أقلام حرة

الاقتصاد السوري.. تعثرٌ بين تحديات الداخل ورياح الخارج / حسين الفياض

الى ازمة فعلية بدأنا نعيشها منذ ستة أشهر تقريبا ولا يبدو أن نهايتها قد أوشكت، ونحن بانتظار خطة عمل وزير الاقتصاد الجديد وحاكم مصرف سورية المركزي اللذين عليهما ايجاد الحلول لتحديات الداخل والتصدي الى الحرب التي تشن على الليرة السورية بشكل غير مسبوق.

 

وكثيرة هي التراكمات التي حذت باقتصادنا أن يعود الى الخلف يتصدرها أن عدد من الاقتراحات تم رفعها إلى الحكومة السابقة تم التغاظي عنها من المسؤولين ولم يأنفوا من ترديد إستراتيجيتهم، وابتعادهم عن أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد السوري والاقتصاديات النامية مثلها، وتجاهلهم لمطالب شركات الاستثمار الخاصة والعامة و رجال الاعمال واصدار الكثير من التشريعات والتعديل عليها على عكس مطالب المستثمرين الذين علت اصواتهم في أوقات مختلفة من اجل وقف تلك التعديلات التي تجعل القوانين وتطبيقها غير مستقر وهو ما يؤثر بشكل سلبي على السوق ما حدا بجانب مهم من شركات الاستثمار الى الهروب من الاقتصاد السوري الذي تأثر بعامل سلبي اخر بفعل الاحداث التي تشهدها المنطقة وما سبقه من خلفيات الازمة المالية العالمية رغم عدم تأثر الاقتصاد السوري فيه، وأغلب المصادر تكتمت عن هذه الأزمة التي يعيشها اقتصادنا اليوم.

 

ومن أهم التحديات الفعلية التي تواجه الاقتصاد السوري اليوم هو عدم وجود خطة واضحة وصريحة للنهوض بالواقع الاقتصادي وانتشاله من أزمته، والتصدي لجميع الحروب الخارجية التي تشن على البلد وبالتالي الحفاظ على الامن القومي والوطني وتلبية احتياجات المواطنين العاجلة وتحسين الاستثمار وبذلك نكون قد وضعنا سور اقتصادي امن ليأتي الدور بعدها إلى إيجاد مخرج لمشكلة البطالة التي تؤرق كافة المسسؤولين في الوقت الحالي، ويتم حلها بإيجاد فرص عمل للآلاف، وهذا ما أعلن عنه وانتهجه الرئيس بشار الاسد وتبناه في خطته الاصلاحية وتم استحداث العديد من المشاريع العامة والخاصة والاعلان عن فرص عمل داخل الدوائر الرسمية، لكن المشكلة والتي يتسائل عنها المواطن أين العمل لليد العاملة في حالة الركود التام الذي يعيشه الاقتصاد السوري في الفترة الماضية، فحل مشكلة البطالة كما قال احد الخبراء تحتاج إلى سياسية اقتصادية اجتماعية تمارسها الحكومات من خلال اعتبار المواطن السورية هو الهدف من كافة العمليات الاصلاحية فيتم إيجاد المشاريع وتوسيع الخدمات لامتصاص القوى العاملة خاصة بعد أن عزف القطاع الخاص عن التوظيف نتيجة هذه الأزمة، بل انتقل لتسريح العمل في سابقة نشهدها منذ سنة وأكثر، ونتيجة إقدام القطاع الخاص على كل ذلك أتت مما وصفه بالسياسيات الاقتصادية التي اتبعتها حكومة عطري والتي تم قبول استقالتها دون ان تحاسب على ما فعلت رغم أننا نسمع هذه الأيام عن شمول بعض المسؤولين المتهمين بالتقصير والفساد في الحكومة السابقة وعلى اعلى المراتب فيها بتحقيقات سرية سيتم الاعلان عنها لاحقا!!

 

وقد يكون التسويق من أهم التحديات التي تواجه الخطط الحكومية، فالكثير من المؤسسات الاقتصادية الحكومية خاسرة وبجدارة، ورغم أن الكثير من المسؤولين السابقين أكدوا على أهمية التسويق واتباع مناهج عالمية في طرق تعلمه وممارسته إلا أن الواقع يختلف كثيراً، ليرتبط ذلك بالتصدير  بصورة هيئة الصادرات التي يعدها الكثير من المصدرين متوقفة عن العمل نتيجة عدم منحها كافة الامتيازات التي منحها إياها المرسوم الخاص بها، ووضع العراقيل أمام أعمالهما من قبل عدد من الجهات، منها وزارة الاقتصاد و المالية ومنها الصناعة..

 

واذا تحدثنا وبشكل شبه تفصيلي عن الازمة التي يشهدها الاقتصاد السوري والعوامل الداخلية التي أدت الى ذلك فعلينا ان لا ننكر وجود حرب اقتصادية تشن على البلد من خلال فرض عقوبات اقتصادية على سورية وعلى شخصيات ورجال اعمال مهمين في البلد وفي مقدمتهم رجل الاعمال رامي مخلوف من قبل أميركا والاتحاد الاوربي، ولا نستطيع أن ننكر أن هذه العقوبات تضر بمصالح الشعب السوري بعد ان قام الاخير بالاعلان عن وقف الشراكة مع سورية في مغالطة كبيرة، فالكل يعرف بأن من وقف الشراكة هي سورية لأنها رأت فيها اجحافا واضحا للاقتصاد السوري وخاصة في مجال الصناعة، وأميركا وحلفاؤها لا يهمهم مصلحة الشعب السوري بل يحاولون استغلال الازمة السياسية التي يمر بها البلد حاليا بعد أن كانوا احد الاسباب في اندلاعها، فاضعاف البنية الاقتصادية لسورية يشل حركتها السياسية وحتى الاجتماعية، ما حدا بكثير من رجال الاعمال والشركات الى الوقوف في صف واحد مع الحكومة السورية وهذا ما أشار إليه بوضوع رجل الاعمال رامي مخلوف في مقابلة معه أجريت مؤخرا وقال إن النخبة الحاكمة قد أصبحت أكثر قربا أثناء الأزمة وعلى الرغم من أن الرئيس الأسد هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، فإنه يتم صياغة السياسات بناء على «قرار مشترك«.

 

وعلينا أن ندرك جميعا بان استهداف بعض الشخصيات الوطنية ليس وليد اليوم فالعقوبات التي فرضت على مخلوف من قبل الحكومة الأميركية جاءت اولاً في العام 2008، والتي رد عليها مخلوف بشكل واضح حيث قال: «ربما هم قلقون من استخدام هذه الأموال لدعم النظام.. لا أعلم... ربما، ولكن النظام لديه الحكومة بكاملها وهم لا يحتاجون إلي، هذا هو الثمن الذي علي أن أدفعه«.

واذا اردنا أن نقوم بالاصلاح يجب الاستفادة من جميع الخبرات والقدرات المتوافرة ومنها السيد مخلوف لتكون أداة في الإصلاح الاقتصادي الذي يجب أن يتم في أسرع وقت ممكن، ولا يجب أن نغفل عن أن سورية تعد ملتقى التجارة الإقليمية ومركزا لخطوط أنابيب النفط والغاز التي تصل العراق والخليج العربي بالبحر الأبيض المتوسط وأوروبا.

وعلينا ان ندرك جيدا بأن الاصلاح الاقتصادي يجب أن يسبق أي اصلاح سياسي في البلد، ونحن متأكدون بأنه قادم لا محال لكن الوقت والتأخير فيه ليس في صالحنا والخطط الاقتصادية السابقة المتعثرة يجب الاستفادة من اخطاءها.

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1776 الخميس 02/ 06 /2011)

 

 

في المثقف اليوم