أقلام حرة

على هامش زيارة الحكيم الى تُركيا / امين يونس

من رئيس الجمهورية عبدالله كول الى وزير الخارجية داود أوغلو .. الى هُنا والوضع طبيعي الى حدٍ ما، ضمن مُسلسَل إنغماس تركيا في الشؤون العراقية .. حيث أنهم، اي الحكومة التركية يدعون الكثير من الشخصيات العراقية التي " يُمكن " الإستفادة منها بصورةٍ مُباشرة أو غير مُباشرة، في تنفيذ أجنداتها .

وما التغيير في مستوى التعامُل مع قادة أقليم كردستان، خلال السنوات الماضية، إلا إنعكاس للسياسة التركية الجديدة أقليمياً .. حيث إنهم كانوا يُستَقبَلون سابقاً، بإعتبارهم " زُعماء أحزاب لاغَير " .. ثم تطّوَرَ الأمر، وأُعتُبروا مسؤولين " عراقيين " .. ولكن بعدَ أن ضَمَنتْ تركيا ان حكومة أقليم كردستان، مُتعاونة بصورةٍ عامة ومُستعدة للتنسيق الاستراتيجي معها، رُبما حتى في مسألة حزب العمال الكردستاني، فأنها باتتْ تدعوهم تدريجياً بكونهم قادة أقليم كردستان العراق، وتتقَبَل فكرة وجود أقليم كردي بِمُحاذاة حدودها ... بِشرط ان يكون " مُتفهما " لهواجس تركيا من القضية الكردية داخل حدودها هي ... عموماً، ان هنالك الكثير من الإهتمامات الاقتصادية والسياسية المُشتركة، التي تستدعي وجود علاقات قوية بين تركيا وأقليم كردستان، ولكن هذه العلاقات تُعاني اليوم من عدم التوازن فيها، فالكّفة تميل بِشِدة الى جانب المصالح التركية، إذ ان الأقليم مُجّرد مُستهلِك للبضائع والمنتوجات التركية، ومَرتَع مُربِح لشرِكاتهم .

إذا كانتْ العلاقات بين تركيا، وقادة أقليم كردستان، فيها بعض المَنطِق [رَغم المآخذ حول ان المُستفيد في جانب الأقليم، على الأغلب، هي فقط بعض الشركات المحدودة، المحسوبة بِشكلٍ أو بآخر على الطبقة الحاكمة المتنفذة] ... فأن زيارة السيد " عّمار الحكيم " الى تركيا، وما تلاها من تحركات مَحلية، تستدعي، بعض المُلاحظات :

- ان تأثير السيد عمار الحكيم، على الساحة السياسية العراقية عموماً، محدود في الفترة الأخيرة، لاسِيما بعد تراجُع المجلس الاعلى الاسلامي في إنتخابات 2010 وقبلها في إنتخابات مجالس المحافظات .. وما خروج أبرز رموزه " عادل عبد المهدي " من الواجهة السياسية مُتخلياً عن منصب نائب رئيس الجمهورية، إلا أحد مظاهر نكوص الحكيم وتنظيمه السياسي ... إضافةً الى الإبتعاد التدريجي للذراع المُسّلح السابق " بدر "، عن المجلس .

- صحيح ان تركيا، تهتمُ بالعراق كله .. إلا ان تركيزها يَنصَب أكثر على بعض المناطق، مثل الموصل وكركوك . وحتى التركُمان الشيعة المتواجدون في تلعفر وكركوك، فأن تأثير السيد عّمار الحكيم، عليهم، ضعيف الى درجة كبيرة، ولا يستحق الأمر التنسيق مع شخصية لاتستطيع عمل شئ يُذكَر في تلك المناطق !.

- من اللافت للنظر، ان السيد عمار الحكيم، فَور عودتهِ من جولتهِ التركية .. قامَ بزيارة محافظة نينوى [علماً بأن الحكيم لايحمل أي صفة رسمية]، وإجتمع مُطّولاً مع المحافظ " أثيل النُجيفي "، ثم مع مجلس محافظة نينوى " بقسمهِ الذي لايَضُم التحالف الكردستاني " .. ومن هناك دعا (قائمة نينوى المتآخية) الى إنهاء مُقاطعتها لمجلس محافظة نينوى، والعودة لممارسة مهامهم !.

- على إفتراض ان قائمة نينوى المتآخية، رجعتْ فعلاً الى مجلس المحافظة، فأنها بالتأكيد لن تكون كُتلة " مُعارضة "، بل بمقاعدها ال 12 او 13، تستحق على الأقل، منصب نائب المُحافظ او رئيس مجلس المحافظة .. وهنا، إذا حصلَ ذلك، ستختلط الأوراق، وينبغي فَك التحالفات السابقة، بين " عراقيون " أثيل النجيفي، و " العدالة والإصلاح " عبدالله حميدي الياور الشمري، الذي قريبهُ هو نائب المُحافظ ! . فإلياور، لن يرضى عن طيب خاطر، بالتنازُل عن المنصب، للكُرد .. وفي هذه الحالة، ينبغي عقد تحالف جديد، بين أثيل النجيفي وقائمة نينوى المتآخية ورُبما الحزب الاسلامي العراقي .. وفي هذه الحالة، أما سيتجه الشّمر بمقاعدهم ال 11 الى " المُعارضة " داخل المجلس، أو يبقون مع شعورهم بالتهميش ! . المُعادلة صعبة ... فإرضاء الجميع شُبه مُستحيل .. والكُل لايمتلكون فضيلة البقاء كمُعارَضة إيجابية، تُراقِب وتُقّوِم ..

إذا كان جزء من مهمة السيد عمار الحكيم، هو مُعالجة هذا الملَف المُعّقد .. فأعتقد انه لم يفلَح كثيراً لِحَد الآن، والدليل على ذلك، انه لم يجتمع مع الطرف الآخر من المُعادَلة، أي قائمة نينوى المتآخية !.

- من الطبيعي، ان " أثيل النجيفي " ليسَ بحاجة الى وساطة او توصية، يحملها السيد عمار الحكيم من الحكومة التركية .. فالرَجُل اي النُجيفي، لايجعل الأتراك يشتاقون إليهِ، فلا يكاد يمُر شهر، دون تواجده في اسطنبول او انقرة او غازي عنتاب، بمُناسبة او بدونها .. بحيث ان الشارع الموصللي، يُلّمِح الى انه يستلم نصف راتبه من أنقرة لأنه يُداوم أسبوعَين في الشهر هناك !... وبعض الخُبثاء ينصحون النُجيفي، بتقليل زياراته الى تركيا، وجعل " طارق الهاشمي " عبرة لهُ .. فزيارات الهاشمي الكثيفة الى تركيا، إنتهتْ بهِ طريداً للعدالة !.

- رُبما، الأتراك نصحوا السيد الحكيم، بإعادة ترتيب أوراقه، وحَزم أمره والخروج كُلياً من التحالف الوطني، والتخلُص من قَيد المالكي وحزب الدعوة والتيار الصدري .. والتوجه الى قسمٍ من القائمة العراقية .. وجَعل موضوعة [الأقاليم] أرضية مُشتركة مُناسبة للإتفاق على سياسة واحدة في المرحلة المُقبِلة .. فأسامة وأثيل النُجيفيين، سيؤيدان فيدرالية او اقليم البصرة او الجنوب، والسيد عمار الحكيم ومَنْ يُواليه من الشيعة، سيؤيدون أقليم او أقاليم السُنة .. وذلك كله مُناسب للطموحات التركية، وبالتالي الامريكية !.

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2032 الخميس 16 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم