تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

حماس على طريق الإمارة

سبقت ظهور حماس على الساحة لا يعتد بها من وجهة نظرها، ابتداءً من منظمة التحرير الفلسطينية إلى ما هو عليه الحال اليوم .

والحال في الضفة والقطاع أسوأ بكثير من الحال داخل الخط الأخضر، والذي قد يكون أهله في نعيم لا يقاس أمام جحيم انقسام الأخوة داخل أراضي عام 1967، على الأقل لا يوجد داخل الخط الأخضر انقلابات ولا تصفيات أو سجون بين الأخوة، حتى لو مارسها الاحتلال على شكل اجتياحات وتوغلات واغتيالات، فان أثرها أقل وقعاً على النفس، لاسيما عندما يمارسها الأخ تجاه أخيه .

فماذا يمكن أن نسمي رفض حماس الاعتراف بشرعية المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية المنبثقة عنه، وبذات الوقت تقاتل لأجل الاحتفاظ بنصيبها من سلطة أوسلو، فهي تقبل الانضواء في عملية أوسلو، إذا ضمنت لها الفوز في الانتخابات التشريعية بأغلبية ساحقة، وترفض الاعتراف بمنظمة التحرير إذا لم تكن مفصلة على مقاسها، أي أن يكون لها حصة لا تقل عن حصتها في الحكومة .

حماس تريد اختزال القضية الفلسطينية بمصائب غزة وأهوالها، أي الظهور بمظهر "الممانع" لكل أشكال الحصار، و"المقاوم" لكل الحروب، والآخرين في الضفة والشتات ليسوا سوى أجراء للاحتلال يلهثون وراء سراب السلام الخادع .

إذن، يحق لحماس أن تفعل بغزة ما تشاء، ولا يحق لغيرها أن يحرك ساكناً، فهي تمنع أي فلسطيني ينوي السفر إلى الضفة بداعي مشاركة إخوانه في مؤتمرهم العام كما جرى مع مؤتمر فتح السادس، وهي تمنع حجاج بيت الله الحرام من مغادرة أراضي القطاع إلى مصر ومن ثم إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج، إذا كان موقفها السياسي لا يتطابق مع موقف سكان الضفة وتالياً مع موقف مصر، وهي تخلق المناخ الملائم لنمو التطرف جراء الحصار والإغلاق وفقدان الناس لمصدر رزقهم وعيشهم من المساعدات والإغاثة الأممية، فضلاً عن فقدانهم لرواتبهم من بنوك الأسرة الدولية، وآخر صور هذا التطرف تمثل بظهور جماعة أنصار جند الله وإعلانها القطاع إمارة إسلاموية .

وبالمقابل، لماذا تستحي حماس الإعلان عن إماراتها الإسلاموية على أنقاض ما دمرته آلة الحرب في غزة؟ هل لأن ذلك يغضب الحلفاء في دمشق وطهران خشية من إثارة مخاوف دول الجوار وعلى رأسهم مصر ولبنان والأردن من حتمية ولادة ولاية حزب الله في لبنان أسوة بإمارة حماس؟ إذا كان هذا التحليل صحيحاً، فإن حماس تلعب لعبتها بصمت وتسير على طريق الإمارة بتأنٍ وتمهل، ولأجل ذلك تصارع الوقت، أكثر مما تصارع إسرائيل، لتثبيت وتعضيد أركان إمارتها الفتية، وهو ما يفسر تعثر جهود الحوار الوطني في إنجاز المصالحة المرجوة .

 

كاتب عربي

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1151 الجمعة 28/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم