أقلام حرة

مّرة واحدة كُل شَهْرَين / امين يونس

.. فأجاب ص.آ على الفور: الحقيقة، ان أوضاع قسمي السفلي، تشبه أوضاع مُستلمي معونة الرعاية الإجتماعية !. فسألهُ: كيف وما هو الرابط؟ قال ص . آ : أنهم يستلمون الراتب كُل شهرَين .. مرةً واحدة فقط ! " .

أقول هذا بمناسبة الحديث عن ميزانية العراق للسنة الجارية 2012 .. تلك الميزانية الإنفجارية " حيث اننا في العراق تعودنا منذ سنين على كلمة : إنفجار وجميع مشتقاتها !" .. الميزانية التي من المُفتَرَض ان تتجاوز ال 115 مليار دولار .

 حتى في السنوات التي يُسميها البعض " الذهبية " من تأريخ العراق الحديث، من 1976ولغاية 1979، حين إرتفعتْ أسعار النفط بعد حرب تشرين، وهدأت المعارك في كردستان الى حدٍ ما، ولم تكن هنالك حروب مع دول الجوار في تلك السنوات الأربع ولا حصار دولي ولا عقوبات ... كانتْ ميزانية الدولة، لاتتجاوز بضعة مليارات من الدنانير العراقية، والتي كانتْ تُعادل آنذاك حوالي أربعة أضعافها من الدولارات الامريكية .. في تلك السنوات القليلة، شهدَ العراق عموماً وبغداد خصوصاً، الكثير من التطور في مختلف المجالات " قبل ان يتصاعد جنون صدام ويبدأ في تدمير كُل شئ " ... حيث كان الكويتيون والاماراتيون، يأتون الى البصرة وبغداد .. للتفرج على البنايات والحدائق والجسور والكازينوهات .. كانوا مثل القُروي الذي يزور مدينةً كبيرة، فينبهِر !!. ألف حسرة تنتابنا اليوم حين نرى مُدن الملح في دبي والحجاز والجهراء .. تسبقنا كثيراً وتتعالى علينا ! ... لا نحسدهم على ما هُم فيهِ .. لكن نُعاتب أنفسنا ونُدين قادتنا وساستنا، على ما وصلنا إليهِ .

عموماً ... مع إفتقارنا الى إحصائيات مضبوطة، حول عدد القابعين تحت خط الفقر حسب مقاييس الامم المتحدة .. وكذلك عدد العاطلين عن العمل كلياً او جزئياً، وأعداد الاميين، والمحرومين من الرعاية الصحية، والتعليم، والسكن اللائق، والخدمات الاساسية ... فأننا لانُبالغ إذا قُلنا، ان أكثر من نصف الشعب العراقي يندرج تحت جميع أو بعض هذه الفقرات أعلاه ... وهذه الإحتياجات التي يفتقر اليها الناس، هي من الأسباب المُهمة لإنتشار الفساد بأنواعه، والإرهاب، والأمراض الإجتماعية الاخرى .. كُل هذا من ناحية، ومن ناحية اُخرى .. هي مؤشر على الفشل الذريع للحكومات طيلة السنوات الثمانية الماضية، وإخفاقها في حل المشاكل، وإستهتارها بمصالح الشعب، وغرقها في مستنقع الفساد !.

إذ كيف يجوز، ان يتقاضى المشمول بالرعاية الإجتماعية [ في العراق ذو الميزانية الإنفجارية التي تتجاوز ال 115 مليار دولار ]، أقل من مئة دولار شهرياً .. والمُصيبة ..لايستلمها كُل شهر، بل في الشهرَين مرةً واحدة ... مثل كفاءة القسم السفلي لصاحبنا " ص . آ " أعلاه !.

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2011 الثلاثاء 24 / 01 / 2012)

 

 

في المثقف اليوم