أقلام حرة

دعم الميليشيات المسلحة / مصطفى الأدهم

 

حررت ليبيا من ديكتاتورية الجماهيرية. أصبحت "جمهورية". لكن، هذا التحرير مشوه. عاهته الميليشيات المسلحة.

نعم، كان لها دورها الإيجابي في تحرير ليبيا من سجن القذافي المؤبد. لكن، لا يجوز للمحرر أن يجلس محل السجان، بعد قتله الأخير. عندها يكون حاميها حراميها.

 

معلوم، أن ليبيا اليوم محكومة من قبل تحالف ميليشيات - تتقاسم الظل والضوء. أي منها الظاهر على المشهد السياسي ومنها القابع خلف الكواليس. كلاهما حاكم، ومشارك ومؤثر في الحكم. كيف ولماذا سنأتي عليها.

 

الكيف، جوابها في أن الميليشيات الليبية تسيطر بشكل فعلي وفعال على مثلث القوة - الجغرافية (الأرض). المال. والسلاح - عليه، يولد جواب ال "لماذا" - في المعادلة التي يمكن صياغتها بالشكل التالي "من يملك مثلث القوة، يتحكم بمصادرها. ومن يملك ويتحكم بمصادر القوة يؤثر بشكل فعال في القرار السياسي وعملية اتخاذه".

بما أن الميليشيات الليبية تملك مثلث القوة. عليه، تؤثر في القرار السياسي وعملية صناعته. والأدلة على ذلك كثيرة، منها عدم امتثال هذه الميليشيات إلى القرارات السياسية الصادرة من المجلس الوطني الإنتقالي، المكتب التنفيذي المنحل، والحكومة الحالية و وزاراتها بخصوص نزع سلاحها والعودة إلى الحياة الاعتيادية. وانصاعت السلطة السياسية الى "حقائق" الواقع.

نعم، استجابت أطراف، لكنها قليلة وصغيرة لا تملك مثلث القوة. ومن لم يستجب أما أنه يملك مثلث القوة أو ما ينقصه هو أحد أضلاعه، ما يمنحه امكانية المناورة على أمل الحصول على الضلع الثالث. والدليل الثاني؛ هو رضوخ المجلس الوطني الإنتقالي إلى املاءات الميليشيات في أكثر من مناسبة ومكان. 

 

القاعدة الثانية، تقول: "السيطرة الميليشياوية، تقوض هيبة الدولة، وسلطة القانون، وتقضي رويدا رويدا على المدنية". في الحالة الليبية، أغلب الميليشيات ذات خلفية اسلامية متطرفة، أقرب ما تكون للسلفية الوهابية. مع وجود خلفية قبائلية ومناطقية بارزة.

من هنا، فأن أسباب التناحر بين هذه الميليشيات تتجاوز في بعض الأحيان التناحر على أضلاع مثلث القوة، داخلة في صور تناحر قبلي ومناطقي وحتى أيدلوجي.. وكله ضد نوعي للمدنية ويقوض سلطة الدولة. 

 

كل هذا يحصل على مرأى ومسمع من وسائل الإعلام العربية، والإقليمية والدولية. وبعضها يعمل على طمس الحقيقة من خلال اهمالها أو تشويهها بالتبرير والتزوير. بعد أن كانت ومازالت تحارب العراق الجديد وقواته المسلحة واجهزته الأمنية التي تحارب الإرهاب، بوصفها أجهزة "ميليشياوية"! - في الوقت الذي هي (وسائل الإعلام هذه ومن ورائها حكوماتها) تغض الطرف عن الميليشيات الليبية "الحليفة والصديقة" بما يعد دعما واسنادا لها، كي تحصل كل حكومة من خلال حلفائها على موقع مؤثر في الشأن الليبي. 

 

أنها صورة بشعة أخرى، من معرض انحياز الإعلام العربي، مرسومة بريشة طائفية موتورة تجاه العراق الجديد، فتحل لغيره ما تحرمه عليه.. و"الضرورات" طائفية. 

 

مصطفى الأدهم

19.02.2012 

 

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2036 الأثنين 20 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم