أقلام حرة

البرلمانيون والشُقَق الفاخرة / امين يونس

نعم ثُلث أعضاء البرلمان الكردستاني  من الكتل المُختلفة  ورغم خلافاتهم في كثير من الامور " والتي ينبغي ان يتفقوا بشأنها من أجل الصالح العام " .. فانهم توافقوا  على طلبٍ فردي أناني  يَنُمُ عن الجشع والطمع والرغبة في التملك وجمع المال ... مُبتعدين مسافة كبيرة  عن هموم المواطنين  والأزمات الجدية التي يمُر بها الأقليم . صحيح ان رئاسة البرلمان  رفضتْ طلبهم وإلتزمتْ بالقانون الذي ينص على ان هذه الشُقق هي ملكٌ للبرلمان  وان الإقامة فيها وقتية  تنتهي بإنتهاء الدَورة ... إلا ان مُجّرد طلب هؤلاء السبعة والثلاثين  لهكذا طلب  مع معرفتهم التامة  بعدم شرعيتهِ  مؤشرٌ خطير على ضُعف الشعور الوطني لديهم  وإستهانتهم بالجماهير التي من المُفتَرَض انهم يمثلونهم ... وكيف ان القضية  إفتضحَتْ ؟ .. بعد إعلان ثلاثة نواب  إنسحابهم من قائمة " كوران " او التغيير  وبقائهم في المجلس بإعتبارهم مُستقلين ! .. حيث ظهرَ [بعد ذلك] زعيم حركة كوران " نوشيروان مصطفى " في الإعلام  لِيُعلن ان أربعة نواب من كتلته  قد ضعفوا أمام إغراءات المال والإمتيازات  وفشلوا في التمثيل الحقيقي لجماهير حركة التغيير  ولهذا قررتْ الحركة إبعادهم عنها  وطالبَ المحكمة العُليا  بالموافقة على إقالة هؤلاء النواب  حيث ستقوم الحركة بتقديم بدائل عنهم ! . لو ان نوشيروان مصطفى  كان قد اعلنَ فصل هؤلاء النواب  عن حركة كوران [قبلَ] ان يُعلنوا خروجهم عن الحركة  بِتُهمة إنحرافهم عن سياسة الحركة  لكانَ موقفه فيه الكثير من المصداقية  ويستحق الثناء .. لكن تأخره لحين إنشقاق هؤلاء الثلاثة  وّلدَ إنطباعاً  وكأن الأمر كان مُجّرد  رَدة فعل .

المأساة تكمن  في أن الذي إنتخَبَهُ الشعب  لكي " يُشّرِع القوانين " ... تنحَدِر نفسيته  الى ذاك الحضيض الذي  يسمح لنفسهِ  ب " إنتهاك القانون " ... وبدلاً من أن يكون " مُراقباً " مُخلِصاً  على الحكومة والسلطة التنفيذية  لكي لاتَحيد عن الدستور والقانون .. نراهُ يترك كُل هذه المَهام الموكَل بها .. ويلتفت فقط الى الحصول على الإمتيازات والغنائم الشخصية ... وبما اننا في اقليم كردستان  نمتلك تجربة في الإنتخابات والممارسة البرلمانية  تسبق تجربة بغداد بعد التغيير  بأكثر من عشرة سنين .. فمن الطبيعي  أننا نقلنا هذهِ (الخبرة) الى العاصمة الاتحادية ... ولكن المؤسف .. اننا أطلعناهُم على  ان أعضاء البرلمان الكردستاني  ومنذ التسعينيات  حصلوا على قطع أراضي ممتازة  وان رواتبهم عالية وإمتيازاتهم كثيرة ... فلم يتوانى مجلس النواب العراقي  عن الإسترشاد بهذه التجربة المُميزة  بل انه تفّننَ في تقديم مُختلف انواع الإمتيازات غير المعقولة للنواب ومنذ 2005 !.

هذه المُحاولة " الصغيرة " أعلاه  التي قام بها "37" عضو برلمان كردستاني  والتي إنكشفتْ  عَرَضاَ  بعد إنشقاق ثلاثة نواب عن قائمة التغيير  هي مُجرد مؤشر على ما يجري .. تُرى كَم من الأفعال غير القانونية والتصرفات اللاشرعية والتجاوزات  قام بها [ بعض] البرلمانيين  طيلة السنوات الماضية  ولا يعرف احد عنها شيئاً ؟

النواب الأربعة المنضوين تحت قائمة كوران  من ضمن ال "37" .. اُعلِنتْ أسمائهم من قِبَل حركة كوران نفسها .. لكن ال "33" الآخرين  من الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني  لم تُعرَف أسماءهم بعد !... إذا كان ثُلث أعضاء البرلمان الكردستاني .. على هذهِ الشاكلة ... فلا نستغرب كون إداء البرلمان هزيلاً ووقوفه ضد الفساد ضعيفاً .

  

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2016الثلاثاء 31 / 01 / 2012)

في المثقف اليوم