أقلام حرة

من سيجعل العالم مكانا أفضل مايكل جاكسون أم عقيدة تهدي الناس سواء السبيل؟

و(وأبو المحاسن فاسي فهري) وهما من كبار الموظفين في هذه المؤسسة التي يقولون أنها منظمة عالمية غير حكومية مكرسة لتحويل النزاعات  فالأول يشغل منصب  نائب الرئيس للتنمية الدولية بالمنظمة والثاني يشغل منصب محلل نزاع في معهد تحليل النزاع  وحله بجامعة جورج مايسون.

تحدث الكاتبان في هذه المقالة عن الفراغ الذي تركه موت المغني الزنجي الذي بدل جلده ليصبح في عداد الجنس الأبيض (مايكل جاكسون) وضرورة تحرك الشباب لشغله مجددا، وادعوا أنه كان معبودا من قبل مجال واسع من المجتمع العالمي عبر الفجوات العرقية والدينية وعبر الأجيال منذ أكثر من عقدين من الزمن . وتكلموا عن مشاعر حزن عشاقه ومحبيه فقالوا: (والآن وقد أشبع الإعلام جمهوره بتغطية وفاة مايكل جاكسون، يحتاج المرء لأن يقف ليقدّر القيم الموحّدة التي تمكنت موسيقى مايكل جاكسون من توليدها من خلال خمسة وأربعين سنة قضايا في الساحة العامة، والاعتراف بالاحتمالات التي يمكن للموسيقى بشكل عام أن توجدها في تيسير الحوار بين الأفراد والأمم. ولا تعرف الموسيقى والفنون والثقافة بشكل عام أية حدود، وقد قامت بتوحيد الشعوب لقرون عديدة. فالموسيقى تلمس الروح والقلب بأسلوب معمّق. وقد ساهم مايكل جاكسون، من خلال مواهبه بأسلوب قوي جداً. لقد كان لكلمات الأغاني التي ألفها وإيقاع موسيقاه أثراً تحويلياً على الجمهور العالمي، وخاصة في أمريكا، حيث تمكنت من التسامي فوق الفجوة الموسيقية بين الأبيض والأسود)

يأتي هذا الإطراء والمديح الكاذب بعد سلسلة الفضائح الشاذة التي أُثارها الرجل في حياته والنقد اللاذع الذي وجهته له الصحف والفضائيات بسبب سلوكه المنحرف لا حبا به ولا تخليدا لذكراه ولكن لحث الشباب الطامحين ممن هم على شاكلته للمثابرة على أمل الوصول إلى ما وصل إليه من شهرة وغنى لان صراع الشر الناشب مع قوى الخير يحتاج لجهد هؤلاء وموسيقاهم وكلمات أغانيهم ورقصاتهم الجنونية ليشغل بها الشباب عن البحث في أسباب وأسس هذا الصراع المصيري ولذلك قال الكاتبان: (وبأسلوب مماثل، يمكن للفنانين المشاركين في المجالات الاجتماعية أن يحصلوا على الإلهام من خلال تكريس مواهبهم لتشجيع الحوار ورسائل التسامح) ثم ضربوا مثالا تم انتقائه بعناية فائقة لتقريب فرص الفهم للشباب فقالا: (يشتهر صانعو الأفلام الإيرانيون مجيد مجيدي وداريوش مهرجوي عالمياً بسبب قدراتهم المميزة في  طرح القصص وأفلامهم التي حازت على جوائز عديدة والتي كشفت للغربيين تنوع الثقافة الإيرانية ودقتها وبراعتها. لقد سمحت التبادلات بين الفنانين الإيرانيين ونظرائهم الأمريكيين عبر السنوات للغربيين والإيرانيين على حد سواء أن يفهموا بعضهم بعضاً بصورة أفضل، وساعدت على الحد من النتائج الشيطانية التي تراكمت خلال سنوات من الأطروحات السلبية التي تعزز الصور النمطية على الجانبين)

إن الكثير من الكتاب الغربيين العاملين في مؤسسات خاصة يسعون من خلال كتاباتهم إلى الترويج للفكر الذي يعملون بخدمته مقابل مبالغ طائلة. ولما كانت الموسيقى واحدة من طرق التخاطب الإنساني المشترك بين الشعوب بما فيها تلك التي لا زال النزاع قائما بينها، وهي الظاهرة التي أدرك قيمتها المهتمون بالمشاريع التقريبية الخاصة لذا قاموا باستغلال حادثة موت  جاكسون لتشجيع الشباب على شغل الفراغ مع وعود معسولة بالشهرة والمال والحب والجنس وأشياء كثيرة أخرى، ولذلك يدعون أن مبادرات أغاني السلام على سبيل المثال تجمع موسيقيين محترمين من مختلف نواحي النزاع التي تفصل بينهم بعملية تعاونية مرتجلة في صنع الموسيقى لإرسال رسالة محددة عن التعايش والسلام. ورغم أن النتيجة مثيرة للإعجاب أحياناً، ما يهم في الحقيقة هو عملية جمع الناس معاً. في نهاية المطاف، تثير رؤية عدوك أو غريمك وقد تأثر بنفس الموسيقى التي تأثرت بها وبشكل غريزي شعوراً بإنسانية مشتركة وتحطم حواجز سوء الفهم والحقد)

 وفي حديثهم  عن الرسالة التي أدتها حفلات ما يعرف بأغاني السلام يكشفون بشكل لا لبس فيه غايتهم من الترويج لمثل هذه المشاريع حيث قال الكاتبان: (لقد جرت كتابة أغاني السلام وأداؤها في كل مكان، من نيبال(New Nepal) إلى إسرائيل/فلسطين (In My Heart) وكان لها هدف فوري بتهدئة الروح ومساعدة الناس على التفكير في مصيبتهم المشتركة والامتداد نحو الآخر في محاولة لتحقيق تسوية)

أن الكاتبين اعتمدا أسم أغنية قديمة لجاكسون أداها عام 1988 اسمها (إذا أردت أن تجعل العالم مكاناً أفضل، أنظر إلى نفسك، ثم أجر التغيير) ليجعلاه عنوانا لمقالهم المشترك في محاولة للتناغم مع مشاعر الحزن التي تركها موته في قلوب الغربيين، ولكي يقولوا لمن تعمدوا توجيه الخطاب لهم: إنكم إذا جاهدتم لتصبحوا مثل جاكسون لن ينساكم التاريخ أيضا

إن مجرد إدراك خطورة الباب الشيطاني الذي تفتحه الموسيقى المؤدلجة يؤكد أن الإسلام جد محق في تحريمه لها وغلقه لبابها الشرير.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1136  الثلاثاء 11/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم