أقلام حرة

منظمة بيتا تهاجم أوباما لإقدامه على قتل ذبابة فمن يهاجم من يقتلون العراقيين بالجملة؟

الرئيس الأمريكي باراك أوباما لأنه أقدم على قتل ذبابة خلال مقابلة تلفزيونية، وقررت إرسال طرد بريدي إليه يدين فعلته. ونقلت صحيفة (دايلي تلغراف) الأسترالية عن المتحدث باسم المنظمة (بروس فريدريش) قوله: (نحن ندعم التعاطف حتى مع أكثر الحيوانات حشرية وصغراً، ونظن أن على الناس أن يعبروا عن تعاطفهم مع كل الحيوانات أينما كانوا) وعليه قررت المنظمة تقديم آلة تسمح لمستخدمها بالتقاط الذباب لإطلاقه في الخارج إلى الرئيس أوباما.

 يشار إلى انه خلال مقابلة مع محطة (سي إن بي سي) في البيت الأبيض، اعترضت ذبابة حديث أوباما مع الصحافي (جون هاروود) فقال الرئيس الأمريكي للحشرة المزعجة :اذهبي من هنا! وعندما لم تبتعد انتظرها كي تستقر في مكان ورفع يده ثم ضربها فقتلها. ثم عاد أوباما وسأل محاوره :أين كنا؟ مضيفاً: كان الأمر مؤثراً أليس كذلك؟ قتلتها.

 وقال (فريدريش) إن (بيتا) كانت مسرورة بتصويت أوباما في مجلس الشيوخ لصالح حقوق الحيوانات فهو غالباً ما عارض استغلال الحيوانات، لكن (ضرب ذبابة على التلفزيون يشير إلى انه ليس كاملاً ونحن سعداء بالقول إننا كنا نتمنى لو لم يقدم على فعلته) وقال المتحدث باسم البيت البيض (جوش إرنست): انه ليس لديه أي تعليق على الموضوع.

إن هذه الالتفاتات المشحونة بالدجل البشري المغرق بالتفاهة والغرابة تدفع الغربيين للتباكي على مقتل حيوان مؤذ، ناقل للأمراض ومزعج ومقزز ولا يتكاثر إلا في المزابل والأوساخ, وتحقق شركات صناعة مواد المكافحة الكيمياوية أرباحا تقدر بملايين الدولارات من جراء بيع المبيدات التي تقضي عليه بالجملة، وتنصح المدارس والمؤسسات الطبية الطلاب والمواطنين بتجنب وقوفه على أجسادهم وأغذيتهم، والذي يوجد منه صنف أسمه ذبابة (تسي تسي) يتسبب للأفريقيين بمرض النوم الذي يؤدي إلى كثير من حالات الوفاة. في اوقت لا يلتفتون فيه إلى مجازر ذبح البشر بالجملة في العراق وأفغانستان والصومال والشيشان وكثير من المواطن الأخرى!

فبربكم أيهما أكثر قدسية في الشرائع السماوية والقوانين والسنن والعقل والمنطق الإنسان الذي عده الإسلام خليفة الله في أرضه وعدته النظم الوضعية أغلى رأسمال ووضعت الأمم المتحدة له ما يعرف بلائحة حقوق الإنسان.الإنسان صانع الحياة والحضارة والعلوم .الإنسان أجمل مخلوقات الله وأعذبها صوتا ورائحة وسلوكا وصورة وكيانا وشكلا، أم حيوان قذر ناقل للأمراض شكله مقزز وطنينه مزعج وكل ما يقدر عليه هو نقل الأمراض الفتاكة للإنسان والحيوانات الأخرى؟

ومن يستحق من هذه المنظمات أن تقف بجانبه الإنسان العراقي المحروم من كل الخدمات أم الذبابة ؟ ولماذا لم نسمع عن وجود منظمات تدافع عن حقوق العراقيين في الحياة مثلا؟

وهل أن الدفاع عن الذباب سيحقق سعادة البشرية، أم الدفاع عن العراقي المذبوح على قارعة الطرقات؟

سؤال نضعه أمام هؤلاء الذبابيين عسى أن يذكرهم بأصلهم الإنساني الذي باتوا يفتقدونه منذ أن قدسوا الذبابة، أم أنهم يريدون من وراء عملهم المستهجن هذا التأكيد على حيوانيتهم التي دفعتهم لغزو العراق لقتل وتشريد وتهجير العراقيين منذ ست سنوات بدم بارد

وهل سيأتي اليوم الذي نسمع فيه عن تأسيس منظمة (أناس من أجل المعاملة الأخلاقية للبشر) أو (أناس من أجل المعاملة الأخلاقية للعراقيين)؟

 وهل سنسمع في القريب العاجل عن تأسيس منظمة حتى لو كانت من جزر الواق واق لتقول للرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي تصول قواته وتجول في أرض الرافدين وأفغانستان وترتكب أبشع الجرائم ضد أهلها الأبرياء (إننا كنا نتمنى لو لم يقدم على فعلته)؟

أم أن قيمهم مجرد شعارات بلهاء لا يربطها بالحقيقة رابط وأن حقيقة ما يحدث أو يصدر عنهم تؤكد يوما بعد آخر أن نموذج (أناس من أجل المعاملة الأخلاقية للحيوانات) (بيتا) هو النموذج البشري الامثل الذي نجحت الحضارة الإنسانية الغربية في تقديمه للكون وهو الذي سيحقق لهم حلم العولمة والقرن الأوحد؟

 ألا يعني ذلك أن عولمتهم التي يناضلون لإقرارها  مجرد عولمة ذبابية فيها الكثير من القرب من الحيوانية، والبعد عن الإنسانية ما دامت تهمل الإنسان أكمل المخلوقات وأعظمها وأكثرها قدرة على فهم الحياة، وتسعى لتسييد الحيوانات الحشرية مثل الذباب؟

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1165 الجمعة 11/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم