تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

خسارة "الإخوان السوريين"

وأنهم مَن اجتمعت "الأمة" على اعتدالهم ومَن يريد أن يتحدث معهم عليه أن يتوضأ قبل أن ينبس ببنت شفة، لأنهم "الأنقى"

 و"الأرقى" و"الأتقى".

إلى الآن لم يقتنع الرأي العام بطبيعة بيانهم التضامني مع غزة، التي ومن دون مزايدة، الكل تضامن معها بلا استثناء، بمن فيهم نشطاء السلام الإسرائيليين، فالكثير من المراقبين والمحللين اعتبروا أن بيانهم، ما هو إلا البداية الأولى نحو تحقيق خطوتين متزامنتين في أن معاً .

الخطوة الأولى تمثلت في خروجهم من جبهة الخلاص الوطني، سعياً من النظام السوري إلى إضعاف قوى المعارضة التي استطاعت رغم ظروفها القاهرة، أن تثبت نفسها في الخريطة السياسية الداخلية والخارجية بعدة وسائل، لا يتسع بنا المجال لذكرها، وأما الخطوة الثانية وقد تكشفت خيوطها مؤخراً كما توقع بعض المراقبين للشأن السوري، رغم النفي الإخواني لها منذ لحظة انطلاقها، ونشير هنا إلى الوساطة التي كثرت التكهنات حول الجهة الراعية لها، فمرة قطر، وتارة تركيا، وبينهما إيران، وبين هذا وذاك، يعود الإخوان للتذكير ببيانهم الذي لا ينفصل جملة وتفصيلاً عن بيان التنظيم العالمي " للإخوان المسلمين"، الذي اصطف ولا زال خلف خطوط محور "الممانعة" والتعطيل الإقليمي، محور دمشق - طهران ومستحقاته الإقليمية، من حيث يدرون أو لا يدرون .

والسؤال الآن، ماذا تحقق " للإخوان" من هاتين الخطوتين؟ الواقع لم يتحقق منهما أي شيء سوى ما تردد إلى أسماعنا، أن وزير أوقاف النظام السوري، رد على وساطة الجار التركي، بأن نظامه لا يتصالح مع حركة إرهابية وتكفيرية، ويقصد بذلك "الإخوان السوريين" ، وبناء على هذا الرد المدوي، ما هو موقف الإخوان الآن، وعلى أي خريطة سيحطون رحالهم، هل يعودون أدراجهم إلى صفوف المعارضة السورية، أم أنهم سيبقون على تضامنهم مع غزة؟ والأهم لنا أن نسأل، ألم يستفيدوا من تجارب الوساطات السابقة، وما آلت إليه حينها طواحين الهواء مع النظام ؟.

قبل عدة أشهر من كتابة هذه السطور، شرعنا بالتعليق الصحافي على موضوع البيان، فاتُهِمنا حينها بأننا غير موضوعيين ومنحازين لطرف من المعارضة على حساب طرف آخر، ووصل الأمر إلى حد التحقير، وقد نتهم الآن بالشماتة، لكن تحليل الوقائع شيء والتخمين شيء آخر، فالتحليل في أساسه عقلاني، والتخمين مثيولوجي، وبالاستناد إلى التحليل، لا يمكننا سوى القول، إن النظام السوري نجح ومنذ اللحظة التي رحب فيها وزير خارجيته وليد المعلم على شاشة الجزيرة بانسحاب "الإخوان" من ساحة العمل المعارض، في ابتزازهم واستدراجهم عبر عروض الوساطة إلى منتصف الطريق وتركهم لوحدهم وسط الساحة السياسية، فلا هم قادرون على العودة إلى سورية ؛ لاستحالة الوساطة مع النظام، ولا هم عائدون إلى المعارضة بعدما تركوها في ليلة ظلماء، ظناً وتخميناً أن الطريق إلى سورية يمر عبر بوابة غزة .

في هذا المقام، لا يستطيع أحد أن يزايد على معارضة "الإخوان السوريين" للنظام، بغض النظر عن وسائل وأدوات معارضتهم القديمة والجديدة، لكن مَن يريد القفز من شجرة إلى أخرى ومن بناء إلى آخر، عليه أن ينظر أولاً إلى ما دونه، حتى إذا ما سقط أن يكون سقوطه رحيماً .

كاتب عربي

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1165 الجمعة 11/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم