تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

سوريا وتعطيل الدور المصري

 والنظام السوري يحاول تمرير المصالحة عبر محطته، الظاهر أن ما يرضي الفلسطينيين في هذه الأيام أصعب مما يقلقهم .

إرضاء الفلسطينيين ليس بعيداً عن إدراك القاهرة، لكنها لا تتحرك على هذا الأساس وحده لكونها تعلم ما يجول في خاطر الفلسطيني تجاه شقيقه الآخر في الداخل أو بالخارج .

وهذا الكم الإدراكي الكبير الذي عرفته القاهرة منذ عشرات السنين، أناط بها مسؤولية رتق الفتق الفلسطيني الذي بات يتسع قطره إثر أي تطور تشهد الساحة الفلسطينية .

قد لا يعير بعض الفلسطينيين بالهم طويلاً لقضيتهم بقدر ما يعيرونها لمن يُرضيهم ويرضى عنهم، أي لمن يتدخل أكثر في جوهر قضيتهم، وهم على يقين تام أن الجهود المصرية المبذولة منذ عدة أشهر، ما كان لها أن تتعثر أو تتأخر في إنضاج الحل المؤدي إلى المصالحة، لولا سعي بعضهم إلى الإصغاء والسماع للطلبات الإقليمية، قبل النظر في العروض المصرية التي هي عروض مساعدة بقدر يرضي الجميع، وليست عروض تدخل .

في الأمس تعثرت مصالحة مكة وصنعاء واليوم تجمدت مصالحة القاهرة، فلو قلنا إن السبب يكمن في عدم فهم حماس لأصول المصالحة، سيرد البعض أن عدم تنازل فتح عن سلم مطالبها يحملها أيضاً كامل المسؤولية .

لو سألنا بداية من المسؤول عن تعطيل المصالحات السابقة ولصالح مَن ؟ فإن الوقائع الدامغة ستجيبنا أن حماس هي مَن انقلبت أولاً على شرعيتها السياسية والدستورية وكرست واقع فصل الضفة عن القطاع، والسؤال الآخر مَن المستفيد من هذا الانفصال ومَن المتضرر؟.

المستفيد الأول، إسرائيل بحكم موازين القوى على الأرض، والمستفيد الثاني النظام السوري بحكم الإمساك بالورقة الفلسطينية والإبقاء عليها عند اللزوم، أما المتضرر الوحيد فهي مصر بحكم الجوار وتاريخ الصراع المرير الذي لا يزال يثقل كاهل الجميع .

وبناء على رزمة التساؤلات السابقة، فإن المعادلة الجديدة باتت على الشكل التالي، إذا أرادت إسرائيل سلاماً، فإنها تريده على هواها، وإذا أراد النظام السوري مصالحة فإنه يريدها على مزاجه، وما عدا ذلك سوى مقارعة طواحين الهواء .

ومن السخف الشديد أن يتفاءل بعض المسؤولين العرب عن قرب إنجاز المصالحة العربية، والانقسام الفلسطيني يتسع مداه بلا حدود، فمن أين يجب البدء أولاً، من المصالحة العربية أم من الفلسطينية؟.

في حقيقة الأمر، لا يستدل من سلوك حماس المتقلب بين صقور دمشق حمائم غزة، أن هناك مصالحة عربية أو فلسطسنة في الأفق، بل هناك لعبة ساذجة مضى زمانها وولى عصرها، وهي تعطيل دور الكبار إرضاء للصغار، ولا تهم حرمة الدم الفلسطيني أو قيمة الضريبة التي يدفعها يومياً من كيسه ومن مستقبل قضيته التي يجب أن تكون في الأساس قضية وطن لديه، قبل أن تكون قضية وجود لدى غيره.

إن دخول القاهرة على الخط السريع لجهة الذهاب بأرفع وفد أمني إلى دمشق، دليلاً على زئبقية حماس ومواقفها المرتهنة بين المقاومة والمقاولة، فضلاً عن ارتباط مشروعها السياسي بأجندات خارجية، لا ترى في القضية الفلسطينية سوى ورقة لا تستطيع العيش من دونها .

 

كاتب عربي

[email protected]  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1110  الخميس 16/07/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم