أقلام حرة

لا .. لقتلِ النساء بدوافع الشرَف / امين يونس

تحت شعار [لا لقتل النساء بدوافع الشرف / متابعة تنفيذ القانون رقم 14 لسنة 2002] . وكنتُ أحد المُشاركين في المؤتمر، وأدناه بعض الملاحظات العامة :

- المؤتمر هو لطرح ومناقشة، نتيجة جهود إستغرقتْ ثمانية أشهُر إعتباراً من 1/5/2011، قامتْ بها منظمة الحقوق المدنية في اقليم كردستان، بالتعاون والتنسيق مع المعهد الديمقراطي الوطني .. وكانَ فريق العمل، بقيادة الناشطة " سيبل صديق " مع مجموعة من المحامين اللامعين " محمد حسن عمر " و" دلمان أحمد " و" سعيد مصطو " و" رزكار بشير " و" مسلم عبدالله "، حيث أجروا خلال مراحل المشروع الأربعة، إستبيانات عديدة، شملتْ "700" شخص من الشرائح الاجتماعية المختلفة، وزيارات ميدانية كثيرة الى السجون واللقاءات مع المحكومين، ومراكز الشرطة والمحاكم ومركز مناهضة العنف الاسري والرعاية الاجتماعية والدوائر الحكومية الاخرى ذات العلاقة .

- نظراً لأهمية الموضوع الذي عُقِد المؤتمر من اجلهِ .. فلقد وُجِهتْ الدعوات الى أكثر من سبعين شخصية، من المُختصين والمهتمين، من النساء وأساتذة الجامعة ومُدراء الدوائر المعنية والمحامين والصحفيين وناشطي المجتمع المدني ... ولقد تأكدتُ من الجهات القائمة على المؤتمر، ان الدعوات اُرسلتْ قبل أيام عديدة من تأريخ الإنعقاد ... ولكن للأسف الشديد، كان الحضور الفعلي، أقل من نصف عدد المَدعوين ! ... ناهيك عن التأخُر " التقليدي " عن المواعيد المُقررة، حتى ان أحد المُحاضرين لم يحضر في اليوم الأول .

 ينبغي الوقوف بجدِية أمام، هذه " الظاهرة " الخطيرة، والتي أعتبرها خللاً من الضروري مُعالجته، فمن الشائع هنا ضعف وقلة حضور المدعوين الى حلقات النقاش او المؤتمرات الرصينة ... فحين تكون [النُخبة المُفترضة] غير آبهة لتلبية دعوة تبحث في موضوعٍ مهم للغاية مثل قتل النساء .. ولا حتى الإعتذار عن عدم الحضور .. فأن ذلك مؤشرٌ على قلة الوعي والإنحدار القيمي .

أخبرني أحد الحاضرين، أنه عندما دعا بعضاً من المحامين الشباب .. قالوا له بِكُل وضوح : ماذا [سنستفيد] من الحضور، هل سيدفعون لنا شيئاً ؟! .. أردفَ آخر : لو ان الدعوة وُجِهتْ لحضور حفلة غناء لمطربٍ فاشل، رُبما كانوا سيحضرون ! . نحنُ في حاجة الى الإرتقاء بثقافتنا ووعينا الإجتماعي، والإقتناع التدريجي، بجدوى العمل الطوعي والإهتمام بالشأن العام والمساهمة في النقاشات وإيجاد الحلول، لمشاكلنا الاجتماعية والسياسية .

- عضوة البرلمان " بيان احمد " قرأتْ مشروع قانون الحَد من العنف ضد المرأة، بعدها جرتْ مناقشات مُستفيضة حوله، كان الطابع الغالب فيها ... إنتقاد البرلمان الكردستاني حول عدم مواكبته، لإحتياجات المجتمع وتأخره في سن القوانين الضرورية . كان حضور السيدة البرلمانية، ونقاشها المثمر وتحملها للنقد، بداية واعدة . بعدها قّدمَ الحاكم " مصطفى المُختار " ورقة عمل بعنوان (قتل المرأة بدافع الشرف، شَرعاً وقانوناً) .. جرتْ مناقشات جيدة، وكان المُحاضِر يميل الى ان الإسلام هو الحل المناسب لهذه الظاهرة، وقال بأن الشرع الاسلامي لايُبيح قتل النساء، بل حتى تهمة الزنا، بحاجة الى توفر شروط في غاية الصعوبة، حتى تثبت . المُدعي العام " يوسف رمضان " قدمَ ورقة عمل بعنوان (العنف .. الأسباب والحلول) .. المناقشات أغنَتْ الموضوع، متجاوزةً العنف ضد المرأة، الى العنف بصورةٍ عامة .

- في اليوم الثاني، تأخرت فقرة الدكتور الرائد " سامي جلال "، لقلة الحضور والإنتظار لأكثر من نصف ساعة، ل " حين إكتمال النِصاب ! " .. ورقة العمل كانتْ موسومة (عرض لنتائج حالات العنف ضد المرأة في دهوك للعام 2011) .. ولأنه مُدير مُتابعة العُنف ضد المرأة في محافظة دهوك، وأستاذ جامعي في نفس الوقت .. فلقد إتسعتْ النقاشات، لتأخذ مديات أبعد، تخللتها معلومات كثيرة مُفيدة في مجالات متشعبة .. لاسيما وان أسلوب المحاضر، كان شَيِقاً وسلساً . في الفقرة الأخيرة، كانتْ ورقة الدكتور " إسماعيل بامرني " تحت عنوان (العنف ضد المرأة من المنظور الشرعي) .. حقاً كانتْ مناقشات ممتازة بين الدكتور والحاضرين .

- بصورةٍ عامة .. كان المؤتمر جيداً والأساتذة الذين قدموا أوراق العمل، كانوا ذو مستوى رفيع، والحضور النوعي المتميز للمرأة، والمداخلات الرصينة التي جرتْ .. أرى من الضروري ان تُطبَع أوراق العمل والمناقشات، في كُراس وتوزيعه على المهتمين، لكي تَعُم الفائدة .

.........................

لقطات :

- قالتْ عضوة البرلمان، ان مشروع القانون الذي قُدِمَ الى البرلمان، كانَ مَحل إعتراضات كثيرة من رجال الدين، ولكن حين دعيناهم الى المجلس، وتم تبادل النقاشات المستفيضة والآراء، توصلنا الى صيغٍ مقبولة من الجميع .

- الحاكم " مصطفى المختار "، قال سبق وأن قدمنا "13" مُقترحاً لتعديل [قانون مجلس القضاء الأعلى] .. ووعدنا حينها السيد رئيس الأقليم، بالإستجابة الى طلباتنا .. وها قد مَرتْ خمسة سنوات، ولا زال القضاء غير مُستقِل !.

- إنتقدَ الحُكام والمحامون، التباطؤ الكبير في بناء المحاكم في المحافظة عموماً ومركز دهوك خصوصاً ... وعدم ملائمة البناية الحالية، لتحمل الزخم الكبير من المراجعين، وتشعب الإختصاصات .. في حين يتم الإسراع في بناء دوائر ضخمة، غير ذات أهمية، ذات كُلَف كبيرة !.

- الاستاذ الجامعي والناشط المعروف، الدكتور " كاميران البرواري "، إنتقد وسائل الإعلام عموماً، والمحطات الفضائية الكردستانية خصوصاً، لإبتعاد " معظمها " عن الاصالة المحلية، وتوجهها الى القيم الإستهلاكية الغربية، التي تُشّوِه الذوق العام .

- في مقارنة بين العامين 2010 و2011، حول جرائم العنف ضد المرأة في محافظة دهوك، كانت كما يلي : في 2010 – القتل (10) / الإنتحار (15) / الحرق (85) / العنف الجنسي (19) / الشكاوي (594)، المجموع : "723". في حين في سنة 2011 – القتل (6) / الإنتحار (10) / الحرق (85) / العنف الجنسي (14) / الشكاوي (656)، المجموع : "771" . نستنتج من ذلك، ان عدد الشكاوي إزداد في 2011، وذلك مؤشرٌ جيد، على ان تفهُم المواطن ولا سيما النساء، قد إزداد، لِدَور القانون ومراكز مناهضة العنف .. إضافة الى إنخفاض نسبة الجرائم مقارنة بعام 2010 .. ويعزو الدكتور الرائد " سامي جلال "، احد الاسباب في ذلك، الى التعديل الذي أجراه برلمان اقليم كردستان، على نَص المادة 409 .

- إتضحَ من المناقشات التي تخللتْ المؤتمر، ان القانون العراقي بجانبه المتعلق بالعنف ضد المرأة والعقوبات المتعلقة بذلك، مُتقّدمٌ على قوانين الدول المجاورة، وان المُشّرِع العراقي، " والكردستاني الذي هو جزء من العراقي "، أخذ بنظر الإعتبار، كافة الجوانب التي تُنصِف المرأة قَدر الإمكان .. وكدليلٍ على ذلك : ان القانون الاردني لازال حتى اليوم، يعتبر الأعذار [ مثل التلبُس في حالة الخيانة الوزجية ]، سبباً كافياً لل [الإعفاء] كُلياً من عقوبة جريمة القتل ! .. وكانتْ القوانين في لبنان شبيهة بالأردن، لغاية 1999، حيث جرى تعديل على القانون حسب المادة 561، فأصبح بالتالي مُشابهاً للقانون العراقي الصادر منذ 1969! . القانون العراقي الحالي الخاص بالعنف ضد المرأة وجرائم قتل المرأة بدواعي الشرف، المعمول بهِ في العراق عموماً، هو أفضَل حتى من القانون السوري والمصري .

- إستنتاجي العام، حول المؤتمر، هو : ان العنف المُمارس ضد المراة في مجتمعنا الكردستاني عامةً، وفي محافظة دهوك خاصةً، وجرائم قتل النساء بدوافع الشرف ...مَرَدها الأعظم، هو [العادات والتقاليد] البالية، وإنتشار الأمية وقلة الوعي المجتمعي، والتأثر بثقافة التصحر الفكري، القادم مع التيارات المنغلقة والمتشددة، وتقاعس الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، في النهوض بواجب التنمية البشرية المُستدامة، وتوفير أرضيات وقوانين مناسبة وتوفير ميزانيات مُلائمة، للحَد من هذه السلوكيات المُدانة الغريبة عن مجتمعنا .

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2012 الاربعاء 25 / 01 / 2012)

 

في المثقف اليوم