أقلام حرة

مُستشارون وخُبراء / امين يونس

يُهيئون له ملفات بصورةٍ مُستمرة، لكي يكون قادراً على إتخاذ القرار، بعد مُشاورات مع مُساعديه . طبعاً الامر ينطبق، بدرجةٍ او بأخرى، على معظم الرؤساء في الدول التي تحكمها مؤسسات . علماً ان إدارة اوباما " الديمقراطية " بعد فوزها بالإنتخابات، لم تُبّدِل الغالبية العظمى، من الموظفين الذين كانوا يعملون تحت إدارة بوش " الجمهوري " .. حيث ان فَوز أي من الحِزبَين، يؤدي فقط الى تغيير، مواقع محدودة في الإدارات العُليا . بل أحياناً يُبقي الرئيس الجديد وزيراً أو اكثر من طاقم الرئيس السابق .

إذن " المُستشارين " و " الخُبراء "، يلعبونَ دوراً مهماً للغاية، في عملية الإدارة، بل هُم الذين يقومون فعلياً، بالتحليل والدراسة والإستشراف وإقتراح الحلول وتَوّقُع النتائج .. ورُبما يقوم الرئيس وبالإستشارة مع مُساعديه، بإختيار واحدٍ من الإقتراحات وجعله قراراً ... وكثيراً ما يحدث، ان يتقاطع رأي المُستشار، مع رأي الرئيس في أمرٍ من الأمور .. فإذا كان المُستشار او الخبير، مُقتنعاً من صحة طروحاته، وواثقاً منها .. فأنه ببساطة يقول ذلك بوضوح، ولا [ ُجامِل] رئيسه، تملُقاً او خوفاً او مُسايرةً !.

وذلك يعني، بدايةً .. ان [إختيار] هؤلاء المُستشارين والخبراء، عملية في منتهى الخطورة على كافة المُستويات، ويتوقف عليها أحياناً كثيرة، مع أمور اُخرى .. مصير البلد في هذا المُفتَرَق او ذاك .. إذ ينبغي ان تكون الاُسُس التي يتم بموجبها إختيار هؤلاء، صارمة من ناحية الكفاءة والنزاهة والإخلاص للدَولة .. وبعيدة تماماً، عن الولاءات الفرعية وحسابات المصالح الشخصية والحزبية .

إلا ان الذي يجري عندنا، هنا في العراق، لاعلاقة له على الأغلب، بِما وردَ أعلاه .. فطالما، إتضَحَ ان المُستشار الفلاني، شهادته مُزَورة، والمُستشار العلاني يستلم راتبه الضخم ولا يُداوم يوماً واحداً .. وآخَر لايمتلك أية خبرة في المجال الذي هو مُستشارٌ فيه .. وان الرؤساء والوزراء، يُعَينون الكثير من المُستشارين ..إستناداً على القرابة الشخصية او الإنتماء الحزبي او العشائري، فإذا كان الرئيس او الوزير، من النَوع الذي يرتضي، ان يكون له مُستشار ذات مستوى مُتدّني، ومُستعد في كل حين للمُداهنة والرياء، فأن المُستشار نفسه، لن يكون أكثر من بوقٍ ل " وَلي نِعمتِهِ "، يمتدحه ويتملقه في الإجتماعات، ويُدافع عنه في المؤتمرات الصحفية بإسلوبٍ يكون مدعاة للسُخرية عادةً .. أما النصيحة والرأي السديد وطرح الوقائع كما هي وإقتراح الحلول المُناسبة والولاء للدولة وليس للحكومة والحزب فقط ... فانها لا تعني السيد المُستشار كثيراً !.

هنا في اقليم كردستان .. وكجزءٍ من لُعبة شراء الولاءات والتأييد، مِنْ قِبَل الحزبَين الحاكمَين، فأن " المُستشار " و " الخبير "، صارَ شائعاً .. إذ هنالك الكثيرين رُتِبتْ لهم مناصب تحت هذّين العنوانَين، يستلمون رواتب كبيرة من غير القيام بأي عمل حقيقي، وبعد ذلك وإيغالاً في النفاق، تّدعي الحكومة ان عملية " الإصلاح " إستدعَتْ إحالة هؤلاء على " التقاعد "، ومن الطبيعي ان رواتبهم التقاعدية مُحترمة، فهُم مُستشارون متقاعدون ! . " حتى ان هنالك بعض " المحظوظين من اصحاب الواسطات " المقيمين في اوروبا او امريكا منذ سنين طويلة، يأتون للأقليم لبضعة أشهُر، فيستحصلون على منصب " مستشار " او " خبير "، ثم يُحالون على التقاعد، ويرجعون الى بلاد المهجر، بعد ان يكونوا ضمنَوا راتباً مُجزياً مدى الحياة، على حسابنا نحن " .

وفي الأيام الاخيرة، كشفتْ حركة كوران، عن ان بعض المُستشارين في أجهزة الأقليم التشريعية والتنفيذية، لايحملون غير شهادة الدراسة الابتدائية، وان آخرين شهاداتهم مُزّورة، وقسم آخر لايُدامون على الإطلاق .. وفوق ذلك ان الرواتب التي تُدفع من ميزانية الاقليم، الى المستشارين والخُبراء، ارقام فلكية، تتجاوز عدة مليارات من الدنانير ! .

كثر الحديث عن الإصلاحات ومحاربة الفساد .. وكثر القول ان هدر الأموال العامة بهذه الاساليب أعلاه، هو خيانة للأمانة .. فمتى سيتم تحويل الأقوال الى أفعال؟

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2028الاحد 12 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم