أقلام حرة

ممنوعٌ الدخول / امين يونس

 إنزّعجَ من تصرفات السياسيين الأمريكيين، المُنهمكين في الحملة الإنتخابية، وإستاءَ من الجلبة التي يُحدثونها !.

ولأننا هنا في العراق، من جنوبه الى شماله .. لسنا فقط مُنزعجين من سياسيينا، ولا مُستائين فحسب من قادة الكُتل والأحزاب .. بل أننا مُحبَطونَ من أفعالهم، يائسون من إمكانية إصلاحهم، متذمرونَ من عدم تطبيق الوعود التي يطلقونها، حزينون من جراء ضياع حقوقنا، مقهورون بسبب النهب والسلب الذي يُمارسونه .. فمن الضروري ان نلجأ الى اسلوبٍ مُشابه، لِما قامَ بهِ صاحب المطعم الامريكي .. ونستفيد من طريقتهِ في إبداء رأيهِ ورفضه لهذهِ الطبقة !...

ولأن العراق ليسَ مطعماً، لكي نكتب عليهِ قطعة مكتوب عليها : ممنوع دخول الشَرِهين، ممنوع الدخول على الذين لايشبعونَ أبداً .. ولا مزرعةً، لانسمح، بدخول الخنازير والثعالب إليها .. بل ان العراق، هذهِ الأرض التي هي شُبه وطن ... نعم، لم اُخطئ، لكني تعمدتُ قول [ شُبْه وطن ]، لأنني وبصراحةٍ، ومنذ سنوات، لم اعُد أشعر، ذاك الشعور الملئ بالفَخر والإنتماء الى هذه الرُقعة البديعة .. العراق . فحتى منتصف السبعينيات، كنتُ مُستعداً للتضحية بحياتي، في سبيل " الوطن "، كُنتُ أشعر بأنه يخُصني، وكُنتُ اُمارس الإنتماء إليه عملياً ... كانتْ " فكرة " الوطن، شيئاً يستحق التضحية من أجله ... لكن العقود الثلاثة الماضية، بِما حفلتْ بهِ من احداث مُرّوعة، كان أبطالها " سياسيون " يّدعون الوطنية ويتشدقون بالشعارات الكبيرة الجوفاء، ومُورِسَ العُنف بمختلف أشكاله، واُشْعِلَت الحرائق المُدمِرة، التي كُنا نحنُ وقودها وحطبها ...نجحتْ هذهِ العقود،  في إنتزاع كُل ما هو جميل من أنفسنا، وشّوهتْ القِيم النبيلة عندنا .. وحاولتْ قتل الأملَ فينا، وأمتهَنَتْ كراماتنا،  ففقدنا البوصلة تدريجياً، ولم نَعُد قادرين على التمييز الصحيح، بين الغث والسمين، ولا على التفريق بين المُخلصين الشُرفاء وشُذاذ الآفاق المُغامرين ... ولقد أثبَتْنا خلال السنوات التسعة الماضية، باننا راوحنا في مكاننا طويلاً، فسَبَقتْنا الشعوب والاُمم .. وبقَينا أسرى الأفكار المتخلفة وقشور الدين والإنتماءات الفرعية البلهاء ... بحيث أننا صّدقنا طروحات السياسيين الجُدد بعد 2003، وتبعناهُم الى حيث يريدون هُم، في إنتخابات 2005 .. وإكتشفنا بعد ذلك، عدم جدارتهم وأكاذيبهم وفسادهم، بِكُل جلاء ... ولكن لأننا غير مؤَهلين كما يبدو ولا نمتلك الوعي الكافي، فلقد كّررْنا ذلك في إنتخابات مجالس المحافظات، وكذلك في إنتخابات 2009 ... حتى غرقنا اليوم، في مستنقع الأزمات المتفاقمة والمتصاعدة ...

إذن كيف نستطيع معاقبة هذه الطبقة الفاسدة، التي إذاقَتْنا مُر العذاب طيلة هذه السنوات ؟ ماالعمل ؟ .. أعتقد بأننا بحاجة الى عصيانٍ مدني ضدهم وضد سياساتهم الرعناء الفاسدة ... والى مُقاطعة هذه الأحزاب كلها بدون إستثناء .. فجميعهم مُشاركون في عمليات النهب المُنّظم والفساد والمافيات المتنوعة، بدرجةٍ او بأخرى ... علينا ان نكتب إعلانات واضحة، على مدخل مجلس النواب الجديد : ممنوع دخول السياسيين الحمقى، ممنوع دخول أنصاف الأميين، ممنوع دخول الفاسدين والإنتهازيين والمتعاونين مع الإرهاب ..

هل ستسفر الإجتماعات الحالية بين الكُتل السياسية، عن خارطة طريق لحل الأزمات المستفحلة ؟ أكاد اجزم بأن ذلك لن يحدث .. إلا إذا، تصاعدَ الضغط الشعبي، على الطبقة السياسية، كُلها، بحيث " تجبرهم " على التعقل والإلتفات الى مصلحة البلد العُليا .. وللأسف أرى ان ذلك الضغط الشعبي الضروري، لاتبدو إحتمالات بزوغه في الأُفق القريب !.

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :208 السبت 21 / 01 / 2012)

 

 

في المثقف اليوم