقيين صوب مدينتي أربيل والسليمانية وبعدها إلى الحدود التركية والإيرانية. ونتيجة حماقة تلك الميليشيات الكردية وجرائمها الغادرة بحق البعثيين ورجال الأمن الصداميين، ارتكبت وحدات الجيش العراقي مجازر انتقامية ضد أبناء آلتون كوبري و تازة خورماتو وطوزخورماتو الآمنين الأبرياء الذين لا ذنب و إثم لهم سوى كونهم بتركمان.

 

في عام 1996 طلب مسعود البارزاني من الرئيس العراقي صدام حسين إرسال وحدات عسكرية لمساعدته في طرد الطالبانيين من أربيل وفرض سلطته عليها. ولم يتأخر صدام من تلبية هذا الطلب. ودوره أوعز مسعود البارزاني عناصر ميليشياته في مساعدة تلك الوحدات العراقية في ضرب مقرات الأحزاب والتنظيمات السياسية المعارضة للنظام العراقي السابق والقبض على قادة الأحزاب والتنظيمات السياسية التركمانية العاملة في أربيل والمناضلين التركمان وإرسالهم إلى بغداد لإعدامهم هناك.

 

في عام 1998 هاجمت الميليشيات الكردية البارزانية مقرات و دوائر الجبهة التركمانية العراقية والأحزاب والتنظيمات المنطوية تحت رايتها وألحقتها الخراب والدمار وقتلت العدد من مسئولي تلك المقرات والدوائر التركمانية. 

 

في عام 2003 ارتكبت عناصر مديرية الأسايش الكردية مجزرة قمعية ضد أبناء قضاء طوزخورماتو التركمانية، و ثبتت تورط عناصر الميليشيات الكردية التابعة لحزب مسعود البارزاني في تنفيذ جميع المجازر الدموية وحوادث العنف التي شهدتها قضاء تلعفر التركمانية التابعة لمحافظة موصل منذ عام 2003 وحتى مجزرتي تلعفر وقرة قويونلو التابعتين لمحافظتي موصل في الأيام الماضية وذهبت ضحيتها أكثر من 50 شهيد وجرح ما يقارب 80 مواطن تركماني أغلبهم من النساء والأطفال.

 

في عام 2005 ساعدت عناصر الميليشيات الكردية التابعة للبارزاني العميل عبد القادر بازركان في السيطرة على مقرات ودوائر الجبهة التركمانية وأحزابها وتنظيماتها الوطنية المعارضة لسياسة حزبي الطالباني والبارزاني التقسيمية والانفصالية، وثبتت تورط الأسايش الكردية في مجزرتي مقهى آقصو بطوزخورماتو عام 2006 وآمرلي عام 2007

 

فبدون شك وبعد كل هذه الجرائم والاعتداءات الغادرة ضد أبناء التركمان يستحيل للتركمان  نسيان أحداث مجزرة تموز الرهيبة التي نفذتها عناصر نفس الجهات الكردية الشوفينية وعدم الاهتمام بذكراها السنوية. فكلما واصلت تلك الجهات العنصرية جرائمها وانتهاكاتها الحاقدة ضد التركمان أزداد الجرح التركماني نزفا واخضرت لدى التركمان فكرة الانتقام لشهدائهم الأبرار الذين روا أرض العراق بدمائهم الزكية .  فمثلما فرح التركمان على محاكمة رموز النظام  العراقي السابق على جرائمهم وعدوانهم ضد مكونات الشعب العراقي عامة والتركماني بصورة خاصة، ينتظرون اليوم الذي سيتم القبض فيه على العملاء  مسعود البارزاني وجلال الطالباني وبقية مرتكبي الجرائم والمجازر الوحشية ضدهم  وضد بقية أشقاءهم العراقيين ويقدمون للمحاكمة لكي ينالوا جزاءهم العادل لما ارتكبوه من ظلم وعدوان وخيانة وعمالة.

 

ونحن نتذكر باللعن على مرتكبيها،  شهداء مجزرة تموز وبقية المجازر الوحشية التي ألحقت بأبناء التركمان في كركوك وطوزخورماتو وآلتون كوبري وتلعفر وآمرلي وقرتبة وتازة خورماتو وبقية مناطق توركمن إيلي، يجب علينا من أجل دماء شهداءنا الأبرياء العمل الجاد لتقديم أولئك  المجرمين الخونة الأنذال إلى المحاكمة لكي الحكم الذي يستحقونه مثلما ناله السابقون من الجلادين والطغاة. فهذه مهمة قومية ووطنية تقع على عاتق مسئولي الجبهة التركمانية العراقية وجميع الأحزاب والتنظيمات التركمانية الوطنية النزيهة والمناضلين التركمان خارج تلك التنظيمات العاملة. فرفع الدعاوى إلى المحاكم العراقية ضد مرتكبي تلك الجرائم والانتهاكات حق شرعي من حقوقنا في البلاد وسياسيو التركمان يعرفون ذلك أكثر منا، فأن لم نصل إلى نتيجة عن طريق المحاكم العراقية نتمكن من إيصال الدعاوى إلى محكمة العدل الدولية  في لاهاي.

 

فمثلما يشهد التاريخ التركماني لمجزرة كركوك الدموية عام 1959 التي تمر عليناها ذكراها الخمسون بحزن وألم،  عذب وقتل شهدائنا أمثال عطا خير الله، إحسان خير الله، صلاح الدين آوجي، عثمان خضر، زهير جايجي، شاكر زينل، نهاد فؤاد مختار، جهاد فؤاد مختار وأمل فؤاد مختار بأسلوب لا يقبله الإنسانية فقط لكونهم بتركمان، وسحلت أجسادهم الطاهرة في شوارع كركوك بعد ربطها بعجلات الشوفينيين، وبعدها علقت جثثهم الممزقة على أعمدة الكهرباء التي تركت ثلاثة أيام في حر تموز. فبأية إنسانية تليق هذه الأعمال الإجرامية لكي نترك مرتكبيها بدون عقاب لكي ينعموا بخيرات العراق ويواصلوا جرائمهم ضد أبناءنا الأبرياء.

 

أملنا بأن لا تترك الجبهة التركمانية العراقية وأحزابنا وتنظيماتنا السياسية الوطنية الأخرى أولئك المجرمين الأوغاد بدون محاسبة يزاولون حياتهم اليومية بحرية وينتهكون حقوق أبناء العراق، ويناضلوا من أجل تقديم أولئك المجرمين الحثالى إلى المحاكم الدولية في أقرب وقت ممكن لكي ينالوا جزاءهم العادل. ونسأل الله أن يغمد شهداء التركمان كلهم وخصوصا شهداء تموز عام 1959 الرحمة ويسكنهم في فسيح جناته مع النبيين والصديقين، ويحفظ الله شعبنا التركماني من شر أعداءه المجرمين والحاقدين ويعلو شأنهم في كل بقعة من أرض العراق العظيم.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1107  الاثنين  13/07/2009)

 

في المثقف اليوم