أقلام حرة

ستاذ / امين يونس

أجاب: ان ضباحه (صوت الثعلب) قوي وهو سريع الجَري . حسناً، وبكم هذا الثاني؟ قال: بعشرين دينار ! .. فسألهُ: لماذا هذا بعشرين، ماهي مواصفاته؟ أجاب: بالإضافة الى انه سريع الركض، فأنه يصل الى مناطق لايصل اليها الأول ! . وهذا الأخير، كَم سعره؟ أجاب: هذا الثعلب، بثلاثين دينار . إستغرب المُشتري، وسأله: بماذا يتميز حتى يكون بهذا السعر؟ أجاب: الحقيقة لا أعرف، ماهي مواصفاته .. لكن هذان الثعلبان، يناديانه ب: اُستاذ !! " .

الساحة السياسية العراقية، تَعُجُ اليوم، بالكثير من هذه النماذج اعلاه .. فترى ناطقاً بإسم الحزب الفلاني، " يتمَيز " بصوتٍ جهوري طّنان، وهو دائب الحركة، فمن هذه الفضائية، الى ذاك المؤتمر الصحفي، الى ندوةٍ يُحّلِل فيها الأحداث . وكذلك تشاهد مسؤولاً، بالإضافة الى إمتلاكه للصوت العالي، ونشاطه وهِمّته، فأنه يتصِف بسفراته المستمرة الى دول الجوار وعلاقاته المتشعبة مع أجهزة تلك الدول .. أما القائد، أما الزعيم .. فكُل " مواصفاته " المعروفة، لاتتعدى، كَون الاول والثاني، ينادونه: اُستاذ ! " .

نهاية الثمانينيات والتسعينيات، كان لقب " الأستاذ " في بغداد، يُعنى بهِ شخصٌ واحد لا غَير، ألا وهو عُدي صدام حسين . فهو كان " الأسطة " في كُل شئ .. نابغة في سوء الخُلق والاخلاق ! ... كيفَ لا وقد تَرّبى على يد والده الأرعَنْ، ألمَعِي في الفساد والنهب، وقد تتلمَذّ على يد جده خيرالله طلفاح . نعم، بعد ان أصبحَ الصبي عُدَي [ اُستاذ ] بغداد .. فقدتْ هذهِ الكلمة، معانيها المُحتَرَمة ومقاصدها النبيلة، كما فقدتْ هذه المدينة العريقة، رونقها وبهاءها .

واليوم .. ولأننا لم نستطِع تجاوز طبائعنا القديمة المتعفنة التي ورثناها من العقود الماضية، ولأننا فشلنا في بناء دولة المؤسسات لحد الآن، ولأننا لانحترم القانون والدستور، ولأن الفساد ينخرفينا نخراً .. فأن [معظم] القادة الأساتذة، المتنفذين، القابعين على رأس الهَرَم السياسي، من الفاو الى زاخو ... هُم على شاكلة الثعلب رقم ثلاثة ... حيث ان جُل مواهبهم وميزاتهم .. تنحصر فقط، في ان الثعالب الاخرى الأصغر منهم منزِلة، تناديهم ب: سيدي، او مولاي، أو اُستاذ !! .

 

في المثقف اليوم