أقلام حرة

نحن حقا بحاجة إلى الإيمان لحل مشاكلنا

واقعيتنا فقدنا الشعور بأهميتها منذ زمن طويل فلم يعد إيماننا بعقيدتنا فاعلا أو إيماننا بوطنيتنا مؤثرا أو إيماننا بإنسانيتنا موجودا بل حتى إيماننا بأنفسنا تعرض لهزات كثيرة أوهت أسسه وخلخلت أركانه حتى آل للسقوط أو أوشك.

عدم إيماننا بحقيقتنا دفعنا لنتقاتل ،ليذبح بعضنا بعضا، ليهجر بعضنا بعضا، لأن لا يعترف أحدنا بالآخر وبحقه في المواطنة والحياة والعقيدة والوجود.

عدم إيماننا بحقيقتنا دفعنا لأن نستعين بالآخرين على أبناء جلدتنا وأهلنا وصور لنا الفئة كأعلى مقدس في الوجود وتجاهل كل الفئات الأخرى بل قرر عدم الاعتراف بوجودها.

وما أوصلنا لما نحن عليه اليوم هو استخفافنا بإيماننا وعدم اعتقادنا اليقيني به في الوقت الذي لا يمكن للنفس أن تنتصر على شرورها وعلى أعدائها إلا إذا آمنت بحقيقتها، ولا شيء في الوجود أكثر ترجمة لمعنى الحقيقة من الإيمان، الإيمان العميق الصادق الحقيقي النابع من الصميم والوجدان والمفعم باليقينية الصادقة. هذا الإيمان الذي نجهل حقيقته أو نتجاهلها عن قصد وتعمد بكبرياء زائفة تدل على الجهل والاعتباطية. وهو الجهل الذي قادنا إلى المجهول وخلق لنا كل المصائب التي أثقلت كاهلنا، وهو الذي دفع فضلائنا ومفكرينا وعلمائنا ليبحثوا عن حلول لمشاكلنا التي باتت تتفاقم يوميا بشكل مطرد وجنوني ، ودفعهم ليجربوا كل الطرق المعروفة والحيل قديمها وجديدها ، وهو الذي أفشل مساعيهم فلم يفلحوا بإيجاد الحل لأبسط ما نعاني منه لأنهم مثلنا أغفلوا حقيقة مهمة، بل أغفلوا أهم الحقائق ألا وهو الإيمان.

فنحن لا يمكن أن ننتصر على أنفسنا وعلى أعدائنا بالطبخات الجاهزة والنظريات الفكرية فقط، بل نحن لا يمكن أن ننتصر إلا إذا آمنا وحولنا إيماننا إلى منهج يقود حياتنا ويحاكم سلوكنا.

ومتى ما عرف المرء حقيقة الإيمان ممكن أن يعرف حقائق أسرار الكون وحقيقة نفسه والآخر.

لذا أجد أننا لسنا بحاجة إلى دورات وخبراء ومتخصصين لحل مشاكلنا فذلك كله يعجز عن حلها  نحن نحتاج للإيمان فقط ومتى آمنا سنجد الحلول أمامنا مباشرة جاهزة للتطبيق.بل إن مشاكلنا ستحل نفسها بنفسها بسحر الإيمان وفعله.

لكن هل من الممكن أن ننتقل من التيه والضياع إلى الإيمان بيسر دونما معرقلات أم أن الأمر يحتاج إلى الجهد والقدرة والصبر؟

أعتقد أن إيماننا بإنسانيتنا وعراقيتنا، وبإخوتنا ووطنيتنا  إيمانا حقيقيا لا مواربة ولا دجل أو غش أو كذب فيه ممكن أن يقودنا لحقيقة الإيمان وجوهر الحقيقة. أما إذا بقينا نعمل بالمناهج القديمة الموروثة أو بدافع الضغوط المستحدثة الجديدة ، أو بفعل مطالب الآخرين ورغباتهم وتوجيهاتهم فنحن في الحقيقة نبني جدرانا عالية بيننا وبين الإيمان، ونغلق كل المنافذ التي يحتمل أنها قد تحل مشاكلنا من خلال النفاذ منها.

إن أكثر ما نحتاجه هو الإيمان والإيمان وحده، ولكن هل لنا قدرة مواجهة مخاوفنا وأنفسنا ورغباتنا لكي نؤمن؟

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1172 الجمعة 18/09/2009)

 

 

في المثقف اليوم