أقلام حرة

التسلط والأحماض الحيوانية المركزة / بهاء الدين الخاقاني

رغبة السلطة، وحب الترأس، وميول الجاه، ومودة المدح ، وقول الانا ..

كما أن زيادة هذه التطلعات في أحاسيس الانسان تؤدي إلى ظهور الكآبة والانفعال وزيادة الحساسية تجاه المؤثرات العادية في البيئة المحيطة ومنها الظن السؤ بكل شيء واساءة النظرة حتى تجاه أقرب الناس، متحولة بالتدريج الى الشك وبالتالي الى قلب الحقائق بحجة ضرورات العصر والأمن ومنها ما يتم تشريعه من أن الانسان متهم حتى تثبت براءته ..

وتؤكد الأبحاث أيضاً أن حالة البخل التي تصاحب هذه التطلعات كناتج من نتائج فاعلياتها على شخصية الانسان تعمل على اثارة الأعصاب ..

ومثلها حالة الأنانية التي هي من ثمراتها أيضا تعمل على الانفعالية وعدم الطمأنينة النفسية ..

أما الظلم والجور والقمع والاضطهاد التي تشكل عوارض ظاهرة بوضوح لمشاعر التسلط فتزيد عوارضها من عدم قدرة المتسلط على تحمل الألم في الوقت الذي تزيد القدرات له في الاستلذاذ الشهواني بآلام اللآخرين، منتجة حالة من تقلل انفعالاته الظاهرية المبررة له وهماً بالوقار والشخصية والهيبة، وتسبب له حالة من الاسترخاء الظني بسبب مركزية الأشياء الخاضعة بوحدانية الرأي كونه لا يمكن النجاح وتحقيق النظام الا بسلطته، بل ولايمكن تحقق العدالة العالمية بين الناس الا بحكومته بل ولا يمكن للبشرية النجاة من عقوبات يوم القيامة الا بعبادته .. عفوا اِلّا باتباعه ..

 فضلا عن تحقق ظاهرة الخمول الفكري بسبب الاتقاد المنحرف بعدم الحاجة للآخرين وانه مكتفي بشخصه، وذلك بسبب الطموح الألوهي الكامن في خلفيات النفس غير المهذبة الداعمة للصنمية وباختلاف  مصادر اندفاع الشهوات الانسانية غير المتحكم بها في الطبيعة البشرية لتتحول من طاقات ايجابية الى مصادر أمراض، وهذه من دلائل تحول الأصنام من حجر وتمر وخشب وغير ذلك، حتى أزمنة صنمية الحيوانات الى أزمنة من ان تكون لحما حيا متحركا متكلما منظرا متمثلا بالبشر ..

هناك أيضا عدد من السلوكيات الساخنة و أخرى الباردة التي هي بالضد من الهدوء وتحقق تعكير الصفاء النفسي ..

 حيث يساعد ممارسة الظلم والجور والتعسف وسلوكية مصادرة رأي الآخرين على تعزيز القلق، ويلاحظ عند ممارسة هذه السلوكيات أن يتم غلبها كما هي على حالتها الطبيعية كبشر باتجاه محاكات الحيوانية ..

ومن السلوكيات الشهيرة بقدرتها على اثارة الأعصاب وحضور القلق، الرغبة بالثراء من خلال التسلط  وليس العمل المعتاد وأيضا خفايا الرشوة والعطاءات والهدايا غير المشروعة  ..

كما يعمل الربا  والمعاملات علنا أو سريا مع بعض التبريرات مثل التاريخ النضالي أو التعويضات عن خسائر ماضية أو بسبب مصالح انانية أو عنصر الأقارب على تثبيط التفكير ومحو الذاكرة نتيجة الأحماض المركزة الحيوانية داخل الجسم، والتي تنتج بسبب هذه السلوكيات والرغبات غير صالحة للانسان الطبيعي.

واذا عدنا الى الطبيعة نجد في في المحيطات ، كان القرش الرهيب يمضي وقته في إفزاع السمك، و كانت مخلوقات البحر تهابه، فما أن تراه حتى تهرب في كل الاتجاهات..

كانت السيدة حوت بطبعها اللطيف تساعد الأسماك على الهروب من القرش، فما أن تبدأ المطاردة حتى تفتح فمها وسيعا..

وتناديها بمحبة: أسماكي الصغيرات لا تخشين شيئا من هذا المتجبر ما دمت هنا.. هيا إلى فمي لأحميكن من خطر هذا اللعين ..

فتندفع الأسماك داخل فم الحوت العملاق في سباق محموم لينغلق وراءها بعدما تعلو الرأس نافورة ماء معلنة عن نهاية المعركة قبل أن تبدأ..

ويظل القرش مدة يراقب هذا الخصم الضخم ثم يذهب في حال سبيله مدحورا يائسا.

وتفتح السيدة حوت فمها بعد دقائق لتنادي سربا جديدا من الأسماك الخائفة من بطش القرش الفتاك..

وكانت كائنات المحيطات تراقب هذا المشهد ..

 وتتساءل بدهشة: هذا الحوت وهو حامي حمى الضعفاء في هذا اليم الكبير لم تغادر فمه سمكة واحدة .. فأين تذهب كل هذه الأسماك يا ترى ؟.. 

هذه بعض من  أحداث الطبيعة، فضلا عن أن الخُلق اللابالي بعدم الشعور بحاجة الآخرين، وسلوكية الطبقية غير كاملة التربية وأهمها سؤ الأخلاق، وبذرة الحقد تساعد على تخريب واضعاف المسؤولية الانسانية نحو تضخيم الأنا، مما يخلق منجزا وهو عدم القناعة وعدم الاشباع ..

وحسب الأبحاث العلمية ومنها التاريخية وضمن مساند لا تقبل الجدل كمسند نابليون وهتلر ونمرود وفرعون وغيرهم، فضلا عن من لم يمارس التسلط مباشرة كهامان وقارون وامثالهما قديما وحديثا، فان الغالبية يشعرون بتوتر في مزاجهم عند ممارسة الاستشارة، وتؤكد أبحاث الأطباء والمهتمين التاريخيين والاجتماعيين أن مهنة الأستشارة كثيرا ما هي أخطر من التسلط المباشر لأنه تفرز أحماضا مهلكة مضاعفة وأكثر تركيزا بما تمثله من فاعلية للخلايا والأحاسيس باتجاه المصلحة الشخصية تحت مظلة تضخم الأنا، كما تعمل على مقاومة الحرية وتخريب تنظيم نظام الحياة والناس، ومنع الإحساس والتحسس عند الآخرين باجراءات أحيانا تشريعية لاحتوائها المباشر التفكير بالآخرين ومودة الأخوان، كما يعمل الأهمال على اكتساب المرء الجبن وتقوية التخاذل واِدامة الاخلاف عن العهود وخيانة المواعيد..

أما المدح فيساعد على التأمل المجرد وما يستتبعه من حسن العطاء لمن لا يستحق..

و يؤكد الأطباء بالجمعيات الدولية لدراسة الأحماض الحيوانية أن هناك مضار جمة للعقل، ومن رغبة بالمديح فأنه يستثير ألأحماض المعروفة والتي تنتج بكثرة في المدح وتؤدي الى خسائر جمة بسبب العطاء من أموال الناس بما يشبه السحت الحرام ،حيث من الممكن أن تحول الإصابة بالإحباط لان المدح جاء بالوجه مباشرة ليثير الشكوك بالذم بالسر أو أمام الآخرين كما أنها تعزز عملية الجهل بأنواعه..

وان هذه الاخلاقيات تمارس لادامة روح التسلط ..

فقد دخل طفل صغير لمحل الحلاقة..‏

فهمس الحلاق للزبون :هذا أغبى طفل ‏في العالم ...

فقال الزبون : كيف ؟ ..

فرد عليه الحلاق: انتظر وأنا اثبت لك ..

وضع الحلاق درهم بيد و25 فلسا  باليد الأخرى

نادى الولد وعرض عليه المبلغين اخذ الولد ال25 فلسا ومشى ..

قال الحلاق: ألم أقل لك هذا الولد لا يتعلم ابدا وفي كل مرة يكرر نفس الأمر.

عندما خرج الزبون من المحل قابل الولد خارجا من محل الآيس ‏كريم فدفعته الحيرة أن يسأل الولد، فتقدم منه ..

وسأله: لماذا تأخذ ال25 فلسا كل مرة ولا تأخذ الدرهم ؟ ..

قال الولد: لانه فى اليوم الذي آخذ فيه الدرهم  سوف تنتهي اللعبة..!!ـ

استنتاجا لذلك خلصت الدراسات الصحية التاريخية من معاهد الحياة للصحة على استبيانات لزمن أبعد من عشرة الاف سنة، إلى أن معدلات الإحباط تكثر للجنسين الذان يباليان بالتسلط المباشر الظاهري ولا يباليان بما يجري بالسر من احتمالات النقد خلال فترة التسلط، كما تكثر أيضا احتمالات تعرض الأجيال من أبنائهم واقاربهم وذويهم الا نادرا لمشكلات سلوكية أو صعوبات أخلاقية فضلا عن سهولة الوقوع في الجهل والتطبع عليه..

وتوصل باحثون آخرون إلى أن الأطفال الذين تكثر عندهم معدلات الأحماض الحيوانية، طالما تسبب بانعاش جرثومة التطبع على التسلط المستمر دون معيشة للنقد الحقيقي في سن السابعة او السن المكر لتحمل المسؤولية بين ان تكون منحرفة او مستقيمة، فيكونون أكثر عرضة للإحباط كالبالغين .

حيث يتمتع الأشخاص الذين يتعاملون مع الكثير من تلقي المدح عند التسلط من الآخرين بتدهور بالصحة عامة وضعف بالصحة العقلية ولو بالتدريج .. 

فالتسلط يفني بالتدريج الفيتامينات المغذية للانسانية وفي أقل الأسواء يعيش التوحد، وأيضا يكون من أهم مصادر الأحماض الحيوانية المهلكة للطاقات الانسانية ..

ويقال والعهدة على الراوي ان الجن كالانسان يتعرض لنفس الأحماض ولكن الشيطانية منها، على رغم اِنها أقل انتاجا لعوارض التسلط صحيا، مقارنة للعوارض التي تظهر على سلوكية الانسان عند التسلط، وذلك بسبب الأحماض الحيوانية ..

[email protected]

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1774 الثلاثاء 31 /05  /2011)

 

في المثقف اليوم