تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

عندما يزهر الملح.. ! / علجية عيش

خرج للحرب وترك طفلا صغيرا ، ولكنه توفي في المعركة، وكان الطفل دوما يسأل عن أبيه متى يعود، ولما علمت الزوجة بوفاة زوجها في الحرب، عجزت عن مصارحة طفلها، وأخفت عنه الحقيقة،  وظل الطفل يسأل ويسأل ويلح في سؤاله متى يعود أبي؟ لم تجد الأم من حيلة لتسكت طفلها إلا بأن تخترع هده الكذبة وتقول له: أصبر يا ولدي فعندما يُزْهِرُ الملحُ يعود أبوك إلى البيت..

تمسك الطفل بحلم العودة، وظل ينتظر وينتظر، وفي كل موسم يذهب إلى برك الملح  لعله يرى زهرة بدأت تظهر على السطح كما هو في النبات، ولكن في كل مرة يعود الطفل خائبا، ويسأل الطفل أمه متى يزهر الملح يا أمي، كل النباتات أزهرت إلا الملح؟  لا تجد الأم جوابا ، ماعساها أن تقول له، وبقيت حائرة إلى أن اهتدت إلى حيلة أخرى، ، فقالت له للملح موسم خاص يزهر فيه، انتظر موسمه، وصار الطفل يخرج خلسة في كل الفصول يرقب موسم إزهار الملح، يقف بالساعات لعل زهرة تخرج من دلك البياض الساطع، ولا يعود إلا في نهاية اليوم متعب ومحبط  ، ولكن هيهات كما يقال، كبر الطفل وأصبح رجلا والملح لم يُزهِر، وأدرك أن موسم إزهار الملح أكبر أكذوبة، وأن والده لن يعود،  لم يتقبل عقله هده الحقيقة، فكره أمه  والعالم ، فكان عليه إلا أن يتركها ويرحل نحو المجهول.

قصة تنطبق على واقع العرب اليوم، والأكذوبة التي زرعها  حكامنا ومثقفونا في قلب ها الجيل، وكذبوا عليه بالشعارات المزيفة، والملتقيات والمؤتمرات ز القمم العربية لحل القضايا العالقة، ولم يصلوا يوما إلى حل عادل، وربما نقف على ملتقى ألأسرى الفلسطينيين الذي انعقد في الجزائر، وملتقيات أخرى تتعلق بإصدار قوانين تجرم فيها الشعوب "الاستعمار" مثلما هو الشأن بين فرنسا والجزائر، أو تقدم الدول المستعمِرة اعتذارها للشعوب المقهورة التي استعبدتها طيلة قرون من الزمان..

و السؤال الذي ينبغى أن نطرحه هو : هل يكفي أن ننظم الملتقيات والمؤتمرات لنبرهن للعالم على أننا أكثر تضامنا مع شعب من الشعوب، والوقوف إلى جانبها في تقرير مصيرها، وهل يكفي أن نعلق الشعارات وأن نصدر البيانات وندد بالأنظمة المستبدة، وحكامنا ومسؤولونا في هرم السلطة يبرمون معها اتفاقيات الصداقة ويتبادلون معها الزيارات والهدايا وحتى القـُبـَلْ؟؟، باسم " التطبيع "، فهل تنفع التقارير التي تقدمها الجهات المختصة حول عدد الشهداء أو الأسرى في السجون والمحتشدات، أو ما يتعرض له ألأطفال من تعذيب وتنكيل؟؟  وإظهار وجه الاستعمار اللاإنساني ما لم تكن هناك إرادة سياسية عربية موحدة تضع حدا للاحتلال؟ ولكن.. !  تحقيق الحلم مشكوك فيه طالما العالم منقسم . 

عندما يزهر الملح تتحقق التنمية في بلادي..

وعندما يزهر الملح يلتفت الحكام إلى الشعب المقهور، ويطبقوا القوانين وينشروا العدل في البلاد..

وعندما يزهر الملح تعتذر فرنسا عن جرائمها للجزائر..

و عندما يزهر الملح يصادق برلماننا على قانون تجريم الاستعمار الفرنسي

وعندما يُزهر الملح تتحرر فلسطين والعراق..

و تستقل الصحراء الغربية..

و تتحرر كل الشعوب المستعمرة..

و عندما يزهر الملح تتحقق الوحدة العربية.

 

علجية عيش 

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1605 الاثنين 13 /12 /2010)

 

 

 

في المثقف اليوم