أقلام حرة

صرخةٌ بو عزيزية / مسلم السرداح

بهم على أساس إن الناس على طبائع ملوكهم أو إن للضحية أخلاق الجلاد خصوصا حين ينبثق الجلاد من رحم ضحاياه ويسمي نفسه قائدا للضرورة.

 

وقد وصلت الوقاحة بهم إلى أن يضع كل لنفسه خليفة من أولاده أو إخوته حاكما بعده فحولوا الأنظمة الجمهورية إلى أنظمة وراثية لا تختلف عن الأنظمة الملكية إلا من حيث الشكل لا المضمون إضافة إلى الصفة الغالبة للأنظمة الحاكمة في بلداننا العربية وهي صفة الدكتاتورية الاستبدادية الشمولية، التي تضع مصلحة الوطن والمواطن في درجة متأخرة من اهتمامها وطموحها في حين إنها تصب كل إمكانياتها للمحافظة على شخص سيد النظام لإبقائه ونظامه سليما معافى يرفل بالعافية الدائمة لغاية موته وليدوم نظامه إلى ما بعد موته، ولأجل ذلك تراهم يهدرون الثروات المادية والبشرية ويرتبطون بروابط مشبوهة مع دول أخرى أو يختلقون اعداءا وهميين من اخرين بصيغة ما يعرف بالمؤامرة.

 

وإنهم ليس فقط يهملون دور الشعب في الحفاظ على انظمتهم لو كانت عادلة مع جميع طبقات الشعب وفئاته، وانما هم عكس ذلك يضعون تحت آباط الشعب قنابل موقوتة بمسميات شتى من الطائفية والعشائرية أو المذهبية والقومية الى غير ذلك، وذلك على أمل ضرب البعض بالبعض الآخر والغرض هو إسكات هذا الطرف أو ذاك في حال حصول الفتنة. أي انهم يفخخون الطائفية وغيرها من المسميات القميئة بعد تسييسها.

 

إن معظم الأنظمة العربية تصف نفسها بصفات جميلة لا تنطبق عليها مثل الوطنية والتقدمية والشعبية والديمقراطية، وهي في حقيقتها أنظمة ميكيافلية ليس لها صفة ثابتة تتصف بها حيث إن مصالحها تذهب بها بكل الاتجاهات وترسوا بها حيث رست، فهي علمانية مرة ودينية مرة أخرى وهي شعبية مرة وطائفية مرة أخرى ولا يفهم ذلك إلا من لديه قدرة القراءة فيما بين السطور ذلك لأنهم يغلفون السم بالسمن لاستغفال البسطاء والجهلة من أفراد الشعب. والحقيقة إن جميع هذه الأنظمة آيلة للسقوط لأنها مبنية بشكل شديد الميلان، وهي لذلك مكروهة من مواطنيها لتماديها في الظلم وسحق الآخرين، دون أن تتعلم من احد أصول الحياء أو أساليب احترام الناس وهم يسرقون ثروات البلد في حين يئن الناس تحت ثقل الفقر والبطالة والفساد، وفي حين ينعم راس النظام وعائلته وأعمامه وعشيرته وطائفته ومتملقيه الذين يرفعون شعارات الثورية الكاذبة بالعيش الرغيد. حتى إذا ما أسقطت تلك الأنظمة فإنها تذهب إلى الجحيم مع هؤلاء دون أن يأسف عليها احد.

 

لقد تراجعت أنظمة تدعي الثورية عن نزقها حين رأت ماحدث في العراق عقب الحرب الأخيرة وتنازلت عن كل شي الا واحدا الا وهو راس النظام حتى إذا ما خفت ألازمة وبرد الدم في العروق عادت الى ما كانت عليه مثل اليد العوجاء.

واليوم وما اكثر مايشبه البارحة وامام المد الثوري البوعزيزي نراهم عادوا يتملقون شعوبهم دون اعطاءها اي شيء ملموس وعلى طريقة هذا لك وهذا لي وعودة اليد فارغة نحو الشعب الا من................ كما تقول النكتة وما اكثر النكات من حكام وضعوا الحياء خلف مؤخراتهم الكبيرة.

لقد أعطت اغلب الأنظمة الحاكمة في الدول العربية، دوافعا للإرهاب، كي ينموا ويترعرع تحت ذريعة الخطر الذي يتهدد الإسلام، والذي نصبوا أنفسهم، حماة عنه لغرض لايمت للدين بصلة الا من حيث هو في مصلحة النظام، في الوقت الذي قامت فيه أنظمة عربية أخرى بإعطاء الذرائع للدول ذوات النوايا السيئة للتدخل في الشؤون الداخلية لبلدانها تحت يافطات شتى. لقد قسم السودان بسبب ادعاء الاسلام وباسم محاربة الارهاب سيقسم اليمن وباسم العروبة الصدامية سيقسم العراق والآتي اكثر.

 

وبددت الأنظمة الحاكمة في الدول العربية الأموال التي لا يعلم أي احد مقدار الرخاء الذي سوف يصيب الشعوب لو استثمرت استثمارا عقلانيا بدل إضاعتها في ترهات الحروب والتدخلات. انهم يدعون بناء جيوش حديثة مدربة تدريبا حديثا وبتكنولوجيات متقدمة ومع ذلك فإنهم لم يستردوا أرضا مغتصبة ولم ينتصروا في حرب اللهم إلا حين تكون حروبا مبطنة ضد شعوبهم أو ضد بعضهم. وخير دليل على ذلك مشكلة فلسطين التي تحولت بفعل هؤلاء الحكام إلى لعنة في مسيرة الشعب العربي حين راحوا يدعون دجلا العمل على حلها بدلا من الفلسطينيين أنفسهم.

 

مسالة أخرى وهي الأكثر إضحاكا ذلك إن بعض الدول العربية وضعت فيها دساتير انتخابية ينتخب من خلالها رئيسٌ للدولة أو مجلس للشعب كل عدة سنوات والرئيس المنتخب يظل هو نفسه الذي سوف تتكرر ولايته في المرات القادمة لحين وفاته اما مجالس الشعب فإنها لعبة تحت يد سيد النظام يفككها متى تضاربت قراراتها مع مصلحة نظامه ليعيدها من جديد بديكور آخر.

خلاصة القول إن الأنظمة الحاكمة في بلداننا عجيبة غريبة لا تصلح حياتنا الا بازالتها لان ما افسده الدهر لايصلحه العطار. ذلك لان لاهي تحافظ على الروح الوطنية لمواطنيها ولا هي المحافظة على اوطانهم. وربما ياتي اليوم الذي سوف تتجزأ فيه بلدانهم اكثر واكثرحين سينتشر الوعي البديل السالب الذي قد يجعل كل عرق او طائفة او مجموعة بشرية صغيرة، حاق بها الظلم تتقوقع حول عرقها لتنفصل انفصالا لارجعة فيه عن الكيان الام. سوف تحرق اصابعنا الشمس ونحن نيام، وحين نستيقظ سنجد انظمتنا قد تمادت في اذلالنا واضطهادنا، ونتيجة ذلك سنجد انفسنا متحدين ضد انفسنا وضد بعضنا بدلا من الاتحاد ضد انظمتنا وستمزقنا اليقظة كما مزقنا الجهل والغفلة وفرَقانا.

ان مشكلتنا هي انظمتنا التي لو حاولت احيانا ان تتحد فاتحادها سيكون صوريا مع بعضها لان مشكلتها هي من سيحكم من. وبالنسبة للشعب الواعي ولانه يتقيأ يوميا اسم جلاديه

فلم يعد يهمه من ياتي ويروح من هؤلاء.

 

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1777 الجمعة 03/ 06 /2011)

 

 

 

في المثقف اليوم