أقلام حرة

كل يبكي على ليلاه .. من يبكيك يا عراق؟

 والوطنية والدعوة للم الشمل وجمع شتات الفرقة وتحولوا إلى ضباع كناسة همها أن تنال أكبر قدر من الفريسة. لم يعد هناك ما يدعو للطمأنينة، ولم يعد هناك ما يدعو للعجب، ولم يعد هناك ما ترغب العين أن تراه أو يرغب المرء بقراءته أو سماعه لأن كل ما قيل وما سيقال إنما هو مجرد ترهات وخزعبلات سياسية خالية من أدنى مقاييس الوطنية أو الحرص على العراق، على جرحه النازف ، على صرخات الأمهات الثكلى والأرامل المفجوعات والأيتام ،على بناياته التي أحرقتها التفجيرات، على شوارعه التي تحولت إلى مسارح أشباح، على وحدة العراق الممزق المهان المستباح، على وجع الجراح النازفة، على الكرامة المفقودة، على كل شيء.

من من الكتاب الذين أطالوا الحديث عن حريق الأربعاء تكلم بصدق ونزاهة بدافع كشف الحقيقة أو مواساة المبتلين؟ وماذا ممكن أن نستشف من كتاباتهم التي تنوعت عناوينها ومدلولاتها حد القرف؟ هل تجد فيها جميعها كلمة واحدة ممكن أن تكون بلسما لجرح العراق أو لآهات العراقيين؟ وهل من المبدأية أن يغير الكتاب ولاءاتهم تبعا لمواقف المسئولين فيتحول من اتهموه قبل أشهر معدودات بالوثائق والمستندات بالدعارة وتحويل جهاز المخابرات العراقي إلى ماخور عهر إلى بطل قومي لأنه أتهم هذه الجهة أو تلك بأنها تقف خلف التفجيرات؟

أو يتحول الوزير الذي كشف جريمة مصرف الزوية النكراء الخسيسة من بطل قومي شريف وشجاع إلى عميل وجاسوس؟

وهل من المصداقية أن ينبري كل واحد من الكتاب سواء كان من مواطني الداخل أو المتنعمين بخيرات دول الغرب (الكافر) ليتهم هذه الجهة أو تلك إرضاء لنزواته وشهوته وميوله السادية والسياسية والطائفية؟

من منكم لم يتلطخ قلمه بالإثم .. من لم يكتب بدوافع طائفية .. من لم يكتب منتصرا لمذهبه أو لمرجعيته السياسية .. من قال ولو جزء من الحقيقية المرة .. من وضع يده على الجرح؟

كتاباتكم كلها وبلا استثناء تفوح منها رائحة الشماتة، وكل منكم يريد أن يعصب ما حدث برأس هذه الجهة أو تلك نصرة لما يعتقده، بينما نحن جميعا مقصرون بل مجرمون .. كلنا ساهمنا بصنع الجريمة النكراء التي يندى لها الضمير الإنساني والاشتراك فيها بأيدينا .. بأقلامنا .. بألسنتنا .. بسكوتنا .. بانهزاميتنا ولا أباليتنا. وكل الجهات التي ساهمت في صنع مأساة العراق هم مجرمون أيضا .. كل دول الجوار العراقي بلا استثناء .. أمريكا .. الدول الإسلامية والعلمانية العربية والأجنبية.

وكل الأحزاب العراقية . بل كل عراقي ساهم في صنع المأساة منذ أن سكت على أعمال الطاغية لأكثر من خمسة وثلاثين عاما ثم سكت عن سياسات العملاء المأجورين منذ ما يزيد على ست سنين، وكل من حمل السلاح لمقاتلة من يختلف معه بالرأي من العراقيين.. العرب كلهم والأكراد كلهم .. المتدينون والعلمانيون فلا تتصنعوا البراءة فالبراءة منكم براء ، ولا تتصنعوا الوطنية لأن أقلامكم وأقوالكم فضحتكم وأبانت كذبكم ودجلكم.

إننا بعد أن أدمنا على المآسي والنكبات لا نرغب بمن يبكي علينا بل بمن يبكي معنا ولم أجد فيكم من تجول بعينه ولو دمعة كاذبة. فكفى كذبا بالله عليكم ودعونا وشأننا فقد مللنا كثرة الكلام والتجارة بالمباديء. فقد بارت تجارتكم ولم يعد لها من طالب

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1145  السبت 22/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم