أقلام حرة

جدول الضرب وحمايات المسئولين وميزانية الدولة

من زملائهم رجال الشرطة المكلفون بحماية الأموال المودعة في مصرف الزوية وسرقت رواتب زملائها الباقين. تم إلقاء القبض على بعضهم وهرب القسم الآخر إلى جهة مجهولة!

وتحدثت تقارير أخرى عن تعرض رئيس الوزراء السيد نوري المالكي لمحاولة اغتيال نفذها أحد أفراد حمايته، الذي هو أحد أفراد أفواج الحماية الأمنية أيضا. وقال الشيخ جلال الدين الصغير القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي أنه تم إلقاء القبض عليه!

تقارير وزارة الداخلية تفيد أن (128) ألف عنصر أمني مسجلين لديها لحماية المسئولين والشخصيات الرسمية موزعين لحماية 12 ألفا و500 مؤسسة وموقع حكومي في عموم البلاد. ويعني هذا العدد الكبير أن هناك جيشا ثالثا في العراق إضافة إلى الجيش والشرطة يتساوق معها في العدد.

تعليمات وزارة الداخلية تقضي بتخصيص 30 عنصرا أمنيا لحماية الوزير، و20 لوكيل الوزير، و 8 أفراد لحماية المستشارين، و5 لكل موظف بدرجة مدير عام، ومثل هذا العدد لعضو مجلس المحافظة. وهذا العدد لا يشمل بالطبع أفراد حماية أعضاء مجلس النواب الذين يقومون بتعيين حمايتهم  مباشرة مقابل قيام الدولة بمنحهم مخصصات حماية أمنية ولا يشمل أيضا حماية المسئولين في وزارتي الداخلية والدفاع الذين هم أساسا من الأفراد المنتسبين إلى الوحدات العسكرية والأمنية الرسمية.

عدد كبير من أفراد هذه الحمايات لا تتوفر فيهم المقاييس المهنية والمواصفات المطلوبة من حيث شرط العمر والمؤهلات العلمية والأخلاقية وحتى الوطنية. والقسم الأكبر منهم لا تعرف الدولة خلفيتهم الأمنية والاجتماعية أو أن المعلومات الخاصة بهم غير متكاملة ولم تجرى عليها أي إدامة أو تحديث، وكثير منهم قاموا بتزييف أوراقهم الرسمية بما فيها تبديل الأسماء والعناوين ومحلات السكنى ومسقط الرأس وغيرها، كما أن الكثير من الأحزاب والتنظيمات حتى الإرهابية منها زجت عناصرها في جهاز الحماية هذا، وفيهم من لديه سوابق جنائية، وفيهم حتى من المجرمين الذين أطلق سراحهم النظام البائد قبل الاحتلال، وقد يكون فيهم من لا يحمل الجنسية العراقية أو المدسوس من قبل مخابرات الدول الأخرى. وقد أكد المسئولون العراقيون اختراق هذه الأجهزة من قبل تنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية والنظام السابق والمنحرفين وبأعداد مؤثرة ولا يستهان بها!.

يحصل المنتسب من هؤلاء حسب بيانات وزارة الداخلية على راتب شهري مقدراه (500 دولار) شهريا إضافة للمخصصات الأخرى. وبعملية حسابية بسيطة من خلال ضرب 128000 منتسب × 500$ = تعرف الرقم المهول الذي يشكله مجموع مبالغ الرواتب الشهرية التي يتقاضاها هؤلاء  الأفراد. وبضرب الحاصل × 12 عدد أشهر السنة = تجد أن المبلغ المدفوع لحمايات المسئولين يعادل ميزانية مجموعة من الدول الأفريقية مجتمعة، ويكفي لإعادة بناء المدارس الطينية وباقي المدارس المتهالكة في العراق كله بأحدث المواصفات وتجهيزها بأحدث المستلزمات ، وبناء محطات طاقة كهربائية  تكفي الاستهلاك المحلي وتريح المواطن من المعاناة اليومية ، وتكفي لبناء محطات تحلية وتعقيم المياه في كل العراق بدل المحطات التي انتهى عمرها الافتراضي بما يسد حاجة العراق كله، وتكفي لتعبيد كل الطرق الترابية في العراق ، وتكفي لبناء مجمعات سكنية تسد الحاجة الفعلية لآلاف الأسر التي لا تملك سكنا لائقا، أو لا تملك سكنا بالأساس، وتكفي لتلبية الكثير من الطلبات والاحتياجات المؤجل بعضها منذ أربعين عاما، وتكفي ... وتكفي ... وتكفي.

ويرفع التخلص منها عن كاهل البلاد  التي تعيش ضنكا ماديا تأجلت بسببه أغلب المشاريع حتى الحيوية منها ثقلا يساهم توظيف عائداته في المجالات الأخرى بتطوير العراق المحتاج لكل شيء!

وإذا أضفنا لهذه المبالغ مبالغ كلف شراء سيارات المسئولون وحمايتهم الشخصية وهي عادة من السيارات حديثة الطراز وبعضها أو غالبيتها سيارات مصفحة تكاليف شرائها عالية جدا، تتولى الدائرة الحكومية التي ينتسب لها المسئول تجهيزه بها فلكم أن تكملوا العملية الحسابية، فأنا أعترف بعجزي عن إجراء طريقة ضرب وجمع هذه الأرقام الفلكية لمعرفة المجموع الكلي، أو بالتأكيد أنا أعرف ولكني لا أملك الجرأة للنظر إلى مثل هذا الرقم المهول وراتبي الشهري أقل من ثلاث ورقات (300$) بعد أن خدمت بلدي بشرف ونزاهة وإخلاص مدة أربعة وثلاثين عاما بالتمام والكمال!!

أما إذا أضفنا لهم مجموع القوات الأمنية التي يزيد عديدها على المليون حسب تصريحات المسئولين ألأمنيين ثم أضفنا مجاميع الصحوة والإسناد فإن مجموع المبالغ الكبيرة جدا التي تدفع لكل هذه التشكيلات تكسر ظهر موازنة الدولة وتقضي على أي أمل بإعادة اعمار البلاد أو بناء مشاريع جديدة الآن أو في المستقبل القريب، بما يعنى أن الحال المزري الذي نعيشه اليوم سوف يستمر إلى ما يشاء الله سبحانه

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1154 الاثنين 31/08/2009)

 

 

في المثقف اليوم