أقلام حرة

الوحدة الوطنية ام محاربة الاختلافات

والحصار المتعدد الانواع التي كانت مفروضا عليه داخليا وخارجيا او بتوفير الارضية المناسبة لبروز كل تلك الاختلافات بعد سقوط الدكتاتورية، وهذا هو اكثر ايجابيات التغيير لحد اليوم كما نلمسها، وكان لابد ان يُستغل كاحد مقومات الحياة الحرة التقدمية ومن اهم المباديء الاساسية لتطبيق الديموقراطية الحقيقية الناشئة في هذه المنطقة المعقدة التركيب.

منذ مدة ونسمع اراءا ومواقف عديدة وبعناوين واسماء او بالاحرى الحجج المختلفة، حول تصحيح الاوضاع وتقييم الحال، وتطرح الحلول استنادا على مفاهيم التي مرعليها الوقت ونفذ تاريخ بعض منها ويعاد مراراو تكرارا، من مثيل الوحدة الوطنية والمصالح العليا ووحدة الصف، وهذا ما يوضح ان الغرض ليس الوحدة وسلامة العراق وما يُعلن على الملا، وانما لاهداف سياسية اخرى بعيدة عن المصالح العامة باي شكل من الاشكال . الملاحظ ان الجهات العديدة تعمل بتكتيكات يومية وللاستهلاك الداخلي وبنيٌة غير صافية ومخيفة محاولة تحريك الجهات القريبة منها والمقابلة وانشغالها عن الاهم وباسم المفاهيم المعلنة، وهذا ما يؤدي الى تضييق مساحة الاختلافات والتعددية التي تثمر ما هو الاصح في كل معادلة وبتفاعلاتها الصحية.

من المعلوم ان الوحدة والاتحاد ليس بامر شمولي او امر فوقي او انفراد او طرح راي وموقف واحد، بل هي عملية متكاملة الاجزاء ومترامية الاطراف ونابعة من مسيرة التاريخ والجغرافية المعلومة والمستويات الثقافية والاجتماعية والسياسية والوعي العام للشعب الذي يحافظ عليها، وبرز المفهوم عمليا منذ نشوء المجتمعات والجماعات تارخيا وكانت بارادة الجهات نفسها استنادا على الحاجات الضرورية وفق المصالح العامة التي اعتقدوا بانها تضمن لهم وحدتهم وقوتهم العددية وتاثيراتهم . وكانت النتيجة احتكار ارادة الفرد وتبعيته للاشخاص المهيمنة سوى كانت اجتماعية او حزبية فيما بعد او من في السلطة او شخصية متنفذة، واكثر الارتباطات مفروضة فوقيا ويُحاسب كل من يعترض عليه بطرق مختلفة حسب الظروف والواقع ونوع الحكم .

اما في العراق اليوم الذي نسمع ونرى هذه الادعائات الكثيرة سوى لترويج الحملات الانتخابية كانت او لاحتكار السلطات، انه نابع من الخطاب السلطوي الاستعلائي الذي يهدف الى قتل الاختلافات وتعدد الاراء التي هي سمة العصرو الحداثة، ومحاولة عقيمة لاعادة التاريخ لنفسه، وضربة قاضمة ان تحققت المرامي لكسر احد اهم الركائز الاساسية والمباديء العامة للديموقراطية الحقيقية وحيوية الشعب.

من خلال قرائتنا للواقع العراقي الجديد وسماته، يتبين لدينا امورا ايجابية يمكن الاعتماد عليها في التحليلات ومنها ترسيخ واقع لا يمكن كبت الاراء ومنع طرح المواقف فيه الا بصعوبة، وبه لا يمكن ان نتوقع احتمال عودة الشمولية في التفكير والتصرف من قبل السلطة والفرد او المجتمع، اننا انتقلنا الى مرحلة لا يمكن العودة عنها، ولم تفد اي تضليل او انتهازية في الاخلاقيات والتصرف من اجل المصالح الضيقة،و هي بادرة من اي كان صفته وموقعه. والعصر الجديد لا يتحمل فرض احادية التوجه في السياسة والعمل في كافة المجالات، بينما الواقع يحتاج الى تنظيم وترتيب العلاقات وتحديد المسؤوليات والواجبات بشكل اصح وتقوية الوعي العام في سبيل التقييم الصحيح للاوضاع وتشخيص السلبيات وايجاد الحلول للمشاكل العالقة، وبالاعتماد على التعددية الصحية تتوسع الافاق وتنفتح العقليات وتُضمن الوحدة الوطنية طوعية باسترضاء وقناعة جميع المكونات، وترتفع مستوى احساس الفرد بالمواطنة والابتعاد عن الاغتراب، والاختلافات تقلل من نسبة ومساحة الخلافات بشرط الحذر والوعي في التوجه والعمل من اجل عدم الانزلاق .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1185 الخميس 01/10/2009)

 

 

في المثقف اليوم