أقلام حرة

رشيد الخيون والوجه الآخر!!!

متفتح وسلاسة فيها الكثير من النزاهة والترفع على حالات الشد الفئوي حتى أعجبت به وبما جاء به وأخذت أتابع كتبه ومواضيعه المنشورة في المواقع الالكترونية والصحف المحلية والعربية وأطلع على طريقة تناوله للمواضيع الدينية أو مواضيع الساعة. إلى أن بدأ بالكتابة عن بعض المواضيع التاريخية وربطها بالمستجدات العراقية ونشر هذه الكتابات على بعض المواقع الالكترونية المعروفة بتوجهاتها حيث تضمنت مواضيعه بعض الأفكار المتطرفة الغريبة البعيدة عن نهجه القديم، حيث كانت النعرة الطائفية بادية فيها بشكل جلي، والانحيازية ظاهرة فيها بشكل أجلى.

ولكني صدمت مؤخرا وأنا أكتشف أن له أكثر من وجه وأكثر من قناع، وأن هالته الحلوة البادية للناس مجرد أكذوبة أوحى بها القناع الذي حاول بواسطته تغطية حقيقته، وأنه لا يختلف كثيرا عن جوقة المهرجين الذين ينطحون كل ما يقف قبالتهم دون تمييز بين حق أو باطل لمجرد إشباع نزواتهم التدميرية التخريبية والتلذذ بعذابات الآخرين ولوعاتهم، أو سعيا لإرضاء أطراف معينة أو بحثا عمن يدفع أكثر و أدسم!

ففي يوم 26/8/2009 نشرت جريدة الاتحاد الإماراتية مقالا للخيون بعنوان (الأربعاء الدامي.. أَتهم المحاصصة! ) بدا فيه وكأنه أحد المهرجين الذين يمتطون صهوات المواقع التخريبية والإرهابية والإباحية  من حيث تكلمه بنفس لغتهم واستخدامه نفس جملهم ووصوله إلى نفس تحليلاتهم الساذجة السطحية التافهة

وقد نصب الخيون في هذا المقال نفسه حكما وقاضيا وخصما لكل ما له علاقة بالحكومة العراقية القائمة أو بالكتل الشيعية على وجه الخصوص فتطرق في بداية مقالته لتوضيح المقصودين بهذا المقال كما في قوله:  (لا تعتقدون أننا نوجه الاتهام لأحد، بقدر ما نوجهه لمسار الدولة وفداحة توجهها الطائفي!) لكي يبريء ساحة السياسيين الطائفيين الحقيقيين من جرائمهم الإرهابية التي يندى لها جبين الشرف والإنسانية، ويتهم الحكومة العراقية وحدها بالطائفية. في وقت يعلم فيه ألقاصي والداني من هو الطائفي الحقيقي في العراق، وما هي الأعمال التي ترجمت توجهه الطائفي وضد من أوقعها وما هي نتائجها وإلى أين أوصلت بلدنا الجريح بعد أن حاولت جره أكثر من مرة إلى حرب أهلية من أشهرها وأقواها أثرا جريمة تفجير مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء!

ثم عرج على جريمة مصرف الزوية النكراء ولكن من جهة أخرى حيث قال: (نفذت جريمة البنك من قبل حماية نائب رئيس الجمهورية، وهي التابعة للقوات الحكومية. لكن تلك القوات نشأت، مثلما يقر القادة السياسيون، من الميليشيات السابقة، ومنظمة "بدر" واحدة منها، بل الأهم من بينها) وهو بهذا القول الساذج يتهم القادة السياسيين العراقيين بأنهم يقولون أن منظمة بدر وميليشيا جيش الإمام المهدي هي أصل القوات الأمنية التي يرفض أن يسميها باسمها الصريح ويطلق عليها اسم (القوات الحكومية) وكأنها مخصصة لحماية الحكومة ورجالها ولا شغل لها بالشعب ربما لأن رجال الصحوات الذين تخلوا عن الإرهاب مؤقتا وتحولوا بصحوة ضمير مفاجئة إلى حماة الأمة هم بنظره الحماة الحقيقيين للشعب المظلوم وإنهم أكثر إخلاصا للعراق من قواته الأمنية التي يدعي الخيون أنها تتألف من أفراد منظمة بدر وجيش الإمام المهدي!

 وعاد بعد ذلك ليؤكد اتهاماته للأجهزة الأمنية فقال: (لكن المسئولين المتحاصصين لم يراجعوا أنفسهم، وهم يعلمون أن الجيش والشرطة تكونا من ميليشيات سابقة، احترفت عمل العصابات، وتغذت بالكراهية، وكانت تفضل في جهادها إيران على العراق، وسرت في دواخلها ثقافة التحزب والطائفية، كان عندها دخول الجيش الإيراني مدينة الفاو نصراً، لأن عقيدتها أن اجتياح إيران للعراق هو نصرها، وبه ستتسلم السلطة). وهي الاتهامات نفسها التي يوجهها الطائفيون للقوات الأمنية البطلة بعد أن تغلبت في أكثر من واقعة عليهم وهزمتهم شر هزيمة. غافلين عن حقيقة يعرفها ألقاصي والداني وهي أن هذه القوات تضم أفرادا من كل مكونات الشعب العراقي وقادتها ضباط من خيرة أفراد الجيش العراقي الباسل الذين أثبتوا ولائهم ونزاهتهم وحرصهم على العراق فتم إسناد قيادة هذه القوات لهم.

 وعاد ثالثة ليؤكد اتهاماته فقال: (إن حلَّ الجيش العراقي، والقوى الأمنية كافة، وبناءها من جديد على أساس الميليشيات، هو السبب وراء الأربعاء الدامي. فكم معتمر عِمامة وضع على كتفيه سيوفاً متقاطعة وتيجاناً ونجوماً! وكم فاشل في الدراسة تبوأ منصباً قيادياً في الجيش والشرطة! وكم من ضابط محترف قُتل لأنه شارك في الحرب مع إيران، حتى رئيس الجمهورية نفسه أعلن عن استعداده لإيواء المهددين بالقتل من الطيارين وكبار الضباط) وهو بذلك يفضح حقيقة معتقداته التي تتساوق مع معتقدات الطائفيين الحقيقيين في العراق الذين هالهم أن يروا العمامة العراقية تبدع وتقود وتبني وهالهم أن تكتسح القوات الأمنية خطوطهم الدفاعية التي عولوا عليها في مقاومة التغيير دفاعا عن الحكم الطائفي الذي قاد العراق في دروب الحروب والدمار لأكثر من ثلاثة عقود. وهنا لا يسعنا إلا تحديه بأن يذكر أسم معتمر عمامة واحد لبس البزة العسكرية ووضع على كتفه السيوف كما يدعي!

بعدها تفرغ الخيون للطعن بالوزراء والمسئولين، وأهم ما وجهه من الطعن أنصب على الوزارات الشيعية تحديدا (من حق وزير، ليس في قلبه عاطفة على العراق، أتت به المحاصصة لا مؤهله العلمي والمهني وزيراً، الثناء على المحاصصة والسعي إليها، وإن كان فيها تدمير البلاد! وإن مستشاراً سياسياً وعسكرياً وثقافياً لرئاسة الحكومة بمؤهل مذهبي وحزبي لا يقود البلاد إلا لمثل تلك الكوارث، وكيف بأمر المالية والتربية والتعليم والصناعة والزراعة والتجارة والنِفط، وسفراء لا يميزون بين الجامع والسفارة!)

كما حاول خلط الأوراق وزرع الفتنة بين وزارتي المالية والداخلية وتطاول بشكل مهين على وزارة المالية تحديدا حاله حال كل الإرهابيين الذين يكنون لوزيرها البطل العداوة يوم مرغ أنوفهم في الوحل عندما كان وزيرا للداخلية فقال: (ما الذي أخرس وزارة الداخلية عن إعلان الحقائق للناس، والقتلى ثمانية، فجعت بهم أمهات، ورُملت زوجات، وتيتم لهم أطفال!)

ثم عاد ليقول أن القوات الأمنية العراقية تتحرك وفق أوامر المسئولين عن الميليشيات التي جاءوا منها فقال: (فالذين يريدون أن تبقى البلاد منكوبة ومفتوحة لمحاصصتهم لا يتأخرون عن تحريك الجنود والضباط في الجيش والشرطة لفعل أو تواطؤ مع القتلة. بمغزى القول: لا تحميكم سوى طائفتكم، سوى رؤوس طائفتكم من الحزبيين)

ثم عاد ليتجاهل بالكامل الدور الحقير للمجرم القذر المنحط ألزرقاوي الأردني ويسمي شخصا آخر اسمه (أبو درع) بالزرقاوي الشيعي! فقال: (أين ذهب الجُناة الرئيسيون إذن، ولماذا سُترت أسماؤهم. قالت المصادر: ذهبوا إلى إيران. ولا ننس أن زرقاوي الشيعة أبا درع، وفي رقبته دماء أبرياء غزيرة، ما زال يقطن إيران) ناسيا أو متناس أن زرقاوي الشيعة خلقته معاناة الشيعة والحرق والدمار والموت والذبح الذي طالهم من قبل الطائفيين الحقيقيين على مدى عدة سنوات، وأن الإجرام يدفع للإجرام! وإنه إذا ما هرب بعض المجرمين الشيعة من يد العدالة فإن أعداد الإرهابيين الذباحين الهاربين من يد العدالة تفوق هؤلاء بأضعاف مضاعفة، ولكن هذا لا يعني أن هروبهم سيدوم إلى الأبد

ومن حقنا أن نسأل الخيون عمن يمكن أن يجنيه الشعب العراقي في هذا الظرف العصيب من مقالته المنحازة هذه؟ وماذا يقدم هذا المقال وأمثاله للعراق والعراقيين في محنتهم؟ وإذا كان حملة الدرجات العلمية العالية الذين تربوا وحصلوا على درجاتهم العلمية في دول الغرب وطبعوا كتبهم فيها يكتبون يفكرون ويتصرفون بمثل هذا الأسلوب التافه المتلون المنحاز خدمة لجيوبهم على حساب وطنيتهم وعراقيتهم هل يبقى لمن يلعن الإرهاب من عذر؟

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1166 السبت 12/09/2009)

 

في المثقف اليوم